علي الجبيري: العمل الإعلامي يوعيك بأهمية الالتزام بالوقت

تاريخ التعديل
سنة واحدة 7 أشهر
علي الجبيري: العمل الإعلامي يوعيك بأهمية الالتزام بالوقت

"إنّه بحكم عملي، كنت أطَّلع على الأخبار التي ترسل من الصحفيين من مناطق المملكة التابعين لصحيفة الرياض قبل نشرها، ومن دافع حبي للكتابة بدأت بدون وعي مني، في إعادة صياغة تلك الأخبار، من غير الإخلال في المعنى الرئيسي للخبر، حتى يكون الخبر كامل الأركان، واستمرّت الحال كذلك حتى كشف أمري واستدعوني لمكتب رئيس التحرير، وأخبرتهم بما فعلت، فلم يعاقبونني؛ بل اتاحوا لي فرصة العمل في "الديسك".

هذا ما قاله لآفاق مدير إدارة الإعلام بالجامعة علي غرم الجبيري من خلال الحوار التالي.

كيف كانت بدايتك في الإعلام، ماهي أهم المراحل التي مررت بها؟

منذ نعومة أظافري وأنا أعشق الكتابة، ولم أكن أخشى الوقوف أمام الآخرين، والفضل يعود لله أولًا، ثم لوالدي الذي زرع فيَّ الثقة، لأكون متحدثًا جيدًا وبفصاحة، بحكم أنّ والدي هو متخصص في اللغة العربية.

كما كنت حريص أشد الحرص أيام الدراسة، على المشاركة في الإذاعة المدرسية، التي هي من دون شك تصقل تلك المهارات مع الأيام، وبعد تخرجي في الثانوية، كان لي بعض المشاركات الإعلامية في منطقتي، على الرغم من تواضعها؛ لكنها هي التي كانت متاح أمامي حينها، لم أكن أتذمّر؛ بل كنت أمضي أجمل أوقاتي فيها، حتى اتجهت للدراسة خارج المنطقة، وتخصصت في «التقنية الإلكترونية».

لقد كانت بدايتي الإعلامية الحقيقية، في مجال الإعلام الورقي، من خلال مؤسسة اليمامة الصحفية، وبالتحديد في "صحيفة الرياض"، في المركز الرئيسي بمدينة الرياض.

هل عملت محررًا في صحيفة الرياض عقب تعيينك فيها؟

في البداية، ولأنّ تخصصي في مجال تقنية المعلومات، عملت في المجال التقني في الصحيفة، وبسب طبيعة العمل كنت أستطيع الإطلاع على الأخبار، التي ترسل من الصحفيين من مناطق المملكة، التابعين للصحيفة قبل نشرها،  ومن دافع حبي للكتابة بدأت بدون وعي مني، في إعادة صياغة تلك الأخبار من غير الإخلال في المعنى الرئيسي للخبر، حتى يكون الخبر كامل الأركان، واستمرّت الحال كذلك حتى كشف أمري واستدعوني لمكتب رئيس التحرير، وأخبرتهم بما فعلت، فلم يعاقبونني؛ بل اتاحوا لي فرصة العمل في "الديسك"، التابع للمؤسسة.

ما هو المراد بالديسك، وما هي آلية العمل فيه في صحيفة الرياض؟

المراد به: إعادة صياغة الخبر أو التقرير أو التحقيق أو الحوار؛ أي ضبط لغته حتى تكون متماسكة وصالحة للنشر الصحفي، وأقول صالحة للنشر الصحفي تحديدًا؛ لأننا قد نجد بحثًا أكاديميًا رصينًا، كتبه صاحبه بلغة عربية سليمة، يتعلم منها كل من أراد الاستزادة من فنون اللغة وبلاغتها، ولكنَّه للأسف لا يصلح للنشر صحفيًّا؛ لأنه ببساطة أعلى من اللغة التي اتفق عليها الصحفيون في مهنة الصحافة، فهذا العمل أو الوظيفة هي التي غيرت طريقة تفكيري وحياتي وجعلتني أكتشف موهبتي، الأمر الذي كان له الأثر الكبير في صقل مهاراتي التحريرية والإعلامية في حياتي الآن، ومن ذلك الوقت وأنا أشارك في كتابة الاخبار والعمل في محطات التلفزيون، في وظيفة "معدّ أخبار"، حتى جاءتني الفرص للعمل في جامعة الملك خالد بإدارة الإعلام والاتصال بالإدارة العامة للإعلام والعلاقات، وتمّ مؤخرًا تغيير المسمى إلى الإدارة العامة للاتصال المؤسسي، وتدرَّجت في الإدارة محررًا للأخبار، ثم رئيس قسم الإعلام الرقمي، حتى أصبحت مديرًا للإعلام بالجامعة .

