يسعى الأستاذ المساعد محمد ناجي بن عيسى في رسالته التعليمية إلى تقديم المعلومة للطالب لتغيير النمط التعليمي لديه من المتلقي إلى التفكير والاستنباط. وأوضح أن التفكير لدى الطالب يرقي من مهاراته في اكتساب المعلومة وتفكيكها. فالعلم بنظر الدكتور بن عيسى يقوم بالنقد والاستنباط، فكانت رسالته في التدريس رسالة يحاول من خلالها إعطاء الطالب أكبر قدر من الثقة في نفسه والمعرفة التي تمكنه أن يكون عنصرا فعالا في مجتمعه.
«آفاق» التقت بالدكتور محمد ناجي بن عيسى، الذي شاركنا تجربته التعليمية من خلال عدة مواضيع:
كيف كانت بداية حياتك العلمية والمهنية؟
كانت بداية دراستي في التعليم العام بالجزائر العاصمة، ثم درست البكالوريوس في هندسة الكيمياء بجامعة هواري بومدين، وتمكنت من الحصول على درجة تميز في البكالوريوس. تابعت بعدها دراستي في الماستر بجامعة نانسي بفرنسا ١٩٨٩، وحصلت على الدكتوراه بجامعة تولوز بفرنسا ١٩٩٤، وكان بحثي للدكتوراه في مختبر الحفز.
هل تتجاوز الكيمياء المختبرات وترتبط بحياتنا الطبيعية؟
طبعا، فالكيمياء تعتبر أساس الحياة، في أجسادنا والهواء وحتى العمليات الحيوية بداخلنا، وتفاعل الطبقات المحيطة بكوكبنا بعناصر، فهذه التفاعلات حولنا والتي تمكن لنا الحياة على هذا الكوكب هي كيمياء، وارتباط الكيمياء بمعيشتنا اليومية بأشياء نستخدمها. ففي المملكة تملك الكيمياء نصيبا كبيرا من صناعتها، في الصناعات البتروكيماوية والكيماوية، وفي الأكل والشرب وفي الرفاهية اليومية للكيمياء نصيب كبير منها.
من خلال علاقتك مع الطالب في تخصص الكيمياء، كيف تقيّم مستواه في هذا التخصص؟
في كلية العلوم يكون معدل الطلبة متوسطا، ففي الغالب يكون تخصص الكيمياء ليس الرغبة الأولى له، لكن تستطيع أن تلاحظ بعد سنته الأولى في التخصص يصبح الطالب أكثر اندماجا فيه وأكثر مشاركة وتفاعلا، فالمشكلة تكون ضعف المعلومات والثقافة لدى الطالب عن التخصص. فهذا الضعف يصعّب على الطالب سنواته الأولى، وهذه المشكلة نحاول معالجتها من خلال زيادة تثقيفهم في التخصص، مع مراعاة الخلفية العلمية لديهم، فحين يكوّن الطالب أرضيته الصلبة في التخصص يبدأ في التفاعل والتقديم في دراسته. فالطالب يحتاج أن يتعرف على مجال الكيمياء الوظيفي في سوق العمل، فهذا يحفز رغبته في استمراره في التقدم بدراسة الكيمياء.
هل كانت الكيمياء رغبة في بداية دراستك لهذا المجال؟
في الحقيقة كنت مثل أغلب الطلبة الذين أدرسهم، فلم تكن الكيمياء رغبة أولى لقلة خلفيتي العلمية عن هذا المجال الواسع، فأحببت التوسع في التخصص لارتباطه بالبيولوجيا والفيزياء والرياضيات، فكان محفزا لي في مواصلتي بهذا التخصص، وما شدني لهذا المجال هو تحفيز التفاعلات، فالتحفيز يسرع من التفاعل وهو مرتبط بكل الصناعات الكيميائية.
حدثنا عن رسالتك في الدكتوراه بشكل مختصر؟
كانت رسالتي حول التفاعلات المحفزة، وهي تفاعلات تستعمل الغاز كعامل محفز؛ لإضافة عنصر مفاعل.
رسالتك في التدريس؟
رسالتي كانت ومازالت هي إخراج الطالب من قوقعة الحفظ إلى التفكير والاستنباط.
هل وجدت تفاعلا من الطالب لرسالتك العلمية في التدريس؟
في الحقيقة وجدت تفاعلا كبيرا جداً لدى الطالب، فالطالب يريد تحفيزا يساعده على إظهار موهبته الإبداعية، فالتلقين هو الذي يجعل الطالب يحفظ، وبالتالي يحبط الإبداع الذي لديه، ففي التخصصات العلمية يكون التفكير والاستنباط عاملا أساسيا للنجاح.
حدثنا عن مسيرتك التعليمية في مجال الكيمياء؟
في جامعة تولوز بفرنسا أشرفت على رسالة ماجستير، كما قمت بالتدريس في جامعة هواري بومدين بالعاصمة الجزائر، وكانت مرحلتي الثالثة في التدريس بجامعة الملك خالد؛ فبدأت بالتدريس سنة ١٤٢٦
في المراحل التعليمية التي شهدتها، كيف تصف التغيير الذي حدث للطلاب الذين قمت بتدريسهم؟
استطيع القول، إنه مع تقدم التعليم، كل جيل يأتي يكون أكثر استيعابا واجتهادا من الذي قبله، بل أني لاحظت أن استيعاب الطالب في السنتين الأخريين بالتخصص أعلى، وازدياد الراغبين بالتخصص عمن قبلهم، فالتغيير في التعليم جعل الطالب أقل اتكالا على الأستاذ، فالمعلومة الآن أصبحت أكثر وفرة، وأصبح الطالب يمارس المجال العملي في تخصصه أكثر من ذي قبل.
ماذا عن البحث العلمي في الجامعة من خلال تخصص الكيمياء؟
في قسم الكيمياء نطور مختبرات الحفز، محفزات تساعد في تطور الصناعات في المجالات البتروكيماوية، وتكون مختبراتنا مساندة. وقد حدث تواصل مع مدينة الملك عبدالعزيز للبحث العلمي، وقمنا بعمل مشترك مع شركات مثل : سابك وأرامكو، كما قام أحد أعضاء مختبراتنا بعمل مشترك مع شركة سابك، بالإضافة إلى تكوين طلبة الماجستير في البحث العلمي، أحد مهام مختبراتنا في الجامعة
رسالة أخيرة لطلبة الكيمياء؟
دائما أكرر للطلبة أهمية الحرص على استغلال هذه السنوات الأربع من خلال تحصيل أكبر قدر ممكن من المعلومات في مجاله، فالطالب يملك مصاد رعدة في الجامعة للمعلومة، من الأستاذ إلى المكتبة والمراجع العلمية، والمقالات العلمية التي يستطيع الحصول عليها في الأنترنت، فهذه سنوات تحصيل يحرص الطالب فيها على الحصول على المعلومة؛ لتساعده في التقدم في مجاله، وخدمة بلده حين ما يصبح جاهزا للمشاركة في سوق العمل، فالكيمياء مجال واسع ومثير، فمستقبل الطالب يعتمد على همته في البحث عن المعرفة التي تنير البصيرة.
وفي كلمتي الأخيرة أحب أعبر عن امتناني؛ لأكون بهذا المكان الذي يرفع الإنسان لأسمى درجات الحياة، فالعلم سمو، وكشخص فاعل في تقديم هذه المعرفة يسمو امتناني لجعل مهمتي في تقديم العلم هي مهمتي في الحياة.