إلى المسوفين الكسالى

تاريخ التعديل
6 سنوات 3 أشهر

«لدي (10000) ريال زكاة؛ لكنني لا أعرف مستحقيها، وأريد إيكال دفعها إليك».
أخرج زكاته في ظرف ظانا أنها قد خرجت من ذمته بدفعها لي. حصل هذا دون أن يسمع مني جوابا استشعرت أنه يريد وداعي، وكأنه يهرب من تقريع نفسه اللوامة، أن ما هكذا تورد الإبل، بادرته فقلت «ما رأيك بصلاة الفجر في صباح بارد وقد التذذت بدفء الفراش وغلبة النوم،  وقد علمت أن سخانة الماء متعطلة؟
قال: أضعف الإيمان الوضوء والصلاة في البيت قلت: فإن توضأت متحملا برودة الماء ثم خرجت في الطقس البارد وصليت في المسجد، قال: لا تشدد،  فإن الله غفور رحيم قلت: بل هذا سبيل المقصرين. 
فهل يحمل عملك عنك أحد، وإن لم تفعله أفأنت محاسب!؟ قال؛ نعم. 
قلت : أفبهذا برأت ذمتك عندما أوكلت إليّ زكاتك ؟ قال: ثقة بك، قلت: فلعلي أتكاسل مثلك فأدفعها إلى من لا يستحقها أو أستحل أكلها! قال: لا، لن  تفعل. قلت:  لا تنس أننا في زمن المظاهر وليس لك مني إلا الظاهر، فهل يرضى ربك منك هذا الجواب؟
قال: لا أعرف من يستحقها قلت: ففلانة أليست بنت عمتك؟ إني أعلم منك بحالها وهي من ذوي رحمك وزوجها لا دخل له إلا معاشه اليسير وأسرته كبيرة. وفلان أليس ابن خالك ولا عمل له قال: لم يطلبوا مني.
قلت: فهؤلاء الذين لا يسألون الناس إلحافا. العبادة مرتبطة بالمشقة ومغالبة النفس التي تميل إلى الدعة والتسويف في الصلاة في اليوم البارد، ومجاهدة النفس عليها منطبق كذلك في زكاتك التي تحتاج  الاجتهاد  في تلمس المستحقين فتنتقل بين البيوت لترى نفوسا منكسرة  بذُل الحاجة وبيوتا قد اكتفت بالضروري.
فالريالات المعدودة ثروة كبيرة بالنسبة لهم، وقس على هذا الملابس والأثاث الذي تريد التخلص منه، فيرق قلبك وتحمد الله على نعمه وتفرح برؤية انفراجة كرب المكروب، حينما يزول كربة وبسرور الطفل حينما تهديه ما يحقق أحلامه الصغيرة باستبدال ثوبه المرقوع أو المرأة التي ستشتري مستلزمات خاصة بها وببناتها أو مريضا عجلت بشفائه؛ بشراء دواء وأحلام كثيرة تحققت لهؤلاء لا تعني لك شيئا ولكنها بالنسبة لهم أكبر من حرصك على النجاح في عملك أو تحقيق صفقة تجارية فهل وعيت ما أريد ؟
دفعت إليه ماله واحتبست دموعه قائلا نعم مسلمون، ولكننا محرومون من تلمس جمال ديننا ورحمة ربنا.