الدكتور زاهر الفيفي: تعلقي باللغة العربية بدأ مبكرا أثناء المرحلة المتوسطة والثانوية في المعهد العلمي

تاريخ التعديل
سنتان 5 أشهر
الدكتور زاهر الفيفي

بدأ شغف رئيس قسم اللغة العربية بكلية العلوم والآداب بمحايل أستاذ النقد والأدب المساعد الدكتور زاهر حسين الفيفي باللغة العربية مبكرا منذ الصغر ولازمه حتى اليوم، وقد أثمر ذلك الشغف بالكثير من الإنجازات والمشاريع... حاورناه في "آفاق" لنتعرّف أكثر على علاقته باللغة العربية.

بداية هل يمكن أن تحدثنا عن علاقة المكان الذي نشأت فيه وأثر البيئة وإسهاماتها في تكوين شخصيتك؟

هذا العبارة يمكن أن أتحدث عنها في جانبين:

الأول: المكان ودوره في تكوين الشخصية، والجانب الثاني دور البيئة في تكون الشخصية....

فأما المكان فلا شك أن من ينشأ في مكان ذي طبيعة جميلة، وذي حسن وبهاء ستتعلق روحه بكل جميل في الحياة؛ جمال الروح، جمال الخُلُق، جمال الاطلاع وحب المعرفة، ومن الطبيعي أن يكون للمكان تأثير كبير على شخصيته وتفكيره وطبعه وغير ذلك.

أما البيئة فلعلها تكون أعم وأشمل من المكان، فالإنسان قد يعيش في بيئات متنوعة في اللحظة نفسها، ويتعلم منها أشياء يستنير بها في دربه، ولعل أبرز البيئات التي ساهمت في تكوين بعض من ملامح الشخصية لدي: البيئة الاجتماعية والثقافية، والبيئة الباحثة عن العلم والمعرفة، والبيئة المحفزة، والبيئة المتفائلة المتطلعة للمستقبل المشرق، ولعل أهمها البيئة العملية الجادة. 

ومع دور المكان والبيئة في تكوين أي شخصية إلا هناك عوامل أخرى لا شك أنها تسهم مجتمعةً في تكوينها، كالهمة، وحب المغامرة المعرفية، والوصول للهدف ولو كان صعبا.

علاقة أهل المملكة العربية السعودية باللغة العربية علاقة قديمة؛ فهي لغة الرسالة الخاتمة التي أكرم الله بها أهلها بالقرآن الكريم.. ما هي العوامل التي دفعت بأن تكون اللغة العربية محور اهتمامك ومحور دراساتك الجامعية وما فوقها؟

من الممتع هنا أن أبدأ حديثي بقول الشاعر المبدع: عيسى جرابا:

هل في لغات الكون كاللغة التي يسمو بأحرفها كلام الله؟!

حقٌّ علينا أن نظل الدهر في محرابها، نشدو بها ونباهي. 

من الممكن القول إن تعلقي باللغة العربية جاء في مرحلة مبكرة وبالتحديد أثناء المرحلة المتوسطة والثانوية في المعهد العلمي، حيث كانت المناهج مكثفة ومتنوعة نحوا وأدبا وبلاغة ونقدا، فكنت أستمتع بشروح الأساتذة الفضلاء -جزاهم الله عنا خيرا- في تلك الفترة، وبما أن لغة الأحاسيس والمشاعر تتجلى من خلال نثرها وشعرها وأدبها فقد كنت أستمتع بقراءة النصوص الشعرية والسردية والنثرية وما فيها من جماليات فنية، ولمسات بلاغية، وتارة أكتب بعض الخواطر، ومن هنا بدأت أميل للأدب والنقد والبلاغة حتى دخلت كلية اللغة العربية بجامعة الإمام بالرياض، ثم واصلت الدراسات العليا في تخصص الأدب والنقد.

ما أهم الكتب والدراسات التي رفدت بها المكتبة السعودية والعربية في مجال اللغة العربية؟

لاشك أن الباحث عن المعرفة لا يهدأ له بال، أثناء إبحاره في المجتمع العلمي والبحثي، فكل  يوم تضيء في ذهنه فكرة بحثية، يحاول أن يستنير بما يطّلع عليه و يبلورها ليقدم معلومة جديدة، ويضيف فائدة لأحد حقول المعرفة والبحوث.

