د. العديني: أربع جهات تتقاسم مسؤولية وضع عقبات أمام طالب الجغرافيا

تاريخ التعديل
6 سنوات 4 أشهر
د. العديني: أربع جهات تتقاسم مسؤولية وضع عقبات أمام طالب الجغرافيا

مشهور العمري

 

بدا أستاذ الجغرافيا الاقتصادية بقسم الجغرافيا في كلية العلوم الإنسانية، الدكتور مارش أحمد العديني، حزينا لما آل إليه علم الجغرافيا على المستوى العربي، محملا أربع جهات هذه المسؤولية، أولها: الجامعة وأقسام الجغرافيا فيها، إضافة إلى المجتمع ونظرته لطالب التخصص، وكذلك الجهاز الإداري للدول.

 

حدثنا عن أهمية تخصص الجغرافيا؟

علم الجغرافيا من العلوم القديمة في موضوعه، المتجدد في مناهجه وأساليبه، فهو مرتبط بوجود الإنسان على سطح الأرض، وما دام الإنسان يعيش في المكان ويمارس جميع أنشطته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والدينية وغيرها من الأنشطة، فهو بحاجة ماسة إلى هذا العلم.

وكان يفهم سابقا، أن علم الجغرافيا هو العلم الذي يهتم بوصف الظواهر الطبيعية والبشرية وصفا سطحيا بعيدا عن الواقع، ولكنه أصبح اليوم علما تطبيقيا متخصصا يعالج الكثير من المشكلات التي تواجه الإنسان.

كما تحول العلم من الوصف إلى التطبيق الذي يعرف اليوم بالجغرافيا التطبيقية، وأصبحنا لا نجد أي موضوع يلامس حياة الإنسان اقتصاديا أو اجتماعيا أو سياسيا أو عسكريا أو أي مجال من مجالات الخدمات العامة إلا والجغرافيا مسهمة فيه بشكل مباشر.

 

هل تعتقد أن اختيار الطالب تخصص الجغرافيا يقابله بعض العقبات؟

العقبات التي تواجه الطالب هي نتيجة للكثير من القصور الحاصل أو الجهل أو التجاهل المقصود أو غير المقصود من قبل عدد من المكونات الاجتماعية.

وأشير هنا إلى ما تواجهه الجغرافيا في الدول النامية وفي مقدمتها دول المشرق العربي، فالطلاب في هذه الدول يواجهون معوقات كثيرة عند اختيارهم دراسة هذا العلم وخلال دراستهم الجامعية، وحتى بعد تخرجهم في الجامعة.

ومن المعوقات التي تواجه الطالب عند اختياره لهذا التخصص، جهل خريج الثانوية العامة بأهمية علم الجغرافيا؛ مما يجعله يلتحق بتخصص مجهول لديه، ومن العقبات أيضا، ردود الفعل السلبية من قبل الأقارب والمجتمع من حيث نظرتهم السلبية إلى طالب الجغرافيا لاقتناعهم بأن اختياره لم يكن موفقا وأنه اختار الطريق الخاطئ لمستقبله العلمي.

وكذلك النظرة الدونية للطالب من قبل زملائه وقرنائه وترديد أن علم الجغرافيا لا فائدة من دراسته وأنه عبارة عن جبال وصخور وعواصم، إضافة إلى شعور الطالب بعدم الرضا عن نفسه لاختياره هذا التخصص وقد يكون غير مخير في هذا، ولكنه مجبر عليه، نظرا لانخفاض معدله. وتترسخ الاقتناعات السلبية لدى الطالب أكثر بعد تخرجه في الجامعة عندما لا يجد فرص عمل متاحة مقارنة بالتخصصات الأخرى.

 

لماذا تظهر كل هذه المعوقات والعقبات أمام طالب وخريج الجغرافيا؟

أربع جهات أساسية تتحمل هذه المسؤولية، وهي: الجامعات ويمثلها هنا أقسام الجغرافيا، فكثير من الجغرافيين راضون عما وصل إليه تخصصهم من تدهور مخيف، واقتنعوا بأداء عملهم الوظيفي الروتيني وأغلقوا على أنفسهم الأبواب، وأورد هنا قصة شخصية تدل على تلك المواقف؛ فعندما تم قبولي معيدا بقسم الجغرافيا عام 1990 غمرتني الفرحة، فقابلت أحد أساتذتي في القسم وأخبرته بقبولي معيدا، منتظرا منه التهنئة، ولكن حدث العكس تماما، فقد قال «أنت مغفل، كان من الأفضل تروح تفتح لك بقالة تعيش منها»!

