الطفولة

أستاذ مشارك بقسم الإعلام والاتصال
تاريخ التعديل
5 سنوات شهران

كثيرا ما يثير حيرتي عدم اهتمام العديد من الأفراد في مجتمعاتنا بالطفولة وعدم الاكتراث لأهميتها في صناعة الأجيال لمستقبل واعد، فتراها مهمشة ولا تلق الاهتمام اللازم الذي من شأنه أن يؤسس لتنشئة اجتماعية سليمة تعمل على ترسيخ القيم النبيلة لدى الأطفال وتنهض بهم الى عالم أفضل.
فالطفولة في جوهرها تمثل مرحلة الصفاء والإبداع ومن خلالها تتكون شخصية الطفل التي تنصهر في بوتقة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للبيئة التي يعيش فيها، بحيث تشير الدراسات النفسية حول عالم الطفولة أن العناصر التي تشكل الإدراك النفسي للطفل وتوازنه العقلي والثقافي يكتسبها في السنوات الست الأولى من حياته.
وعلى هذا الأساس فإن هذه الفترة الزمنية من عمر الطفل لها أهمية بالغة في سلامة نموه الفكري والسلوكي وهي التي تحدد مساره ضمن الإطار البيئي الاجتماعي والحضاري الذي يهيكل نظام حياته ويميز واقعه.
ونظرا لتأثير الطفولة في البناء الإنساني للمجتمعات فقد اهتم بها العديد من الفلاسفة والمفكرين والعلماء في العصر الراهن لتوجيه النظر اليها وإبراز دورها في التغيير التنموي والحضاري للأمم والشعوب من بينهم الكاتب الروائي الفرنسي «باتريك موديانو» الذي أصدر رواية متميزة عن واقع الطفولة سنة 2014 تحمل عنوان «كي لا تضيع في الحي» وقد عرفت رواجا كبيرا وشهرة واسعة لدى جمهور القراء الفرنسيين جعلتها تتصدر قائمة الكتب الأكثر انتشارا ومبيعا في العالم كما ترجمت الى اللغة الانجليزية والعديد من اللغات الأخرى العالمية، مما أدى إلى فوز هذا الكاتب الفرنسي بجائزة نوبل للأدب لعام 2014.
يشير في هذا العمل الروائي إلى ترسخ واقع الطفولة في عمق الإنسان مدى حياته وأن لها أثر في سلوكياته وتعامله مع المواقف ومجريات الأحداث مما يجعلها المحرك الأساسي للتطور والنماء.
ومن هذا المنطلق يتراءى لنا من خلال أحداث الرواية الدور البالغ للأطفال في بناء الواقع والمستقبل مما يدفعنا الى جعلهم أولوية في اهتماماتنا وإعطائهم العناية التي يستحقونها بما يتوافق مع احتياجاتهم الفكرية، الصحية، الاقتصادية والاجتماعية مع ربطها منهجيا وأخلاقيا بمرجعيتهم الدينية والثقافية حتى يكونوا في مستوى تطلعات مجتمعاتنا للتغيير الايجابي واللحاق بالركب الحضاري العالمي.