أطفالنا وثقافة الإنترنت

تاريخ التعديل
5 سنوات 4 أشهر

لا شك أن التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال مع العالم الخارجي (عبر شبكات الإنترنت) في عصرنا غزا حياتنا، وأصبح جزءًا منها، ولا نستطيع أن نغفله أو نتجاهله أو نرفضه، حتى أصبح من ضرورات حياتنا.
وإذا كنا نربي أطفالنا في ظل هذا الكم الهائل من التواصل عبر الإنترنت فكيف نتعامل معه، ونساعدهم على التعامل معه؟
فمن خلال ما نلاحظه من طريقة توجيه الأهل للأطفال في التعامل مع الإنترنت نجدهم على ثلاث فئات:
الأولى: الأهل الذين يتيحون للأطفال الفرصة الكاملة لاستخدام الإنترنت، دون تقييد وتوجيه.
الثانية: من يسمح لأطفاله باستخدام الإنترنت، بصورة منظمة مقنَّنه، موجهة، للمواقع الفعالة.
الثالثة: من يمنع أطفاله من استخدام الإنترنت منعا باتا؛ خوفا من اطلاعهم على مواقع رديئة، قد تؤثّر في سلوكهم تأثيرا سلبيا.
 وإذا كانت الغاية تحقيق الفائدة من الإنترنت في تربية أطفالنا، فما السلوك الأمثل الذي ينبغي أن يتبعه الأهل في التعامل معه؟.
و للإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن نحلل سلوك الأهل في التعامل مع هذه الحال، فإذا كان الأهل من الفئة الأولى، فإن ذلك يترتب عليه مخاطر كثيرة، فقد يعتاد الأطفال على التواصل مع المواقع الرديئة، التي تعرض المشاهد التي تتنافى مع القيم والأخلاق.
كما أن إتاحة الإنترنت أمام الأطفال دون تقييد يساهم في إضاعة وقتهم، إذا كانوا مولعين  بالمواقع التي تعرض الألعاب التي تحتاج إلى وقت طويل، فنجدهم مع الوقت يدمنون عليها، لساعات طويلة، تستنزف طاقتهم وتؤثر في صحتهم، فتقلل من ساعات نومهم، وتضعف أجسامهم، وتؤدي إلى ضعف تحصيلهم الدراسي، وبذا نجد سلوك الأهل على هذا النحو يؤدي إلى إضعاف بنيتهم الجسدية والعقلية.
وإذا كان الأهل من الفئة الثانية، فإن سلوكهم هو الأمثل لتحقيق الفائدة المرجوة من المواقع البناءة، ويوجهون أبناءهم للمواقع البناءة، كالتعليمية، والثقافية، و العلمية، والترفيهية؛ وكلها تسهم في تنمية مهاراتهم ومواهبهم، واستثمار وقتهم بما يفيد.
ولا شك أن هذا التوجيه من قبل الأهل يعمل على تنمية قدرات الأطفال العقلية والنفسية، وفي الوقت نفسه يحفظ بنيتهم الجسمية ولا يضعفها. ولا يفوتني القول: إن مشاركة الأهل للأطفال بالاستمتاع بتصفح هذه المواقع، وتشجيعهم على الاتصال بها يعزز الفائدة المرجوَّة منها، وإذا كان الأهل من الفئة الثالثة فإن تأثير ذلك على الأطفال قد يظهر على النحو الآتي:
يجد الأطفال في سلوك الأهل هذا دافعا ليبحثوا عما يخفيه الإنترنت،  فيسألوا عما تتيحه المواقع المختلفة من خلال الأصدقاء، ويسعون للبحث عن كل ما فيه، في بيوت الأصدقاء، والمراكز التي تتيح استخدام الإنترنت، وبذا يطلعون على كل ما فيه، غثه وسمينه، ويصل بهم الحال إلى حال الأطفال الذين أتاح لهم الأهل إمكانات الإنترنت دون تقييد، كما أنهم سيتواصلون مع المواقع الترفيهية، دون ضابط أو توجيه، مما يستنزف وقتهم، ويؤثر سلبا في تحصيلهم الدراسي، ويضعف بنيتهم الجسدية والنفسية.
وبذا فما مُنعوا منه من قبل الأهل في التفاعل مع الإنترنت، حصلوا عليه بوسائل أخرى، بعيدة عن سلطة الأهل ورقابتهم.
ومن هنا فإن الرأي الأمثل هو أن يسمح الأهل لأطفالهم بالاستفادة من مواقع الإنترنت، ولكن بالتوجيه المستمر؛ لما له من أثر إيجابي في بنية الأطفال الجسدية والنفسية كما أوضحت.