الشاعر: المناهج وعشوائية اختيار التخصصات وراء ضعف اللغة الإعلامية

تاريخ التعديل
6 سنوات 4 أشهر
الشاعر: المناهج وعشوائية اختيار التخصصات وراء ضعف اللغة الإعلامية

زكريا حسين

 

أرجع الأديب المصري، الدكتور صالح عبد العظيم الشاعر، الأخطاء اللغوية في الإعلام إلى أسباب منها: الضعف العام للسليقة اللغوية، وضعف نظام التعليم في الدول العربية عامة، وعدم اختيار الطلاب للتخصصات التي يدرسونها بشكل عملي مدروس، إضافة إلى أن مناهج الدراسة التي يدرسها خريجو كليات الإعلام تسهم في ترسيخ ذلك الضعف، وليس فيها ما يمكن أن يعالجه أو يحد من آثاره.

ودعا إلى تعديل مناهج كليات الإعلام، وإقرار إدخال اللغة العربية إليها بكثافة، بحيث تكون مواد اللغة في تلك الكليات إحدى معايير الجودة، كما نادى بتعديل مناهج أقسام اللغة العربية أيضا، بوضع مقررات تربط الطالب بالمجتمع وفئاته المختلفة، وتسهم في تأهيله لسوق العمل.

 

مؤثر مباشر

 وأكد الشاعر، في مقال علمي نشرته شبكة الألوكة، أن وسائل الإعلام مؤثر مباشر على لغات الناس وطريقة استعمالهم للغة، عادّا تطوير الإذاعة والصحافة لغويا من أسباب النهوض باللغة.

وعن دور الصحافة وتأثيرها في اللغة, قال الشاعر «مع تراجع أثر التعليم، وهبوط شعبية الكتاب، وسوء حال دور النشر، وانتشار ثقافة الصورة، أصبح الناس يقرؤون الصحف أكثر مما يقرؤون الكتب، وأصبح للغة الصحافة دور كبير في تغيير اللغة لدى الناس، لأن اللغة العربية اليوم لم تعد اللغة التي يعرفها الباحثون في التراث العربي القديم؛ فقد أصابها كثير من التغيير: في معجمها، وفي طريقة بناء الجملة فيها، ولم يعد تجاهل هذه التغييرات يجدي كثيرا، ولم يعد يجدي أيضا التغاضي عن المصاعب التي يعاني منها العلماء والمترجمون عندما يقصدون إلى التعبير الصحيح، وإن الأمر يقتضي جهدا كبيرا في سبيل تطويع اللغة للوفاء بحاجة هؤلاء وأولئك، وهذا يلقي عبئا كبيرا على كاهل العلماء واللغويين لتحقيق هذا الهدف».

وتطرق الشاعر إلى ما استحدثته لغة الصحافة من تراكيب وطرائق كتابية معاصرة لم يسلم بعضها من مخالفات لغوية حسب قوله، مستدركا أن  لغة الصحافة، تعد أيسر وأبعد عن التعقيد من غيرها، من ناحية المفردات والرصف اللغوي، مبينا أن أسلوبها هو الأسلوب الذي يجتمع الناس على فهمه، وعلى محاكاته حين يتكلمون أو يكتبون.

وانطلاقا مما سبق، دعا الشاعر إلى الحرص على أن تكون هذه اللغة ذات استعمال للرخص اللغوية من غير انحدار إلى تحطيم القواعد أو إلغائها، «لعلها حين تكون كذلك تصبح مدعاة إلى إقبال الناس على العربية واستعمالها وفهمها».

 

الأخطاء اللغوية

ووقف الشاعر مليا عند ما سماه الأخطاء اللغوية في الصحافة، مرجعا معظمها إلى الأسباب الآتية:

الضعف العام للسليقة اللغوية الذي لا ينجو منه إلا القليل.

ضعف نظام التعليم في الدول العربية عامة، وعدم اختيار الطلاب للتخصصات التي يدرسونها بشكل عملي مدروس.