وفيما يتعلق بأهم الكتب والدراسات التي أرجو أنها أضافت للمكتبة السعودية شيئا من الجدة والمعرفة؛ لدي كتاب ومجموعة دراسات؛ ففي مجال التأليف لدي كتاب أعتز به وأفخر؛ لأنه يحمل اسم ملك وهب نفسه لخدمة الإنسان والمكان وهو  كتاب (صورة الملك سلمان بن عبدالعزيز عاصفة الحزم (دراسة في الخطاب الشعري)، وهو كتاب قدّم له معالي رئيس الجامعة  الدكتور  فالح بن رجاء الله السلمي.

أما في مجال الدراسات والأبحاث فلدي ست دراسات حتى الآن؛ 4 منها في الأدب السعودي، و دراستان حول موضوعات في الأدب العربي، وهي:

1- تمثلات الوجع في ديوان (أُنْثَى تحرر الوجَعَ) لإبراهيم حَلُّوْش، دراسة منشورة في مجلة الجامعة الإسلامية للغة العربية وآدابها بالمدينة المنورة.

2- تمظهرات رؤية 2030 في الشّعْرِ السُّعُودِي؛ قصيدةِ (سِفْر الرُؤْيَة) للشاعر فواز اللُّعبون نموذجًا) دراسة منشورة في جامعة الأزهر حولية كلية اللغة العربية بجرجا.

3- تحلِيلُ الخطاب الملكي في المملكةِ العربيةِ السعوديةِ: خطاب الملكِ سلمانَ بن عبدِالعزيز آل سعود في (رؤية 2030) نموذجًا، دراسة منشورة في مجلة الطائف للعلوم الإنسانية.

4- صُورَةُ الأنا والآخَرِ فِي دِيوَانِ المَثْنَوِيَّاتِ لِلشّاعِرِ عَبْد الله الرَّشِيد (دراسةٌ  فِي  جَمَالِياتِ المُفَارَقة) مقبول للنشر.

5- ظواهر أسلوبية في (درر الكلم وغرر الحكم للسيوطي، وهي دراسة منشورة في مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بني سويف.

 6-  جماليات المكان في شعر المهجر الشرقي، دراسة منشورة في مجلة  كلية اللغة العربية بالقاهرة ـ جامعة الأزهر.

أنعم الله على المملكة العربية السعودية بقيادة حكيمة لها دورها الرائد في تطوير التعليم الجامعي وما فوق الجامعي.. وما أولته من اهتمام بنشر الكتاب الكريم في كل أنحاء العالم، حيث رعته بمؤسسات تنوعت أشكالها ومهامها وكذلك اللغة العربية التي نالت بفضل هذه القيادة الرشيدة حظها الأكبر في الرعاية والانتشار على الصعد كافة.

 ما أهم ما أضافه الدكتور الفيفي من ناحية علمية في رسائله التي أعدها لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه؟

حظي الإنسان بشكل عام في هذا الوطن المبارك باهتمام حكومتنا الرشيدة وقادتنا منذ توحيد هذه البلاد على يد المغفور له، بإذن الله، الملك عبدالعزيز آل سعود، وإلى يومنا هذا، ومن تلك الاهتمامات دعم المؤسسات التي تهتم بالبحث والباحثين  في المجالات شتى.

 

ومن تلك المؤسسات على سبيل المثال لا الحصر  كرسي الأدب السعودي الذي كان وما زال سباقا للأخذ بأيدي الباحثين، والمساهمة في نشر الدراسات المتعلقة  بالأدب السعودي، وقد تولى طباعة ونشر الدراسة التي نلت بها درجة الماجستير، وكانت بعنوان: تجليات الانزياح في ديوان (تراتيل حارس الكلأ المباح) للشاعر صالح الزهراني.

كذلك من المؤسسات التي تهتم بنشر الدراسات والأبحاث العلمية مركز توثيق سيرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي تولى مشكورًا الطباعة، ونشر كتابًا لي بعنوان: الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الشعر السعودي المعاصر، دراسة موضوعية فنية)، وهو في الأصل رسالة نلت بها درجة دكتوراه بفضل الله وكرمه.

ولا غرابة أن تهتم مثل تلك المؤسسات بنشر العلم والمعرفة فهذا امتداد، لاهتمام قيادتنا وحكامنا بالعلم والبحث والإنسان والمكان....

ما أهم مشاركاتك  في المؤتمرات المحلية والإقليمية والعالمية؟

يحرص الإنسان دائما على المثاقفة، وتطوير جوانب متنوعة في شخصيته ومن وسائل تحققها الحضور والمشاركة في الندوات واللقاءات والمؤتمرات المتنوعة، وقد سنحت لي بعض الفرص فشاركت في مجموعة من اللقاءات والملتقيات والمؤتمرات، أبرزها:

-المؤتمر الإلكتروني (القيادة الإدارية الناجحة للأزمات .. نموذج لجائحة كورنا.

