المملكة: 25 اتفاقا قيمتها 56 مليار دولار خلال «مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار»
يحيى التيهاني
أسعد أبو قاعود
واس، وكالات، بتصرف
اختتمت المملكة العربية السعودية الخميس الماضي «مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار»، الذي عُقد برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبرئاسة ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية، رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة الأمير محمد بن سلمان، والذي استمر لثلاثة أيام، بتوقيع 25 صفقة قيمتها 56 مليار دولار، من بينها 15 صفقة وقعتها «أرامكو السعودية» بقيمة 34 مليار دولار. وأظهرت الأرقام أن نحو نصف قيمة الصفقات الموقعة كانت في قطاعات اقتصادية غير نفطية.
وأعلن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خالد الفالح أن المملكة تتوقع جذب استثمارات بأكثر من 1.6 تريليون ريال (427 مليار دولار) بحلول عام 2030، في إطار مساعيها لتعزيز الصناعة؛ وأضاف في تصريحات صحافية «برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية البرنامج الأكبر والأهم، وله الأثر الأكبر في الاقتصاد السعودي»؛ مقدرا حجم الثروة المعدنية للمملكة بأكثر من 1.3 تريليون ريال.
منصة عالمية
وفي الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، قال مدير صندوق الثروة السيادي في السعودية ياسر الرميان، إن «للاستثمار قدرة على تمهيد الطريق أمام حل أصعب التحديات التي يواجهها العالم اليوم، وهذا سبب إطلاق مبادرة مستقبل الاستثمار».
واعتبر الرميان أن «هذا الحدث منصة عالمية تهدف للتعرف إلى أهم التوجهات المستقبلية واستكشاف الفرص الاقتصادية الواعدة التي من شأنها تشكيل ملامح مستقبل الاقتصاد وضمان أن يكون الاستثمار مساهما رئيسا في تحقيق الرخاء والتنمية الشاملة».
وقال: «تمثل المبادرة أيضا فرصة مهمة للتواصل بين قادة الأعمال والمستثمرين، ما يجعلها فرصة لا تفوت لآلاف المشاركين من أنحاء العالم». وأضاف الرميان أن «السعودية تزداد شفافية، والصندوق مستمر في تطوير صناعات جديدة في إطار الإصلاحات الاقتصادية التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان».
وتابع: «استثمر الصندوق في 50 أو 60 شركة عبر صندوق رؤية التابع لمجموعة سوفت بنك، وسيجلب معظم هذه الشركات إلى السعودية»، كما التزم الصندوق باستثمار 45 بليون دولار في صندوق رؤية.
وكانت «مبادرة مستقبل الاستثمار» افُتتحت بجلسة حوارية ناقشت كيف للاستثمار أن يلهم الإنسانية برؤية موحدة للمستقبل، بمشاركة عدة صناديق استثمارية سيادية من السعودية وروسيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وشملت قائمة المشاركين مجموعة من رؤساء الدول، من بينهم ملك المملكة الأردنية الهاشمية، عبد الله الثاني، ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ونخبة من الشخصيات المهمة من مختلف الدول الأفريقية والعربية والآسيوية، من ضمنها البحرين والإمارات ولبنان وإثيوبيا والغابون والسنغال وباكستان.
وترأس الشيخ محمد وفدا ضم أكثر من 150 وزيرا ورجل أعمال، حيث أشاد بمسيرة التنمية الاقتصادية الطموحة التي تشهدها السعودية بقيادة الملك سلمان ومتابعة الأمير محمد بن سلمان، وما «تتضمنه من مشاريع ومبادرات تعكس رؤية واضحة للمستقبل، ورغبة في القيام بدور محوري في تعزيز مستويات نمو الاقتصاد العالمي، لاسيما من خلال تعزيز مشاركة القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار».
وقال «نعمل على توسيع دائرة الشراكة مع مجتمع الاستثمار العالمي ونعمل مع شركائنا ضمن مختلف القطاعات لتطوير رؤى مشتركة لاقتصاد المستقبل وما يمكن القيام به لدعم خطط التنمية المستدامة مع تبني أفضل الممارسات العالمية وتوظيف التقنيات الحديثة التي تمثل عماد المرحلة المقبلة من مسيرة التنمية الاقتصادية العالمية».
وأعلنت وزراة الخارجية الباكستانية تأجيل مدفوعات نفطية من السعودية بقيمة 3 بلايين دولار، مشيرة إلى أن تسهيلات المملكة تأتي لمواجهة الأزمة المالية التي تعانيها البلاد حاليا.
