بروفيسور عوض: «اليوم العالمي للإذاعة» فكرة إسبانية أقرتها الأمم المتحدة

تاريخ التعديل
6 سنوات شهران
بروفيسور عوض: «اليوم العالمي للإذاعة» فكرة إسبانية أقرتها الأمم المتحدة

تبقى الإذاعة سيدة المواقف مهما تطورت
شبكات الإعلام والفضائيات الأخرى بحكم خصائص الراديو المحببة لكل قطاعات البشر.. ويبقى يومها العالمي معلما بارزا بحكم هذا التاريخ الزاهي للراديو

 

مشهور العمري

يحتفل العالم هذه الأيام باليوم العالمي للإذاعة، والذي يصادف 13 فبراير من كل عام. وقد اختير هذا التاريخ ليتزامن مع يوم إطلاق إذاعة الأمم المتحدة عام 1946. 
وسلط أستاذ قسم الإعلام والاتصال بكلية العلوم الإنسانية بالجامعة، البروفيسور عوض إبراهيم عوض، الضوء على فكرة الاحتفال.
وقال «جاءت فكرة الاحتفال بهذا اليوم من الأكاديمية الإسبانية للإذاعة التي قدمت طلبا رسميا للمجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» في دورتها رقم 187 التي انعقدت في سبتمبر عام 2011، وأقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، فأصبح بذلك هو يوم الإذاعة العالمي الذي تحتفل به جميع وكالات الأمم المتحدة، وشركاؤها، وبرامجها، وصناديقها المنتشرة في شتى بقاع العالم. طلبت المنظمة الدولية من المحطات الإذاعية الضخمة أن تساعد المحطات الصغيرة والنامية في شتى بقاع العالم بالخبرات والدعم المادي والمعنوي لتنهض برسالتها الإذاعية».

أول تجربة لبث الصوت البشري
وأضاف «في هذه الذكرى نحيى أول من قاموا ببث الصوت البشري عبر محطة متواضعة في يوم 31 ديسمبر من عام 1906، حيث استمع بحارة السفن الراسية في أحد الموانئ الأمريكية في ذلك اليوم، لأول صوت بشري يتحدث عبر راديو متواضع وصغير الحجم.
وكان هؤلاء البحارة على مسافة بضع مئات من الأمتار من مقر تلك المحطة الإذاعية التجريبية الوليدة التي أسسها وأرسل منها ذلك البث التاريخي «ريجنالد أوبري فيسندن» في بلدة برانت روك بولاية ماساشوسيتس الأمريكية.
 وقد كان ذلك احتفالا بليلة عيد الميلاد، وقدم برنامجا قصيرا جدا احتوى على مقطوعتين موسيقيتين، وقصيدة شعرية، ثم ختمها بحديث قصير للتهنئة، ثم ودع الجمهور بقوله «دمتم على خير». كانت تلك أول إذاعة في تاريخ البشرية». 

أول محطة إذاعية
وأردف «نحيي أيضا أول محطة إذاعية منتظمة في العالم وهي أيضا نشأت في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أقامها المـهندس الأمريكي الشاب «فرانك كونراد» Frank Conrad في أواخر عام 1920، عندما حصل على الترخيص بحكم أنه شخص مؤهل ويمتلك مقومات العمل، وظل يجري العديد من الاختبارات اللاسلكية لسنوات طويلة داخل مصنع يتبع لشركة وستنجهاوس Westinghous للإلكترونيات  والاتصالات في مدينة بتسبورج بولاية بنسلفانيا Pennsylvania.
وكانت المحطة متواضعة في حجمها وقوة إرسالها وبرامجها، واعتمدت على بعض الموسيقى ونتائج الألعاب الرياضية. ولكنها استقطبت رغم تواضعها أعداداً كبيرةً من المسـتمعين مما أغـرى أحد أصحاب المحلات التجارية في الولاية بعرض «أجهزة استقبال» Radios للبيع مقابل عشرة دولارات للجهاز.
ولعب الأمريكي «ديفيد سارنوف» David Sarnoff دورا مهما في جعل البرامج الإذاعية عملا تجاريا مربحا منذ ذلك التاريخ». 

