وكيل عمادة شؤون الطلاب: اختياري لتخصص لغة الضاد تم بناء على رغبة شخصية
رناد بهران
عندما يمتزج الأدب العربي مع حب وشغف الشِعر ينتج بحر من العلم والمعرفة في اللغة العربية وأنواعٌ من التعبير الراقي والكلمات الساحرة، هكذا كان الدكتور عبدالرحمن البارقي وكيل عمادة شؤون الطلاب بالجامعة في الحوار الذي أجرته معه «آفاق» فعرفنا أن لغة الضاد فخر واعتزاز له، جاءها طوعا واختيارا؛ بل إيمانا بأنها مدخله للعطاء والإبداع.
أي درب سلكت في لغة الضاد؟
مؤهلاتي العلمية هي: بكالوريوس اللغة العربية وآدابها من جامعة الملك خالد بتقدير جيد جدا مع مرتبة الشرف، وماجستير اللغة العربية وآدابها من جامعة أم القرى بتقدير ممتاز، وكانت رسالتي «النحو في وسيط الواحدي» بإشراف أ. د. عياد بن عيد الثبيتي، ودكتوراه الفلسفة في اللغة العربية وآدابها من جامعة الملك سعود، وكانت الرسالة بعنوان «طبيعة الحدث في العربية..دراسة تحليلية في النسق»، بإشراف أ. د. فالح بن شبيب العجمي، وتخصصي الدقيق «اللسانيات».
هل كان اختيارك للتخصص رغبة شخصية أم لأسباب أخرى؟
نعم كان بناء على رغبتي الشخصية؛ وكنت خريج ثانوية علمية، وكان يسعني أن ألتحق بأي قسم في الجامعة وفقًا لتقديري المرتفع في الثانوية، لكن حبي للغة العربية وحقولها المختلفة هو الذي أخذني إلى هذا القسم تحديدا دون غيره رغم سعة الخيارات آنذاك.
هل حبك للغة العربية كان الدافع الوحيد لدخولك هذا المجال؟
كما أسلفت كان حبي للغة العربية بحقولها هو الدافع الوحيد، ولذلك لم أتقدم إلى أيّ قسم آخر، والشطر الثاني من سؤالك يذكرني بما دار مع لجنة المقابلة الشخصية، حيث نظروا في وثيقة الثانوية، واطلعوا على درجاتي في المواد العلمية وبخاصة الرياضيات والفيزياء، واقترحوا أن أختار تخصصا علميا مناسبا، فقلت لهم «أنا اخترت هذا القسم لأنني أبحث عن الإبداع، قد أنجح في بقية التخصصات لكني لا أضمن أن أكون مبدعا فيها!».
وتأسيسا على هذه الفكرة التي لا أزال أؤمن بها ولو بشكل جزئي، فالطالب المحب لتخصصه والمنسجم معه سيكون بإذن الله مبدعا؛ لأنه لا يذاكر لينجح ولا ليحقق درجات عالية وحسب، وإنما يقرأ ويثابر ليبدع، وإذا صحت هذه الفكرة فلن يعترض الطالب معوقات خارجية بمعناها؛ لأن الدافع ذاتي بالأساس وليس وفق اشتراطات أو إكراهات خارجية.
دراسة اللغة العربية هل لعبت دورا في تنمية قدراتك الأدبية والثقافية وهواياتك الذاتية؟
لأكن صريحا أن الاهتمام بهوايات الطالب الجامعي الأدبية أو الفنية أو الثقافية على وجه العموم لم يكن كما هو اليوم، وتكاد تنحصر الأنشطة آنذاك في «الجوالة»، ولم تكن تستهويني، ولم ألتحق بها طيلة وجودي في الجامعة، لكني كنت أقتطع من وقتي وقتا خاصا بي أمارس فيه الكتابة شعرا ونثرا، وتحديدا على مستوى المقالة والقصة القصيرة، وأراسل المجلات بين فينة وأخرى، وعلى أية حال فالمفترض في الأنشطة أن تكون داعمة للدراسة ومكملة لها.