خلال إلمامكم بالإعلام، ماهي النقاط الايجابية والسلبية فيه؟

من خلال خبرتي بالعمل في المجال الاعلام، أستطيع القول: إنّ النقاط الإيجابية ليست كثيرة للأسف؛ ولكن من يعشق هذه المهنة لن يكلّ أو يَملّ.

فمن الإيجابيات: تعلُّمك كيف تتحدث مع الآخرين، وكيف تبدأ الحديث، إضافة إلى تطور فن الكتابة الإبداعية التي ستكتسبها مع مرور الوقت، بالإضافة إلى أن العمل الإعلامي يوعيك بأهمية الالتزام بالوقت؛ لأن العمل في هذا المجال يحتاج لأن تكون مستعدًّا في كل الأوقات.

أما السلبيات: فهي مهنة المتاعب كما يطلق عليها، إنّها تأخذ منك الجهد والوقت، كما تجعلك دائم التفكير في كل ما هو جديد، ولاسيّما عندما تعمل في جامعة الملك خالد، التي لا تقبل بالعمل غير المتقن، أو المكرّر.

خلال فترة عملكم محررًا للجامعة، هل يمكن أن تصف لنا التحرير، ونقاطه، وأهميته، وهل هناك من يجيده من الطلاب؟

أولًا سأجيبك من الشق الثاني: نعم هناك مواهب تحريرية من الطلاب، تعاملنا معهم في مناسبات كبرى في الجامعة، ذهلنا ممَّا يقدمونه من أساليب في الكتابة الإبداعية، والسلاسة في العمل التحريري وفي صناعة المحتوى، ليس ذلك في الكتابة فحسب، بل حتى في مجالات إعلامية أخرى مثل «التصوير، والمونتاج، والأنفوجرافيك»؛ فقسم الإعلام بالجامعة لديه منهج أكاديمي وتدريبي ميداني متميز، ينتج لإدارة الجامعة وسوق العمل، إعلاميين أكفاء، قادرين ومتمكِّنين في العمل أكثر من غيرهم.

أما ما يخص الشق الأول من سؤالك: التحرير بمفهومه العام، هو أحد فنون الكتابة النثرية الواقعية، وهو عملية تحويل الوقائع والأحداث والآراء والخبرات، من إطار التصور الذهني والفكرة إلى لغة مكتوبة أو مرئية مفهومة للقارئ العادي، وتكمُن أهمية التحرير الصحفي في جعل النص الصحفي يتناسب مع المساحة المحددة، من خلال تبسيط وتوضيح وتصحيح لغة النص الصحفي، وتوضيح معاني النص الصحفي وإحيائها، ومراجعة النص الصحفي من أجل التأكد من الموضوعية المنطقية.

هل التحرير مهارة يمكن أن تكتسب أم موهبة؟ وكيف يكون ذلك؟

أولًا لنشرح ما معنى مهارة، وكذلك الموهبة؟

المهارة: في بداية الأمر هي قدرة الشخص وخبرته في أداء مهمّة معيّنة، حيث تأتي هذه القدرة من خلال التعلّم الممنهج، والممارسة والتمرين المستمرّين، إنها باختصار نتيجة المثابرة وبذل الجهد للتحسّن والتطوّر في مجال معيّن.

أمّا الموهبة: فهي القدرة الخاصة على القيام بأمر ما، التي يمتلكها الفرد فطريًا، من غير أي تمرين أو تدريب، إنها شيء تبرع في القيام به من غير جهد أو عناء يذكر، إنّها تولد مع الشخص.

لذلك أرى أن التحرير هو مهارة أكثر منه موهبة؛ لأنّ الجميع يعرف أن يكتب بشكل من الأشكال، ولكن الفرق فيما بينهم يكون في جودة الكتابة، ومستوى تأثيرها، وصحتها من جهة القواعد النحوية، فكل ذلك يأتي بالاجتهاد، ويمكن لأي شخص اكتساب مهارة في أي مجال يريده، ليس فقط في مجال التحرير؛ ولكن لابدّ من توفر شروط معينة، كالتدريب والتمرين بشكل مستمر، حتى تحقق مبتغاك.

فعلى سبيل المثال: حتى تحقق لنفسك الفائدة في مجال التحرير، عليك بقراءة الأخبار من الصحف الكبيرة، والعمل على إعادة كتابة هذه الأخبار، وتعلم الأسلوب المتبع فيها، ومتابعة حسابات الجهات الحكومية، لفهم أسلوب كتابة أخبارهم وأعمالهم الإبداعية، وبذلك تتعلّم من أجل أن تبدأ العمل بشكل صحيح.

هذه نصائح أساسية مهمة لطلبة قسم الإعلام، أرى أن يأخذوا بها في حياتهم العملية.

 

عبدالعزيز طالع