الحورية*

تاريخ التعديل
6 سنوات 3 أشهر
الحورية*

شعر أ. د. عوض آل غرم القرني


كم فقيهٍ من الهوى يتعامى 
وسفيهٍ إلى التُّقى يتسامى 
كم بصيرٍ يهيم في  كلٍّ  فجٍّ
وضريرٍ على الفجاج أقاما
وطروبٍ لثغر ميساء روميةٍ
اعتاد في لماها الحطاما
قد هواها وظن أن هواها
لا تحامى ولا استحل حراما
كلما لاذ بالفجور انتصارًا
لم يزده الفجور إلا انهزاما
لو رآها وحولها عربيّاتُ
الثغور الحسان كنّ التماما
كنّ شتى فجمّع الله منهنَّ     
جمالا وعِزَّةً واحتشاما
صرن بعد الشتات وجهًا وشيًّا
قرشيًّا ترى عليه الغماما
وغدونَ الحطيم والحِجْر والبئـرَ
ومن البيت ركنه والمقاما
ليس في الكون  كالعروبة روحًا
ولسانًا ورقةً وابتساما
إن ما بيننا وبين لماها
مثل ما بين نحلةٍ والخزامى
حيث صرنا على البنان خضابًا
وعلى الثغر حُوةً أو لثاما
إن ثغرًا يُستمطر الشهد منه
كان يومًا للمتقين إماما
وشهيدًا وشاهدًا لرجالٍ
حين مرّوا باللغو مرّوا كراما
وإذا المنصفون لانوا لها أو
كابر الجاهلون قالوا سلاما
قد شرفنا بأن نعيش غضابًا
في رضاها أو أن نموت عظاما
فترانا على السلامة خَلفًا
وترانا لدى الحِمام أماما
عَلَّمَ اللهُ آدمَ النطقَ منها
حين ألقى في روعه الإلهاما
لغة الجنة التي وعد اللهُ
بها المتقين وعدًا لزاما
لغة الأرض والسماء تسامت
وبنت في الخلود مجدًا تسامى
وجميع اللغات تَنْشُد مجدًا
لم تنله حقيقةً أو مناما
هي بين اللغات شمس إذا ما
أشرقت مزّق الضياء الظلاما
خصّها الله بالصلاة وبالذكرِ
وبالوحي والهدى إحكاما
وارتضاها لمصطفاه النبيِّ الـمجتـبى
واصطفى لها الإسلاما
لغة تعبد الملائكةُ اللهَ بها
الدهرَ سُجَّدًا وقياما
إن في الأرض والسماء لها رغـم الأعادي ومكرهم أرحاما
شرّف الله قدرها بكتابٍ
عربيّ إلى السماء ترامى
فترقّتْ إلى العلوّ بوحيٍ
وتلقّتْ تحية وسلاما
لم توافق من اللغات سوى
ما باين الروحُ في تقاه الأناما
إنما حالها وحال لغات الأرض
مثل الغني بين اليتامى
من يفرِّط في برّها ورضاها
لسواها فسوف يلقى أثاما
إن أحرى بظبيةٍ بين أهليـها
الظُّباتِ السَّراةِ ألا تُضاما
وجديرٌ بالجنّ والإنس ألا
يُصبحوا لحظةً لها أخصاما
لا يضرّ الشموس يومًا  إذا  ما
كالت الخلق للضياء اتهاما
واشتداد الوطيس أحكم في منـحِ
ومنعِ الخيّالة الإقداما
كل سيف من السيوف صقيل
مرَّ فوق اللهيب حتى استقاما
كلهيب الجَنان تحت لسانٍ
كاد يومًا بأن يكون حساما
إن فوق اللسان مُحْوِلَ صيفٍ
قبل سنّ الفطام ذاق الفطاما
لا يبالي بعاذرٍ أو عذولٍ
أنّ في صدره القنا والسهاما
إنّ عذري لعاذلي أنني ما 
كنت إلا متيَّمًا مُستهاما.