«أدب الأطفال» في مؤتمر لمجمع اللغة العربية بالناصرة

تاريخ التعديل
6 سنوات شهران
«أدب الأطفال» في مؤتمر لمجمع اللغة العربية بالناصرة

نظم مجمع اللغة العربية في مدينة الناصرة بالأراضي الفلسطينية المحتلة، خلال الأيام الماضية، مؤتمرا عن أدب الأطفال المحلي والعربي، بمشاركة عدد من أعضاء المجمع، ونخبة من الكتاب المهتمين.
وجرت وقائع المؤتمر  الذي أقيم بعنوان «أدب الأطفال: الرؤية وتحديات الواقع» في جلستين، خصصت الأولى لتقديم محاضرات متخصصة، بينما كانت الثانية عبارة عن لقاء حواري مع الأدباء المشاركين.
وفي الكلمة الافتتاحية، شدد رئيس المجمع الأستاذ الدكتور محمود غنايم على الحاجة الماسّة لعقد مؤتمرات في مجال أدب الأطفال، إضافة إلى كتابة أبحاث أكاديمية عن ذلك، كما لفت إلى ضرورة بناء مدونة للمفردات التي ينبغي للطفل معرفتها باللغة العربية، لتشكل أساسا في الكتابة للأطفال بشكل عام.
بعد ذلك، عقدت الجلسة الأولى التي ترأسها رئيس لجنة الأبحاث والنشر في المجمع، الدكتور حسين حمزة، وشارك فيها كل من: الأستاذة الدكتورة إليانور صايغ حدّاد، الدكتور رافع يحيى، الباحث سهيل عيساوي، والباحثة سلوى علينات.
وتحت عنوان «اللّغة في أدب الأطفال المحلي: هدف أم وسيلة؟»، أوضحت الدكتورة اليانور حداد، أن الإطار الفكري لهذه الورقة يتمحور حول نقطتين أساسيتين، هما «دور المعالجة الأوتوماتيكية للغة في الفهم، في ظل القدرات الذهنية المحدودة للإنسان بشكل عام، وللطفل بشكل خاص، والازدواجية في اللغة العربية والبعد اللغوي بين لغة الطفل المحكية ولغة الكتاب المعياريّة أو الفصحى، وبخاصة على مستوى الكلمة.
كما عرضت نتائج دراسات نفسية لغوية حديثة تظهر مدى البعد المفردي بين لغة الطفل ولغة الكتاب، والصعوبات التي يواجهها الطفل في تمثيل الكلمة المعيارية في ذاكرته، وفي نشلها من الذاكرة، وهو ما من شأنه أن يعرقل عملية الفهم للنص المقروء والمسموع؛ ومن ثم يؤدي إلى إطفاء شعلة الحماس لدى الطفل فتضعف رغبته بالاستماع إلى النصوص أو قراءتها، وقد يصل ذلك إلى حد قتل الرغبة لديه في التعامل مع هذه اللغة.
 ثم قدمت أمثلة من أدب الأطفال العربي بهدف إبراز ولاء الأديب للغة الفصحى وبديعها بدلا من الاهتمام بالطفل وقدراته اللغوية والإدراكية.

المحاضرة الثانية
وتمحورت المحاضرة الثانية حول «النهايات المغايرة في قصص الأطفال»، وشارك فيها كل من: عضو هيئة التدريس في الكلية العربية بحيفا الدكتور رافع يحيىى، والباحث المهتم بأدب الأطفال سهيل عيساوي.
وهدفت المحاضرة إلى دراسة النهايات كما تظهر في قصص الأطفال، بسبب تأثيرها الكبير على نفسية الأطفال، وذلك من خلال سؤالين أساسيين: هل يجب أن تكون النهاية سعيدة دائما؟ وما الدور الذي يؤديه أدب الأطفال في العالم العربي وعلاقته بنهايات القصص؟
ولتحقيق ذلك الهدف تناولت المحاضرة نماذج مختلفة لنهايات جاءت في قصص الأطفال، منها السعيد ومنها غيره، وبينت أبعاد هذه النهايات المغايرة ودلالاتها.
واختتمت الجلسة الأولى بدراسة عنوانها «مرآة للمجتمع: محطات في تطور أدب الأطفال الفلسطيني»، قدمتها المحاضرة في الجامعة المفتوحة الباحثة  سلوى علينات، مشيرة إلى أن أدب الأطفال نص سياسي واجتماعي وثقافي، يمكن من خلاله فهم تركيبة المجتمع وقيمه وأفكاره والصراعات الظاهرة والخفية، كما انعكست في القصص التي كتبت للأطفال.
وقالت «في قصص الأطفال التي نشرت في الضفة الغربية المحتلة، حيث عايش بعض كتاب أدب الأطفال واقعهم، حاول هؤلاء أن يعكسوا في قصصهم صراعات عاينوها على المستوى السياسي؛ فالصّراع على الأرض والحرية والوطن المسلوب كان جزءا حاضرا في كتاباتهم».
وبخصوص أدب الأطفال الفلسطيني الذي نما تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد عام 1948، أوضحت علينات أنه مر بمراحل نمو بطيئة وعانى من الرقابة العسكرية وضيق الموارد في بدايته. 
وأضافت «في الستينات من القرن الماضي نُشرَت قصص للأطفال قد عكست صراعات طبقية وطموحا للعلم ودعوة للتكافل الاجتماعي، الرّقابة الذاتية في بناء الهوية الوطنية، والقومية الفلسطينية كانت واضحة، وقد استمرت هذه الرقابة حتى الثمانينات، عندما أخذت بعض القصص بإبراز الهوية الفلسطينية ومعبرة عن ظلم السلطة، من خلال طرح قضية الواشين، وفي تسعينات القرن الماضي وسنوات الألفين نشهد زيادة ملحوظة في قصص الأطفال التي تعزز في مجملها، قيما إنسانية إيجابية، غير أنها مع ذلك تفتقر لرؤية مستقبلية واضحة المعالم للهوية الفردية والجماعية الفلسطينية».
لقاء حواري
أما الجلسة الثانية، فقد جرت عبر لقاء حواري، أداره رئيس لجنة القضايا اليومية في مجمع اللغة العربية، الدكتور محمود أبو فنة، مع مجموعة من الأدباء أسهمت في مجال الكتابة للأطفال، وهم: الكاتبة ميساء فقيه، الشاعر فاضل علي، والكاتبة ميسون أسدي.
وسلط المشاركون الضوء على الدوافع وراء كتابتهم للأطفال، وأهدافهم منها، مبينين علاقة كل ذلك بتجربتهم الحياتية الخاصة. وقد رافقت أجوبة الأدباء قراءات لمقاطع من أدبهم نالت إعجاب الحاضرين.
 في نهاية اللقاء، شارك الجمهور بطرح الأسئلة وتقديم المداخلات.