طلاب طب يحذرون من داء السمنة ومخاطره المحدقة بالمجتمع

تاريخ التعديل
6 سنوات
طلاب طب يحذرون من داء السمنة ومخاطره المحدقة بالمجتمع

متابعة: محمد إبراهيم

طالب عدد من طلاب المستوى 11 بقسم طب الأسرة والمجتمع في كلية الطب بالجامعة، ومن خلال حرصهم على سلامة وحماية المجتمع بأخذ الحيطة من داء السمنة الذي أصبح يشكل خطرا كبيرا يواجه المجتمع.
وسعوا إلى بيان الخطر الذي يشكله هذا الداء على مجتمعنا بصفة عامة وعلى الأجيال القادمة بصفة خاصة، وأوضحوا بأن الدراسات أثبتت أن  ربع سكان العالم تقريبا يعانون من زيادة في الوزن وهي زيادة مستمرة؛ وذلك لانتشار العادات غير الصحية، مثل: الوجبات السريعة، والمشروبات الغازية، وقلة الحركة والرياضة.
والسمنة ليست مجرد زيادة في الوزن, إنما هي زيادة تراكم الدهون في الجسم مما يؤدي الي زيادة في الوزن، لأن الجسم لا يستطيع تخزين المواد الغذائية مثل النشويات والبروتينات فتتحول إلى دهون يتم تخزينها.

سبب السمنة
يعد السبب الرئيسي للسمنة هو عدم الموازنة بين ما يحصل عليه الجسم وما يفقده من طاقة  بمعنى أنه يكون هناك زيادة في تناول المواد الغذائية ذات السعرات الحرارية العالية، مثل: النشويات والسكريات والدهون بنسبة تفوق ما يستهلك منها في النشاط الحركي، مثل: المشي وممارسة الرياضة؛ مما يؤدي إلى تخزين الزائد في الجسم على شكل دهون وهذه هي السمنة، كما أن هناك قابلية وراثية للسمنة في بعض الحالات ولكنها ليست السبب الوحيد غالبا.
وهناك بعض حالات الخلل في الغدد الصماء التي تصاحبها السمنة كنقص إفراز الغدة الدرقية وزيادة إفراز الغدة فوق الكلوية وبعض المتلازمات الأخرى النادرة. ولكن ليست هذه هي الأسباب الرئيسية للسمنة.

أنوع السمنة
النوع الأول: وهو الأكثر خطورة وهو السمنة التي تتركز فيها الدهون في الجزء العلوي من الجسم وهذا النوع يتم تشخيصه عن طريق قياس محيط الخصر، ويكون مصاحباً بزيادة في نسبة الدهون الحشائية التي تحيط بأنسجة الجسم داخل تجويف البطن وبخاصه البنكرياس. ويصاحب أحيانا بما يسمى بالمتلازمة الأيضية وهي التي يصاحبها مرض السكري وارتفاع ضغط الدم واضطراب في نسبة الدهون في الدم، مثل: زيادة الدهون الثلاثية ونقص الكوليسترول العالي الكثافة وهو الذي يعرفه العامة بالكوليسترول الحميد.
النوع الثاني: وهو السمنة التي تتركز فيه الدهون في الجزء الأسفل من الجسم ويتم تشخيصه عن طريق محيط الخصر أيضا وهو لا يكون مصاحبا بالمتلازمة الأيضية غالبا ويكون أقل عرضه من النوع الأول للإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم واضطراب نسبة الدهون في الدم.