ويلاحَظ قلة اهتمام الجامعات بالشأن الجغرافي وندرة الدعم المادي والمعنوي، والنظر لأقسام الجغرافيا بأنها عبء؛ ولذا نجدها موجودة بكليات الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية مثلها مثل الأقسام النظرية الأخرى، بل إن الأمر وصل إلى إغلاق أقسام الجغرافيا في عدد من الجامعات العربية، مع أن مواقعها الصحيحة ضمن كليات علوم الأرض (الجيولوجيا، الجغرافيا، الأرصاد الجوية، البحار والمحيطات).

ومن الجهات المسؤولة عن ذلك أيضا، الجهاز الإداري للدولة؛ فكثير من المسؤولين والقادة الإداريين ينظرون إلى الجغرافيا على أنها عبارة عن ثقافة عامة، وليست علما متخصصا، كما يرون أنه يكفي الخريجين الالتحاق بالمدارس معلمين؛ ومن هذه الثغرات إلغاء مادة الجغرافيا، كمقرر مستقل في المراحل الدراسية في التعليم العام في بعض الدول، فضلا عن عدم تصنيف تخصص الجغرافيا ضمن التخصصات العلمية التي حددت لها الجهات لتوزيع الخريجين للعمل لديها باستثناء العمل في وزارات التربية أو وزارات التربية والتعليم، مما يشير إلى سيادة ثقافة خاطئة تواجه علم الجغرافيا.

ومن المعوقات أيضا، المجتمعات المحلية، حيث تشكل لديها اقتناعات وتصورات خاطئة عن الجغرافيا نتيجة للمواقف السلبية من قبل الجغرافيين المشار إليها سابقا. كما لم تخرج القطاعات الخاصة والأهلية عن النظرة العامة نحو الجغرافيا، وعدم إدراك قيمتها وأهميتها.

 

كيف تصف الجغرافيا الاقتصادية للعالم العربي؟

لا تختلف أبدا عن نظيراتها في أي مكان من دول وأقاليم العالم، فلو استعرضنا الأنشطة الاقتصادية السائدة في العالم العربي، سنجدها تغطي جميع المجالات الاقتصادية سواء التقليدية أو المتطورة بحسب الإمكانات المادية المتوافرة لكل دولة من دوله.

فهناك النشاط الرعوي وتربية الحيوانات والصيد السمكي والنشاط الزراعي والتعديني والصناعي والتجاري والنقلي والسياحي وغيرها من مكونات الجغرافيا الاقتصادية؛ وكل نشاط تؤثر عليه عدد من العوامل الجغرافية الطبيعية أو البشرية، إما سلبا أو إيجابا، ويأتي في مقدمة هذه العوامل، العامل السكاني والسياسي والاقتصادي.

 

رسالة في كلمة أخيرة؟

أجدها فرصة أتوجه خلالها بدعوة جميع الجهات ذات العلاقة بالجغرافيا في  الجامعات وأقسام الجغرافيا، والجهات الرسمية والمجتمعات المحلية، لمحاولة تغيير مواقفهم نحو علم الجغرافيا، وإعادة اعتباره، وإتاحة الفرص للجغرافيين في حل المشكلات في مختلف المجالات، وإعادة النظر في آلية إعداد المتخصصين الجغرافيين إعدادا يتناسب مع احتياجات المجتمعات المعاصرة من خلال توفير متطلبات واحتياجات تلك الأقسام المادية والبشرية، مما سيعيد الثقة لهذا العلم المهم، وأتمنى رؤية قسم الجغرافيا في كلية العلوم الإنسانية بجامعة الملك خالد في مصاف الأقسام الجغرافية في الدول المتقدمة، وأن يحقق ما يصبوا إليه من أهداف من خلال الاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين.

 

بطاقة

 

بكالوريوس جغرافيا عام 1989 من جامعة صنعاء.

ماجستير عام 1994 من قسم الجغرافيا بكلية ابن رشد بجامعة بغداد.

دكتوراه عام 1998 في التخصص نفسه من جامعة بغداد.

ألّف ستة كتب.

نشر له 20 بحثا علميا، وشارك في عشرات المؤتمرات العلمية والندوات وورش العمل داخل اليمن وخارجه.

ناقش وأشرف على عشرات الرسائل العلمية.

حكّم عددا من الأبحاث العلمية للنشر والترقية والمؤتمرات المتخصصة.

عضو في عدد من الجمعيات الجغرافية العربية، وهيئات التحرير والمجالس واللجان العلمية.