الدكتور علي مرزوق يحلل زخارف «القَطْ» فنيا
في وقت ندُرت فيه الدراسات المحلية عن الفنون اليدوية مثل «القط» الذي لا يعرف تاريخ محدد لبداية انتشاره في المنطقة؛ إلا أن الدكتور علي عبدالله مرزوق أستاذ الآثار المساعد بجامعة الملك خالد قدم دراسة أكاديمية رصد خلالها بعض المحددات الفنية لفن القَط العسيري العريق.
يقول د. مرزوق «في منطقة عسير التي تمتاز بغنى فني وثراء تشكيلي زخرفي ، شغل إنسان المنطقة الواجهات والحوائط الداخلية لمبانيه التقليدية بوحدات زخرفية جميلة، نابعة من معطيات بيئته وقائمة على الوحدات الهندسية المجردة والعناصر الزخرفية النباتية والأشكال الرمزية المستمدة من النباتات والجمادات، محاولا إيجاد علاقة تبادلية ما بين الزخارف المشكلة على الأسطح الخارجية من المبنى ، والزخارف المشكلة على الحوائط الداخلية ،على الرغم من اختلاف القائمين على تنفيذها، فالزخارف الخارجية يقوم بإبداعها الرجال ، بينما تقوم النساء بنقش ما بداخل المنزل».
وفي حديثه لـوكالة الأنباء السعودية «واس» عن مراحل تجميل المنازل في عسير يوضح د. مرزوق: «يبدأ التقطيط (رسم القط) بتغطية الحوائط الداخلية بطبقة جصية تسمى عند أهالي المنطقة صهاراً، وبعد جفافها تقوم النساء المختصات بتجميلها بشتى أنواع الرسوم والزخارف؛ ولا يقتصر فن الزخرفة والتزيين على الحوائط المعمارية بل تعدى ذلك إلى توظيف هذا الفن على أغلب مصنوعات المنطقة التقليدية من الفخاريات».
وأكد د. مرزوق أن «الفنون الزخرفية الشعبية في منطقة عسير تتسم بالفطرية والتلقائية والدقة في الأداء وفق تقاليد وعادات متوارثة ، فهي عبارة عن خطوط وألوان ومساحات ، رسمت بأسلوب زخرفي تقليدي اكتسبت عن طريق المشاهدة والممارسة».
وقسم الباحثون الذين درسوا فن القط العسيري الأنماط الزخرفية بحسب الأقاليم والموقع الجغرافي، حيث يمكن تصنيفها إلى الزخارف الشعبية في السهل التهامي، والزخارف الشعبية في الأصدار ، والزخارف الشعبية في مرتفعات السراة ،والزخارف الشعبية في الهضاب الداخلية».
ويسرد د، مرزوق تحليلا فنيا للأنماط الزخرفية معتمدا على دراسة شخصية وبعض الدراسات العلمية التي سبقته، قائلا «تعد الخطوط الأفقية الأكثر شيوعا في جميع محافظات ومراكز عسير، بل لا يكاد يخلو مسكن تقليدي منها؛ فهناك مساكن اكتفت برسم الخطوط الأفقية المتوازية فقط في تجميل غرفها الداخلية، ولعل السبب في كثرة استعمالها يعود لما فيها من معاني السكون والثبات والامتداد، أما الخطوط المنكسرة فهي عبارة عن مجموعة خطوط تحولت من الوضع الساكن المستقر المتوازن إلى الوضع الرأسي الصاعد أو إلى الوضع المائل المتحرك ولقد استخدمت الخطوط المنكسرة في الزخرفة والتزيين بمنطقة عسير في أكثر من وضع، ومن ذلك ما نشاهده على جانبي الدرج حيث تتحول الخطوط الأفقية إلى أرسيه ثم إلى أفقيه مرة أخرى.
وبالنسبة للخطوط المنحنية فتعتبر جزء من محيط دائرة يتكرر بصورة موجية يشعر المتلقي بالحيوية والمرونة، وإذا نظرنا إلى الخطوط المائلة، فنشعر أنها غير مستقرة وتعطي أحساسا بالحركة وعدم الاستقرار».