القهوة السعودية.. موروث أصيل "يداوي الرأس فنجاله"
إلى جانب الاحتفاء بيوم التأسيس الذي سيشهده يوم 22 من فبراير في هذا العام، نحتفل أيضا في هذا العام 2022 بعنصر ثقافي هام يرتبط بهويتنا وثقافتنا وهو "القهوة السعودية" حيث يحمل هذا العام اسم هذا العنصر ليكون: "عام القهوة السعودية".
وترتبط القهوة بإرثنا التراثي في الملكة العربية السعودية، وتعد رمزا للضيافة والكرم، وهي أول ما يقدم للضيف، وتبرز زراعتها في المناطق الجبلية في مرتفعات عسير وجازان والباحة. ويعكف المزارعون السعوديون على العناية بهذه الشجرة للحصول ع أجود أنواع البن، ويعد البن من أهم الموارد الاقتصادية لسكان تلك الجبال على مر العصور.
ووفقا لموقع "العربية نت" فقد أرجع مختصون عمر زراعة البن الخولاني في جنوب السعودية لأكثر من 8 قرون، حيث كان ميناء جيزان من أكثر المنافذ العربية تصديرا للقهوة، وتعتبر مزارع القهوة في جبال "الداير" أشهر وأجود تلك الأنواع.
وفي التقرير المنشور بموقع العربية بعنوان: " البن الخولاني في جنوب السعودية.. أصالة تتجاوز 8 قرون" وذكر الباحث التاريخي يحيى المالكي في حديثه للعربية نت ان الرحالة الأوروبيين في جنوب الجزيرة العربية أشاروا إلى البن والقهوة وتجارتها التي بدأت منذ العام 1612، ومنهم الدنماركي نيبور الذي زارها عام 1962 ، حيث تحدث عن ميناء جيزان كواحد من أهم موانئ التصدير .
و قال المالكي في تصريحه للعربية نت: "حسب الروايات التاريخية فقد انتشر هذا البن في سائر جبال جنوب الجزيرة العربية منذ العام (615هـ ـ 1218م)، حيث لم يكن بيت فيها يخلو من شراب القهوة، التي انتقلت إلى مكة عبر الحجاج، وانتشرت فيها المقاهي وثقافة قهوة البن، ومنها إلى القاهرة والشام، ثم اسطنبول حيث افتتح أول مقهى فيها عام (962هـ 1554م)، وحوّل الأتراك اسمها العربي إلى )كهفيه kabveb )ثم نقلها تجار إيطاليا البنادقة والجنويين باسم (coffe)، وشاعت في أوروبا وعرفت في فرنسا باسم (café) و(koffie) بالهولندية و (kaffee) بالألمانية وبالإنجليزية (Coffee) حيث افتتح أول مقهى بلندن عام (1652) وكما يظهر جميع أسمائها مشتقة من الاسم العربي (قهوة).
وللقهوة في السعودية دلالاتها الاجتماعية، حيث يجب أن يقوم (القهوجي) بصبها وهو واقفا وممسكا الدلة باليد اليسرى ويقوم بتقديمها للضيف بيده اليمنى، ويبدأ في تقديمها لكبار السن أولا، ويضل واقفا لا يجلس حتى ينتهي الحاضرين من شرب قهوتهم، وتعتبر الكمية المقدمة في فنجان القهوة شرط أساسي حيث يجب عدم ملْ الفنجان بأكثر من نصفه.
وشهد شهر ديسمبر من العام المنصرم إطلاق صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة لمبادرة "عام القهوة السعودية" وتسمية عام 2022 بعام القهوة السعودية.
وتأتي المبادرة ضمن برنامج جودة الحياة أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، وتسعى وزارة الثقافة من خلالها إلى الاحتفاء بالقيمة الثقافية للقهوة السعودية وارتباطها الوثيق بعادات وتقاليد المجتمع السعودي بمختلف شرائحه، وذلك عبر حزمة واسعة من البرامج والفعاليات والمسابقات التي ستُقام تحت مظلة المبادرة، وتنظمها الوزارة وهيئة فنون الطهي على مدى عام كامل بالشراكة مع الجهات الحكومية وشبه الحكومية، ومؤسسات القطاع الخاص، والمطاعم والفنادق، والمقاهي ومحامص القهوة، والأفراد ذوي العلاقة بالقهوة السعودية؛ زراعةً وتحضيراً وتقديماً، ممن يرغبون بالمشاركة.
كما تهدف وزارة الثقافة من المبادرة إلى الاحتفاء بالقهوة السعودية بوصفها منتجاً ثقافياً مميزاً للمملكة، والمساهمة في تسويقها محلياً ودولياً، إلى جانب تشجيع المنتجات والأنشطة المتعلقة بها، وتسليط الضوء عليها بجميع مراحل إنتاجها، زراعةً وتحضيراً وتقديماً، والتي قد لا تتوفر بنفس الكيفية في أي بلدٍ آخر، حيث تنتج المملكة البن الخولاني السعودي في جنوبها، كما تُحضّر القهوة بطرق مختلفة في كل منطقة من مناطقها الـ13، وتقدم للضيوف بأساليب متعددة، ما يمنح القهوة السعودية خصوصيتها، وعمقها الثقافي الفريد.
وأطلقت وزارة الثقافة في يوم الجمعة الموافق 31 ديسمبر 2021الهوية البصرية الخاصة بمبادرة "عام القهوة السعودية" والتي ستُرافق كافة الأنشطة والتفعيلات والتصاميم التي ستقدمها الوزارة وشركاؤها من الجهات الحكومية والخاصة على مدى عام 2022م للاحتفاء بالقهوة السعودية وبمعناها الثقافي الشامل.
واستوحت الوزارة شعار الهوية من "الفنجال" بما يحمله من دلالات مرتبطة بالقهوة وبقيم الكرم والضيافة السعودية الفريدة.
كما تسعى وزارة البيئة والمياه والزراعة إلى جعل 13 محافظة في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة مصدرًا مهمًا لإنتاج البن، خصوصاً البن الخولاني الذي يمتاز بالجودة عن بقية الأنواع، ورفع نسبة إنتاج البن في المملكة دعماً للاقتصاد الوطني وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
أمل آل حميد