تاريخ التعديل
6 سنوات 6 أشهر
دراسة: شبكات «التواصل الاجتماعي» أحدثت اهتزازا في قيم وأخلاق الشباب

مشهور العمري 

كشفت دراسة بحثية صدرت عن كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز  للقيم الأخلاقية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي على السُّلَّم القيمي للشباب.
ورأت الدراسة أن الاهتزاز القيمي بدأ بالظهور بعد طفرة الجيل الثاني من الويب، وولادة شبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك وتويتر وغيرهما، من مواقع التواصل التي تتسم بعناصر مثيرة وجاذبة، كالفورية Immediacy، والتفاعلية Interactivity، وتعدد الوسائط، والتحديث، ما أدى لزيادة ساعات الاستخدام والتعرض، والاعتماد عليها كمصدر وحيد للأخبار والمعلومات.
وأبانت الدراسة، أنه ونظرا للتنوع الواسع لفئات المستخدمين، وتعدد مستوياتهم الثقافية والأخلاقية وتبعاً لقانون التأثير والتأثر، برزت ظواهر سلبية في سلوك الشباب السعودي، غريبة عن القيم والتقاليد، كما ظهرت جماعات تدافع عن تلك القيم وتدعوا لتبنيها، وهذا يؤكد نجاح عملية الفيروس الأخلاقي في اختراقنا.

أهمية الدراسة 
تأتي من خطورة الآثار الناجمة عن المشكلة، والمتعلقة بعنصرين مهمين في البناء الاجتماعي، هما: الشباب، والنسق القيمي للمجتمع. واعتمدت الدراسة منهجاً علمياً يقوم على رصد وقياس العلاقة بين متغيرات ثلاث، هي: شبكات التواصل الاجتماعي كمتغير مستقل، والنسق القيمي الأخلاقي كمتغير تابع، ودوافع التعرض ونوعه والفروق الديموغرافية ومعدل الثقة كمتغيرات وسيطة.

الهدف والوسائل
حددت الدراسة الهدف الرئيس للبحث وهو التعرف على تأثير وسائل الإعلام الجديد وعلى وجه الخصوص، شبكات التواصل الاجتماعي على النسق القيمي والأخلاقي لدى الشباب، بهدف الوصول لوضع آلية لتعزيز القيم الأخلاقية.
ولتحقيق هذا الهدف، رصدت الدراسة توصيف وتقنين علاقة الشباب بوسائل الإعلام الحديثة، من خلال تحديد كثافة الاستخدام لوسائط الإعلام الجديد، ونوع المشاركة، ودوافع الاستخدام، ونوع المضامين التي تحظى باهتمامهم، ودرجة التبني للمضمون المقدم، وأسباب انتشار بعض السلوكيات اللاأخلاقية، لدى نسبة من الشباب السعودي خاصة، وفي الدول العربية والإسلامية عامة.

حجم المشكلة
وجاء في الدراسة «لتحديد حجم المشكلة من المناسب قراءة نتائج دراسة أجرتها شركة «جلوبال ويب إنديكس »حول استخدام الإنترنت في السعودية، بعمق وتأن».
إذ تقول الدراسة إن السعوديين سجلوا أعلى نسبة نمو عالميا من حيث عدد مستخدمي موقع تويتر. فقد تجاوز عددهم ثلاثة ملايين مستخدم، أي نحو 12% من السكان، وأن نسبة 51% منهم يترددون بانتظام على الموقع، وأن مستخدمي شبكة الإنترنت السعوديين, خاصة الشباب, يعتمدون على شبكات التواصل الاجتماعي كأداة للاتصال والتعبير عن الرأي، والحصول على المعلومة. أما مستخدمو فيسبوك من السعوديين، فقد تجاوزوا الـ 6 ملايين، وينشرون أكثر من مليون وخمسمائة ألف رسالة يوميا.
كما أن شبكة Lenkd In تضم مليون مستخدم سعودي، بالإضافة لتسجيل السعوديين أكبر نسبة مشاهدة لموقع يوتيوب في العالم.