مناهج الدراسة التي يدرسها خريجو كليات الإعلام تسهم في ترسيخ ذلك الضعف، وليس فيها ما يمكن أن يعالجه أو يحد من آثاره.

إقبال الإعلاميين عموما، والصحفيين خصوصا، على الترجمة من مصادر المعلومات الغربية، وجرأتهم على الترجمة كما يعن لهم، من غير استعانة باللغويين، وانبتات صلتهم بالجامعات ومراكز البحث، فضلا عن المجامع اللغوية وما لها من قرارات فيما يخص الترجمة، بل إن بعض العاملين في الصحافة قد لا يدرك نشاط المجامع وجهودها في مجال الترجمة.

الاستعانة بغير المتخصصين في مجال «المراجعة اللغوية» داخل الصحف، نظرا لفوضى تلك المهنة وعدم وجود ضوابط لتنظيمها.

 

مقترحات علمية

 وخلص الشاعر إلى جملة من المقترحات للنهوض باللغة الإعلامية، على النحو الآتي:

تعديل مناهج كليات الإعلام، وإقرار إدخال اللغة العربية إليها بكثافة، بحيث تكون مواد اللغة العربية في تلك الكليات إحدى معايير الجودة.

تعديل مناهج أقسام اللغة العربية أيضا، بوضع مقررات تربط الطالب بالمجتمع وفئاته المختلفة، وتسهم في تأهيله لسوق العمل، ومن المقررات المقترحة: الأخطاء اللغوية الشائعة، وقرارات مجامع اللغة العربية.

عناية الهيئات الإذاعية بتقديم عدد مكثف من البرامج التي تعنى بشؤون اللغة العربية، والحرص على جعلها على مستوى رفيع.

ربط المؤسسات الصحفية بمجامع اللغة العربية، عن طريق مكتب اتصال لغوي يتولى تعميم ما يستجد من قرارات المجامع، ويضع دورات خاصة بالصحفيين تركز على الأخطاء اللغوية الشائعة وردها إلى الصواب، وكذلك العناية بالترجمة السليمة.

تنظيم مهنة «المراجع اللغوي» وما يشابهها، وإنشاء نقابة خاصة بها؛ لتحقيق ذلك التنظيم بضوابطه المعتمدة، وحماية المهنة من الدخلاء، وحفظ الحقوق للمشتغلين بها، تشجيعا للمؤهلين وأصحاب السليقة اللغوية العاملين في ذلك المجال.

تفعيل التعاون بين أقسام اللغة العربية في الجامعات من ناحية، والهيئات الرسمية للدولة ووسائل الإعلام، عن طريق عدد من الوسائل، منها:

1) إنشاء مكتب لغوي في كل جهة من تلك الجهات، يتولى مهمة التدقيق اللغوي للمستندات الرسمية الصادرة، على غرار المكاتب الإعلامية.

2) إقامة دورات تهدف إلى تنمية الملكة اللغوية لمنسوبي تلك الجهات، من الناحية الصوتية لتنمية فصاحة اللسان، ومن الناحية الكتابية لتقليل حجم الأخطاء الإملائية والأسلوبية.

3) إنشاء لجان تختص بتدقيق اللوحات الإعلانية، والإشراف على محلات الخطاطين والرسامين والمصممين، برسوم ميسرة، بحيث تشكل تلك الرسوم موردا يموِّل ما ورد في البند (أ) والبند (ج) المذكورَين.

 

بطاقة

 

أستاذ جامعي، كاتب وشاعر.

دكتوراه في النحو والصرف والعروض, جامعة القاهرة,  2009.

ماجستير في  النحو والصرف والعروض, جامعة القاهرة, 2006.

بكالوريوس في اللغة العربية, جامعة الأزهر, 2003.

عضو حركة شعراء العالم, تشيلي, أميركا اللاتينية.

عضو الاتحاد العالمي للشعراء.

له العديد من البحوث والمؤلفات  اللغوية.

 

 

الشاعر: المناهج وعشوائية اختيار التخصصات وراء ضعف اللغة الإعلامية