انتشار المحطات الإذاعية
وواصل البروفسور عوض قائلا «أصدرت الحكومة الأمريكية «قانون الإذاعة» Radio Act في عام 1927، الذي أقر أن تكون للحكومة سلطة تنظيم البث الإذاعي كخدمة شعبية عامة.
وكان ذلك القانون هو البداية الحقيقية لتنظيم العمل الإذاعي ليس في أمريكا وحدها؛ وإنما في كل بقاع العالم، وبعد فترة وجيزة من تلك التجارب الناجحة انتشرت المحطات الإذاعية في كثير من الدول، فشهدت بريطانيا بداية أول برنامج إذاعي في عام 1922.
وفي نفس العام بدأ راديو فرنسا بث برامجه من محطة إرسال ببرج إيفل الشهير، ثم لحقتها ألمانيا بإقامة محطة إذاعية عام 1923.
وبعد عام واحد كانت كل دول أوروبا الغربية والشرقية بلا استثناء قد أدخلت محطات إذاعية في بلدانها.
وبحلول عام 1925م صار في العالم حوالي 600 محطة إذاعية، وخلال 10 سنوات فقط تضاعف ذلك العدد، حيث دخلت الخدمة الإذاعية في معظم الدول المهتمة بالتصنيع التقني واستيراد الأدوات الحديثة.
وتنوعت أجهزة استقبال الراديو التي ساعدت على التقاط هذه المحطات. وبحلول الألفية الثالثة أكدت دراسات اليونسكو أن الإذاعة قد دخلت كل بلاد العالم، وأنه أصبح بمقدور كل فرد على وجه الأرض أن يمتلك جهاز راديو بعد أن دفعت الشركات بكميات هائلة منها إلى الأسواق في أشكال مختلفة وبأسعار متباينة مكنت حتى الأطفال من اقتناء الأجهزة التي يريدونها».

موجات قصيرة وأخرى متوسطة
واسترسل «بعد أن كانت الإذاعات تستخدم نظام الموجات القصيرة SW في بداياتها تخلت عن ذلك تدريجيا بإدخال نظام الموجات المتوسطة MW وموجات التشكيل الترددي FM الذي ابتكره في عام 1939، أديسون آرمسترونج، ثم نظام التقنية الرقمية Digital الذي وفر نسبة هائلة من الطاقة وسهل عملية الالتقاط، حتى جاء في نهايات عام 2017 المنصرم، نظام حديقة الراديو Radio Garden الذي اعتمد على تقنية «غوغل» Google التي مكنت كل إنسان أن يستمع عبر هاتفه النقال لأي إذاعة يرغبها في العالم مهما ضعف إرسالها أو صغر حجمها من خلال الدوائر الخضراء على خارطة الكرة الأرضية طوال ساعات اليوم.

العالم العربي والإذاعة
وعن الإذاعة في العالم العربي، قال البروفيسور عوض إبراهيم عوض، «شهد عالمنا العربي تدفقا هائلا للبرامج الإذاعية عبر السنوات، حيث  أدخل العرب المحطات الإذاعية في بلادهم منذ وقت مبكر جدا، بدأ بعام 1925 في الجزائر، وتبعها في نفس العام بعض جماعات الهواة في العاصمة المصرية القاهرة وأنشأوا محطات إذاعية صغيرة سرعان ما أوقفتها الحكومة لتفسح المجال لأول محطة رسمية تتبع للدولة في عام 1934.
وبعد فترة  قصيرة انتشرت الإذاعات في بقية البلدان العربية، فبدأ الإرسال في المغرب عام 1928، وفي تونس عام 1935، والعراق عام 1936، والسودان عام 1940، وسوريا عام 1941، والأردن عام 1948، والسعودية عام 1949، والكويت عام 1951، وقطر عام 1968، وأبو ظبي عام 1969، وعُمَانْ عام1970.

الإذاعة في السعودية
وأضاف «ظلت محطات الإذاعة في المملكة العربية السعودية في ازدياد عبر السنوات مستخدمة نظامي الـ AM والـ FM.
ومن أكثر المحطات الإذاعية شعبية حاليا في السعودية وتبث بنظام AM، إذاعة البرنامج العام، وإذاعة البرنامج الثاني، وإذاعة القرآن الكريم، وإذاعة البرنامج الأوربي، وإذاعة نداء الإسلام.
أما في المحطات التي تبث على نظام FM، فقد برزت «MBC FM»، و «روتانا FM»، و «U FM».
وعموما تبقى الإذاعة سيدة المواقف مهما تطورت شبكات الإعلام والفضائيات الأخرى بحكم خصائص الراديو المحببة لكل قطاعات البشر، ويبقى يومها العالمي معلما بارزا بحكم هذا التاريخ الزاهي للراديو».