موقعك الوظيفي يمكنك من المقارنة بين واقع الدراسة سابقا وما هو كائن اليوم، كيف ترى ذلك؟
إذا كان المقصود على مستوى التقنيات، فهناك فرق هائل لصالح الراهن، فأقصى ما كان أمامنا «سبورة وقلم»، وإن كان على مستوى الحصول على المعلومة فالفرق شاسع أيضا لصالح الراهن، فقد كنا نمضي الساعات الطوال في المكتبة المركزية للجامعة، ومكتبة النادي الأدبي، والمكتبات العامة، وما تيسر من المكتبات الخاصة للبحث عن معلومة صغيرة، وقد يمتد البحث أسابيع وربما أشهرا، وقد ننجح وربما لاننجح!
وفي الوقت الراهن صار هذا الأمر من أيسر ما يكون من خلال البرامج والذخائر التي يزخر بها الفضاء، ولذلك لم يعد التحدي الراهن أمام الطلاب هو تحدي الوصول إلى المعلومة، فقد يصلون إليها أسرع من أستاذهم، ولكن التحدي يكمن في التعاطي مع المعلومة، وتوظيفها بشكل مبدع يليق بشخصية الطالب واستقلاله الفكري.
هل العلاقة بين الطالب والأستاذ لها أثر على التحصيل بالنسبة للطالب والأداء بالنسبة للأستاذ؟
العلاقة بين الطالب وأستاذه تبنى من الطرفين معا، ولكن بحكم وظيفة الأستاذ فالمنتظر منه أن يكون هو من يبادر ويدير هذه العلاقة، الطالب إنسان قبل أن يكون طالبا بحكم الدراسة.
والأستاذ إنسان قبل أن يكون أستاذا بحكم الوظيفة، ومن ثم فعلاقتهما تقع ضمن دائرة العلاقات الإنسانية، الاحترام والتقدير والتكافؤ الإنساني يفترض أن يكون موجودا بغض النظر عن مستوى الطالب الدراسي، فللمتفوق والمخفق ذات الاحترام والتقدير.
ومن واجبي كأستاذ أن احترم الجميع وأقدرهم، واحترم استقلالهم الفكري واختياراتهم وألا أفترض أن ما أراه هو الصواب، وأن ما أقوله هو الصحيح، وأرى أن نُشعر الطالب باستمرار بأنه شريك في العملية التعليمية، وأنه عضو في منظومة، فلا مقولة «الطالب أولا» صحيحة، ولا «الأستاذ أولا»صحيحة كذلك.
الجميع يعمل في منظومة لا تستقيم على وجهها إلا بأدوارهم المتكاملة جميعا؛ ولذلك من حق الطالب عليّ أن أشركه في اختيار الطريقة التعليمية التي تناسبه.
فالأستاذ يمتلك عددا من الطرائق كلها مجدية لكن بشكل نسبي، ومن الخطل في تصوري أن نفترض أن الطريقة التي تعلمنا بها هي الأنجع، ونفرضها على طلابنا دون اعتبار للمتغيرات المتواترة بمعدل تسارع كبير، ولذلك علينا أن نفيد من طلابنا في هذا النحو كما أنهم يستفيدون منا.
هل حققت ما تطمح إليه في الدراسة؟ وهل هناك أحلام لم تتحقق بعد؟
تماما كما يحتاج الجسم إلى تجدد خلاياه التي لا يعيش إلا بها نحتاج لتجدد طموحاتنا وأحلامنا، مع كل مرحلة نصل إليها تولد طموحات جديدة، وأحلام جديدة، ويظل هذا وكدنا ووكدها!
وبالقدر الذي نحاول فيه أن نوسع مناطق معرفتنا نكتشف مناطق مساحات جديدة لجهلنا لم نكن نفطن إليها! وهكذا نستمر في إضاءة مناطق تفضي بنا إلى مساحات جهل جديدة في دأب يمكن أن أطلق عليه شغف المعرفة.