أرامكو السعودية
أكد الرئيس التنفيذي لشركة «توتال» باتريك بويان، إن شركة النفط والغاز الفرنسية ستعلن عن شبكة تجزئة في المملكة مع «أرامكو السعودية».
وأعلنت شركة «ترافيغورا»، التي تتخذ من سويسرا مقرا، توقيع اتفاق لتنفيذ مشروع مع «شركة التعدين الحديثة» التي تتخذ من الرياض مقرا، تقدر قيمته بمليارات الدولارات ويتضمن تطوير مجمع متكامل لصهر وتنقية النحاس والزنك والرصاص في مدينة رأس الخير للصناعات التعدينية.
وشملت مذكرات التفاهم التي وقعتها «أرامكو السعودية» 15 شركة ومؤسسة من 8 دول، وهي فرنسا، والصين، والولايات المتحدة، واليابان، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة المتحدة، وكوريا الجنوبية، والهند، ما يعكس طموح الشركة ونمو محفظة أعمالها.
وتساهم مذكرات التفاهم في تعزيز برنامج القيمة المضافة الإجمالية لقطاع التوريد في المملكة «اكتفاء»، وهو من المبادرات الرئيسة التي تسعى الشركة من خلالها إلى تحسين سلسلة التوريد المحلية، في مجالي التشغيل وتوفير الوظائف، من خلال شراكات تجارية أكبر مع القطاع الخاص الوطني. ويهدف برنامج «اكتفاء» إلى زيادة حجم السلع والخدمات التي يتم توريدها محلياً إلى 70 في المئة بحلول عام 2021.
وتسعى «أرامكو السعودية» وراء عدد من الفرص التي ستبادر من خلالها إلى توطين الصناعة وتوليد مزيد من فرص العمل، حيث تعمل الشركة على زيادة الفرص الوظيفية للمواطنين السعوديين خلال السنوات الـ15 المقبلة، إذ يساهم «مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية» بإتاحة نحو 30 ألف وظيفة مباشرة و50 ألف وظيفة غير مباشرة. ووقع وزير النقل رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام نبيل العامودي اتفاق تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع قطار الحرمين السريع، مع التحالف الإسباني المشغّل للمشروع لمدة 12 عاما ابتداء من العام الحالي، والتي تبلغ كلفتها نحو 3.6 بليون دولار.
ووقع رئيس هيئة النقل العام رميح بن محمد الرميح مذكرة تفاهم مع رئيس مجلس إدارة شركة «سي سي إي سي سي» الصينية يوان لي، لتنفيذ مشروع الجسر البري الذي يربط موانئ البحر الأحمر والخليج العربي عبر سكك حديد، والذي يتوقع أن تتجاوز استثماراته 10.6 بليون دولار.
ووقع الرئيس التنفيذي لـ «الشركة السعودية للخطوط الحديدية» بشار بن خالد المالك، اتفاقا قيمته 267 مليون دولار لتصنيع عربات الشحن بالقطارات في المملكة، مع رئيس شركة «غرين براير» الأميركية جيمز كوان. وقال العامودي إن «الاتفاقات تخدم غايات إستراتيجية تحقق رؤية المملكة 2030».
مشاريع سكنية
وشهد اليوم الأخير من المؤتمر توقيع وزارة الإسكان و «الشركة الوطنية للإسكان» اتفاقا قيمته 2.7 مليار دولار مع تحالف يضم ثلاث شركات صينية تمثلهم شركة «باور شاينا إنترناشونال غروب ليمتد» لتنفيذ 17 ألف وحدة سكنية في مشروع «ضاحية الأصفر» السكنية في مدينة الأحساء خلال 6 سنوات.
وأوضح ممثل التحالف «وينهاو وو» أن «التحالف الصيني يشارك وزارة الإسكان في تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص لضخ وحدات سكنية متنوعة ومتعددة، بهدف تلبية ارتفاع الطلب على الإسكان في المملكة»؛ وأكد أن «هذا المشروع يجسد الشراكة الحقيقية بين التحالف الصيني ووزارة الإسكان والشركة الوطنية للإسكان في السعودية لبدء تنفيذ مشاريع سكنية متكاملة الخدمات والمرافق، والتي ستتيح نحو 4 آلاف فرصة».