- حضور ملتقى جامعة الملك خالد عن بعد (كورونا.. الأزمة  واستثمار الفرص).

- المشاركة في الملتقى العلمي السنوي الرابع لفرع جامعة الملك خالد بتهامة.

- المشاركة في مشروع تطوير  مهارات أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك خالد.

- حضور لقاء ورشة وزارية لرسم الخطة التشغيلية للمركز الوطني لتطوير تعليم مهارات اللغة العربية والمشاركة بورقة عمل في البرنامج.

- حضور لقاء التطوير المهني العالمي للتعليم.. الدورة التمهيدية، والمشاركة في إعداد حقيبة التعلم بالمشروعات على ضوء برنامج انتل للتعليم.

ما أهم الأدوار التي قمت بها من ناحية مجتمعية؟

الإنسان من المجتمع وإلى المجتمع، ولا بد أن يسهم في خدمة مجتمعه بما يستطيع قولا، أو عملا، أو حتى كتابة، ولعل أبرز المساهمة التي استطعت أن أقدمها للمجتمع تقديم دورات أسرية، وتطويرية، والمشاركة في بعض الندوات التي تتحدث عن شخصيات اجتماعية خدمت المجتمع، كما أن لدينا مبادرة في القسم للمجتمع، وهي التطوع البحثي التي تهدف إلى تقديم العون والمساعدة لإعداد باحثين متميزين في تخصصات اللغة العربية.

ما خططك المستقبلية في تطوير اللغة العربية أكاديميا ومجتمعيا؟

الخطط كثيرة والرغبات أكثر والأمنيات ليس لها حدود، ولكنني متفائل جدا  بولادة برامج في قسم اللغة العربية بكلية العلوم والآداب بمحايل عسير  برامج أكاديمية إضافية كالماجستير والدكتوراه تتوافق مع رؤية 2030 ومع إستراتيجية تطوير عسير، وتخدم المجتمع الذي له رغبة جامحة في هذه البرامج، كما سيكون له الدور الأكبر في تطوير اللغة العربية عن طريق ما سيقدمه من دراسات في تلك البرامج النوعية بإذن الله تعالى.

 

 

 

ما النصائح التي توجهها  إلى تلاميذك من دارسي اللغة العربية؟

إن أفضل ما يوجه إليه دارس اللغة العربية في هذا الوطن الجميل هو التأمل في مدى اهتمام حكامنا الكرام باللغة العربية، يقول الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله: (بلادنا المملكة العربية السعودية دولة عربية أصيلة، جعلت اللغة العربية أساسًا لأنظمتها جميعًا، وهي تؤسس تعليمها على هذه اللغة الشريفة، وتدعم حضورها في مختلف المجالات وقد تأسست الكليات والأقسام والمعاهد وكراسي البحث في داخل المملكة وخارجها لدعم اللغة العربية وتعليمها وتعلمها» وقد جاءت رؤية 2030  لتؤكد  على الاهتمام والعناية باللغة العربية بوصفها جزءا أساسيّا من مكوّنات الهوية الوطنية السعودية.

كما يجب على دارس اللغة العربية أن يضع نصب عينيه قرار الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله - بإنشاء (مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية) الذي يعطي دلالة واضحة على أهمية اللغة العربية؛ مما يزيد في نفوس محبي اللغة العربية الفخر والاعتزاز بحكومتنا الرشيدة التي تسعى بهذا المركز إلى (نشر "اللغة العربية" وحمايتها، ودعم أبحاثها وكتبها المتخصصة، إضافة إلى تصحيح الأخطاء الشائعة في الألفاظ والتراكيب، وإعداد الاختبارات والمعايير لها، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في خدمتها، وصناعة المدوّنات والمعاجم، وإنشاء مراكز لتعليمها، إضافة إلى إقامة المعارض والمؤتمرات التي تعنى بها، وترجمة الإنتاجات المعرفية والعالمية).

إن هذا الاهتمام الكبير هو رسالة واضحة للجميع بأهمية اللغة العربية وضرورة تعلمها وتعليمها، لكن دارس اللغة العربية تقع على عاتقه مسؤولية أكبر، حيث يجب عليه أن يسعى لتطوير كل ما يخدم اللغة العربية، وإبراز مكانة اللغة العربية وإثراء مجالاتها. 

 

د. كوثر سعيد