ما هي الصعوبات العلمية أو العملية التي واجهتها؟
لايخلو أمر من أمورنا من مصاعب، وستظل طموحاتنا أكبر مما تمدنا به إمكاناتنا وسنعد هذا نوعًا من المصاعب، ونصيحتي لكل من واجهته صعوبة أو اعترضته مشكلة أن يحاول أن يغير منظوره لها، فينظر إليها من زوايا متعددة ومن أماكن أبعد، فكل مشكلة تقريبًا تحمل شيئًا من مفاتيح حلولها، لكننا غالبًا نركز في المشكلة ذاتها ونغفل عن البحث عن المفاتيح.
النجاح والإبداع في مجال العمل يحتاج شروطا ومقتضيات مهمة، ما هي في نظركم؟
في تصوري المسألة لا تخضع للتمرحل، إذا آمن الإنسان بنفسه فكل ما يعدو ذلك أدوات وتقنيات يحقق بها كل ما يصبو إليه بعون الله، الفرص اليوم متاحة كما لم تكن في زمن من قبل، فمن آنس من نفسه إبداعا في أي حقل من الحقول عليه أن يعنى بنفسه ويطورها ويصقلها بذاته أولا من خلال الدورات والتدريبات التي صارت مجانية في غالبها ومتاحة على الإنترنت.
وعليه ألا ينتظر أن يفطن له أحد ليحدب عليه ويأخذ بيده، فهذا الأمر قد يكون وربما لا يكون، عليه أن يستشير من يشاطره الاهتمام، لكن هذا لايعني أن يظل منتظرا حتى يأتي ذلك المستشار بل يبادر ويعمل على نفسه؛ فالمبدع الذي لن يصنع نفسه لن يصنعه أحد!
ما الصعوبات التي تواجهك من خلال موقعك الوظيفي؟
لا صعوبة في التعامل مع الطلاب فهم مهما يكن الأمر يركنون إلى مستوى جيد من الوعي، والقدرة على الحوار، أما ما يتعلق بإشكالات العمل فهي لا تخرج عن جدلية الطموح والممكن، لكن مع التخطيط الجيد، والتمرحل في تحقيق الأهداف سنتقدم باتجاه الأفضل الذي نتمناه.
د.البارقي ممن أنجبتهم هذه الأرض الطيبة، إضاءات حول النشأة والدراسة؟
عبدالرحمن حسن البارقي، ولدت في بارق، وتحديدا قرية «ثُعيِّب» عام 1967، وثعيب قرية جميلة حالمة تنسدل واديا أخضر بين جبلين كشلال من ضوء، عرفت القراءة والكتابة قبل الدخول للمدرسة بدافع الفضول الذي كان يحملني على مشاطرة أخويّ المذاكرة وحل الواجبات، والتحقت بابتدائية صهيب بن سنان بصعبان، حيث درست المرحلة الابتدائية. أما المتوسطة والثانوية فكانت في متوسطة وثانوية بارق(آنذاك)' ثم التحقت بجامعة الإمام محمد بن سعود فرع الجنوب بقسم اللغة العربية، وكانت دفعتنا أول دفعة تتخرج بمسمى جامعة الملك خالد عام1420.
عملت بعد تخرجي في التعليم العام لمدة عامين، ثم التحقت بقسم اللغة العربية بجامعة الملك خالد معيدا، ثم بجامعة أم القرى لدراسة الماجستير، ثم بجامعة الملك سعود لدراسة الدكتوراه.
وقد أنجزت عددا من الدراسات والأبحاث في مجال تخصصي، وصدر لي مؤلف بعنوان «طبيعة معنى الحدث في العربية»، وهو في أصله رسالة الدكتوراه.
في خاتمة هذا اللقاء ماذا تود أن تقول؟
شكرا لكم على هذا اللقاء الذي آمل أن يكون فيه ما يقدم جوابا، أو يبعث سؤالا، أو يثير فكرة.