وقال الرئيس التنفيذي لـ «لشركة الوطنية للإسكان» محمد بن صالح البطي «سُجل ارتفاع ملحوظ في حجم الطلب على الإسكان في المملكة، ما دعا وزارة الإسكان وبرنامج سكني إلى وضع خطة لتلبيته، بالشراكة مع القطاع الخاص، تهدف إلى ضخ وحدات سكنية متنوعة ومتعددة».
وأوضح أن «التحالف الصيني يضم العديد من الشركات المميزة في مجال التطوير والاستثمار العقاري والتي تتمتع بخبرة عالمية في هذا المجال، وتستخدم العديد من التقنيات المبتكرة في قطاع البناء والتشييد، ما ينعكس بشكل كبير على جودة الوحدات السكنية التي سيوفرها هذا المشروع، إضافة إلى الحرص على توفير بيئة سكنية جاذبة ومميزة».
ووقعت وزارة الإسكان والشركة الوطنية للإسكان أيضا اتفاقا قيمته 1.2 مليار دولار مع شركة «ساني العامرية»، وهي عبارة عن تحالف سعودي - صيني، لبدء تنفيذ 9658 وحدة سكنية في مدينتي جدة والدمام. وبموجب الاتفاق، تبدأ شركة «ساني العامرية»، التي تضم شركة «ساني» الصينية وشركة «العامرية للاستثمار العقاري»، في تنفيذ ثلاثة مشاريع سكنية على أراضي وزارة الإسكان تحت اسم «تلال الغروب»، الأول في حي الأمير فواز في محافظة جدة، ويستهدف توفير 6512 وحدة سكنية (شقق)، والمشروعان الآخران في مدينة الدمام، ويوفران 1632 فيلا و1514 شقة. ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ المشاريع الشهر المقبل، فيما سيتم تسليم المرحلة الأولى من الوحدات السكنية عام 2020.
وأوضح رئيس مجلس إدارة شركة «ساني العامرية» بندر بن محمد العامري أن «الأهداف التي ستحقق من خلال هذا التحالف عديدة، منها توطين التقنية بإنشاء مصنعين في جدة والدمام، وإنشاء مصانع لمعدات البناء لتأمين احتياجات السوق المحلية والتصدير إلى دول الخليج والشرق الأوسط»؛ وأكد أن من «أولويات ساني العامرية تدريب الشباب السعودي بمعاهد شركة مجموعة ساني العالمية بالصين وتوظيفهم في مصانعنا ومشاريعنا في المملكة خلال السنوات الثلاث المقبلة».
وأكد المدير العام لشركة «ساني العامرية» هيغن قاو أن «بيئة المملكة للاستثمار في القطاع العقاري جاذبة، ومع توجه الدولة نحو تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع، وقعنا الاتفاق مع وزارة الإسكان لمقابلة الطلب المرتفع للإسكان لبناء آلاف الوحدات السكنية».
برنامج الخصخصة
وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي محمد بن مزيد التويجري، أن «القطاع الخاص في المملكة ناضج وقوي، وهناك اهتمام عالمي ببرنامج الخصخصة في المملكة». وأضاف «نعمل على توفير البيئة المحفزة للقطاع الخاص للدخول والمشاركة في هذا البرنامج، ونحاول تلبية كل التوقعات في ما يتعلق بالخصخصة، ورفع مستوى مشاركة القطاع الخاص في البرنامج، والعمل على تعزيز الحوكمة والشفافية في كل القطاعات لنوجد بيئة تشريعية مناسبة، ويكون النمو الاقتصادي في المملكة مستداما».
وقال في كلمة خلال جلسة حوارية بعنوان «قوى السوق.. ما هو النموذج الاقتصادي الذي سيسود العالم في ما يخص إجراء عملية الخصخصة»، بمشاركة الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار الروسي المباشر «كيريل ديميترييفا» وعدد من المسؤولين «نبدأ مشاريعنا بمعرفة احتياجات المستثمرين ومتطلباتهم، ومن أهم الخطوات الأولية التي نعمل عليها تبني مبدأ الشفافية بين المستثمرين وأصحاب المشاريع، ونؤمن أن هذا المبدأ هو الركن الأساس لبدء برامج الخصخصة». وتابع «عملنا على تأسيس مركز تميز وخبرة ليكون نقطة رئيسة للتواصل مع المستثمرين ليدير تدفق الأفكار وأن يكون لهم بمثابة الحوكمة للكيانات الحكومية في تنفيذ الفرص والأنظمة التي لدينا، كما قمنا بالملاءمة ببيننا وبين الهيئات والكيانات الحكومية وكل برامج رؤية المملكة 2030».