أهمية القيم
وترى الدراسة أن القيم تلعب دورا مهما في تشكيل شخصية الفرد وتحديد أهدافه، في إطار معياري صحيح؛ فهي تمكن من التنبؤ بسلوك حاملها في المواقف المختلفة، وتمنح حاملها القدرة على التكيف والتوافق الإيجابي، وأداء ما هو مطلوب منه؛ ليحقق الرضا عن نفسه، من خلال تجاوبه مع الجماعة في عقائدها ومبادئها الصحيحة، وتساعد الإنسان في التحرر من «الأنا» والذاتية، وتجعله يسلك سلوكا أكثر إيجابية، وتمنحه الإحساس بالأمان، كما تعطيه فرصة التعبير عن نفسه، وتساعده على فهم العالم المحيط به، وتعمل على إصلاحه نفسيا وخلقيا، وتوجهه نحو الخير والإحسان والواجب، فهي أداة لتغيير السلوك، وأداة لتحقيق التنمية الاجتماعية التي تعتبر الفرد هو الوسيلة والغاية. ولا شك بأن المهزومين أخلاقيا، عاجزون عن المشاركة في بناء التنمية، وأكثر قابلية للانهيار الثقافي والأخلاقي والوجودي.

نوع الدراسة ومنهجها
استخدمت الدراسة التي عمل كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للقيم الأخلاقية التابع لجامعة الملك عبدالعزيز على إخراجها بالشكل المطلوب، منهج المسح الميداني بطريقة جمع المعلومات عن سلوكيات الأفراد وعلاقتهم بوسائل الإعلام، ويتمثل مجتمع الدراسة في فئة الشباب السعودي، في المرحلة العمرية من 18- 35  سنة، وهي عينة عشوائية متعددة المراحل قوامها 600 مفردة، من مدينة جدة، مناصفة بين الذكور والإناث.

نتائج وآليات التعزيز
لاحظت الدراسة تناميا سريعا لأعداد مدمني الإنترنت بين أوساط الشباب السعودي، واعتمادهم على شبكات التواصل الاجتماعي مصدرا أساسيا للمعلومات، وخلصت إلى نتيجة مفادها أن الاهتزاز القيمي الذي أصاب الشباب السعودي، ناجم عن تعرضهم المكثف للإعلام الإلكتروني، والاستخدام الخاطئ، وعدم وجود الوصاية الوالدية وضعف المناعة الأخلاقية، ما ترك آثاراً سلبية على نفسياتهم وسلوكهم الاجتماعي والأخلاقي.

التوصيات  
• ضرورة الانتباه لخطورة وتأثير وسائل الإعلام الإلكترونية، وإجراء المزيد من الأبحاث، خاصة وأن التوقعات المستقبلية تؤكد ازدياد الاعتماد عليها.
• تصارع القيم وعدم الوعي بها قد يؤدي إلى الاضطرابات النفسية، مثل القلق والإحباط والعنف، والمفهوم السلبي للذات. ولذا توصي الدراسة بتكثيف الدراسات النظرية والعملية والميدانية لرصد ظاهرة إدمان الإنترنت، ومعرفة مدى انتشارها في المجتمع، وآثارها على الشباب بشكل خاص، في أدائهم العلمي وحياتهم الأسرية.
• دعم التوعية الأسرية والإعلامية بالمخاطر الاجتماعية والأخلاقية الناجمة عن استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، ومشاركة الأسرة للأبناء في بيان أهمية استخدام الإنترنت وتحديد إيجابياته وسلبياته.
• وضع برامج إعلامية توعوية للشباب لترشيد استخدام تلك الشبكات، وإصدار نشرة إعلامية إرشادية جامعية توزع داخل الجامعة؛ لنشر الوعي لدى الشباب بضرورة الاستفادة من الإنترنت بشكل إيجابي.
• تنمية الإحساس بالدين والوطن والانتماء، وتوعية الأسرة بأهمية التربية الدينية، وتربية الأبناء على الحياء من الله ومراقبته، وغرس الوازع الديني لحماية الشباب من أي انحراف، أو زيغ عقائدي.
• توجيه الشباب إلى ضرورة الالتزام والتقيد بقوانين الاتصالات في المملكة، فيما يختص باستخدام الإنترنت للدخول للمواقع المحظورة، والتوعية بالعواقب التي قد تعرضهم للمساءلة القانونية.
• تصميم مقرر دراسي عن التربية الإعلامية، يساعد على تعليم وترشيد الشباب بكيفية التعامل مع ما تبثه وسائل الإعلام الإلكتروني الجديدة.
• عمل دورات تدريبية، وورش عمل مكثفة للتعريف بشبكة الإنترنت، وتدريب الطلاب الجامعيين على الاستخدام المفيد لها، وكيفية انتقاء المعلومات واختيار المناسب منها في البحوث والدراسات العلمية، وربطها بخطط البحوث ومواد التدريب الميداني.