وأوضح أن «هناك فرصا في برنامج التخصيص في أربعة قطاعات، وستكون بشكل تباعي وفق الجاهزية، من الآن وحتى الربع الأول عام 2019، حيث تنظر وزارة الاقتصاد والتخطيط إلى قابلية السوق، ولسياسات سوق العمل، والسوق المالية». وأكد «أهمية برامج الخصخصة، وفحوى هذه البرامج تعتمد على تحفيز القطاعات، خصوصاً قطاع التصدير، وبرنامج التحول الوطني يتعلق بأن تكون لدينا حكومة ذات كفاءات عالية ومرونة، لاسيما أن لدينا خبراء قانونيين وماليين لإنجاح هذه الخصخصة».
وأوضح «ديميترييفا» أن «أنجح نماذج الخصخصة هي التي تستطيع أن توفر أكبر قيمة تنافسية ممكنة، ينجم عنها ارتفاع مستوى الكفاءة والجودة».
«نيوم» تستهدف 100 مليار دولار
إلى ذلك، دخل مشروع «نيوم» مرحلة جديدة من التنفيذ الفعلي بعد تسارع الجهود في تجهيز وتحضير الأعمال الإنشائية لتطوير البنية التحتية في خليج نيوم، التي ستكون بدورها أول منطقة سكنية جاهزة لاحتضان السكان المستقبليين في نيوم، وهي المنطقة الدولية الخاصة قيد الإنشاء في شمال غربي السعودية على ساحل البحر الأحمر.
ويُتوقع تشغيل أول مطار في نيوم قبل نهاية العام الحالي، وتسيير رحلات أسبوعية إليه مطلع عام 2019 لتسهيل عملية التنقل من المشروع وإليه، وذلك ضمن مخطط عام لإنشاء شبكة مطارات في نيوم، أحدها سيكون مطارا دوليا على طراز عالمي. ويشهد المشروع تطورات عديدة، أبرزها تحديد 16 قطاعا اقتصاديا ستستحدث، يتوقع أن تساهم مستقبلا، عند دخول نيوم مراحل متقدمة من أعمال التطوير، في تأمين دخل سنوي يقدر بنحو 100 مليار دولار، وسيكون جزء كبير من هذا الدخل على شكل إعادة توجيه الاستثمارات الخارجية والإنفاق الخارجي على السياحة وغيرها من الأنشطة إلى الداخل، ما سينعكس إيجابا على الناتج المحلي المحلي للمملكة.
وقال الرئيس التنفيذي لمشروع نيوم، نظمي النصر، خلال جلسة بعنوان «عروض توضيحية: المشاريع الكبرى»، «نعمل بجدية في مشروع نيوم لتشكل المدن في المنطقة طرقا جديدة للحياة ومحورا جديدا للاقتصاد والتجارة والابتكار وبيئة مثالية للعيش».
وأضاف «نعي التحديات التي تواجهنا في هذه المنطقة التي تحتضن أكبر مشروع في العالم حجما واستثمارا، والإمكانات المتاحة لنا من دعم سياسي ومالي ولوجستي تجعلنا قادرين على فعل ما نصبو إليه، خصوصاً أننا نتعامل مع أرض بكر تتميز بمقومات طبيعية ونظام أيكولوجي (بيئي) عال».
مشروع البحر الأحمر للسياحة الفاخرة
وأكد الرئيس التنفيذي لـ «شركة مشروع البحر الأحمر» جون بانغانو، التزام الشركة تطوير الوجهة السياحية في المشروع بحيث تتجاوز الحفاظ على الأصول الطبيعية والثقافية التي تميز وجهتنا. ولفت إلى أن «من المقرر بدء تنفيذ المشروع عام 2019، وافتتاح المرحلة الأولى عام 2022». وأوضح خلال مشاركته في جلسة حوار بعنوان «عروض توضيح للمشاريع الكبرى»، أن «مشروع البحر الأحمر يبشر بعهد جديد للسياحة الفاخرة المستدامة، إذ يتألف من أكثر من 50 جزيرة جميلة، ويمتد على مساحة 28 ألف كلم، ويتيح 35 ألف فرصة عمل».
وقال «مشروع البحر الأحمر يعقد عصرا جديدا في سياحة الرفاهية والطبيعة، والسائح يخوض من خلاله تجارب رائعة ومذهلة ويتعرف على الطبيعة الخلابة والمواقع التاريخية والثقافية».