أخطار ومضاعفات السمنة
• زيادة نسبة حدوث مرض السكري وارتفاع الضغط  واضطرابات الدهون في الدم مما يزيد من فرصة حدوث تصلب الشرايين وقصور الشرايين التاجية للقلب.
• زيادة ترسيب الدهون في الكبد، مما يتسبب في زيادة أنزيمات الكبد.
• زيادة حدوث خشونة واحتكاك المفاصل نتيجة الوزن الزائد وبخاصه الركبة والعمود الفقري، وقد ثبت أنه بمجرد نزول الوزن ولو حتى كيلوجرام واحد يؤدي إلى قلة الثقل على المفاصل بما يعادل عدة أضعاف.
• زيادة في ترسيب حصوات المرارة والتهابات المرارة.
• زيادة نسبة الاستعداد لحدوث الأورام، مثل: أورام الثدي والرحم والبروستاتا عن نسبتها في الأشخاص العاديين الذين لا يعانون من السمنة.
• زيادة نسبة حدوث تكيس المبايض عند السيدات.
• نقص كفاءة الجهاز التنفسي وزيادة نسبة التوقف اللحظي للتنفس أثناء النوم.
• زيادة نسبة حدوث الدوالي والتهابات الأوردة والنقرس.

كيف يتم تشخيص السمنة
1) قياس الوزن والطول ومنهما يتم حساب معدل كتله الجسم BMI كالآتي:
معدل كتله الجسم = الوزن بالكيلوجرام مقسوما على مربع الطول بالمتر.
ومعدل كتله الجسم الطبيعي من 18  إلى 24,9.
وزيادة الوزن من 25   إلى 29,9.
والسمنة ابتداءً من 30.
والسمنة المفرطة  ابتداء من40
2) قياس محيط الخصر: ويعتبر أن ما زاد عن 94 سنتيمتر أو يساويه  في الرجال و80 سنتيمتر أو يساويه في السيدات ممن يعانون من السمنة في الجزء العلوي ومن عوامل الخطورة للإصابة بالمتلازمة الأيضية.
3) يجب الكشف الطبي على الشخص المصاب بالسمنة من قبل الطبيب الباطني وذلك لاستبعاد أي أسباب أخرى لزيادة الوزن,  مثل:  تخزين الماء في الجسم في أمراض القلب والكلى والكبد, وأيضاً استبعاد وجود خلل في الغدد لكي يتم تشخيصها وعلاجها، وأيضاً اكتشاف المضاعفات وعوامل الخطورة لكي يتم متابعتها وعلاجها ولا يجب الاكتفاء فقط بقياس الوزن.
ويجب التأكد من عدم إصابته بقصور في شرايين القلب قبل ممارسته رياضه عنيفة. ويجب الإشارة أن علاج السمنة يجب أن يقوم به الأطباء وليس المدربون الرياضيون حيث إن السمنة حالة مرضية.
بعد تشخيص الحالة وتحديد معدل كتلة الجسم ومحيط الخصر والفحوصات اللازمة الإكلينيكية والمعملية للتأكد من عدم وجود مضاعفات أو أمراض مصاحبه للسمنة، يتم أولاً التأكد من استعداد الشخص النفسي والمادي لبدء المتابعة والعلاج؛ حيث إن العلاج الناجح هو خطة  مدى الحياة.
ويتم تحديد عوامل الخطورة عن طريق معدل كتله الجسم وقياس محيط الخصر والمضاعفات أو الأمراض المصاحبة للحالة وذلك لكي يتم تحديد الخطوات التي يتم البدء بها.
تعتبر السمنة حالة مرضية وبخاصه النوع الذي يتم ترسيب الدهون بالجزء العلوي. وأثبتت الدراسات أن علاج السمنة  يصاحبه تحسن في نسبة السكر والدهون وضغط الدم وخشونة المفاصل وتقليل ترسيب دهون الكبد وتحسن كفاءه التنفس.
هناك توجيهات عالمية من الجمعيات العالمية والدراسات المختلفة المبنية على الأدلة على تحديد الإطار العام لخطة العلاج وتفاصيلها.

خطوات العلاج
1) تعديل أسلوب الحياة: يشمل النظام الغذائي وتعديل السلوك والنشاط الحركي. ويجب التوصية بهم لكل من يزيد معدل كتله الجسم لديه عن 25 كج/متر مربع (أي لكل مصاب بزياده في الوزن أو سمنة).
2) العلاج الدوائي: يوصى به لمن يزيد معدل كتلة الجسم لديهم عن 30 أو 27 في وجود حالات مرضيه مصاحبة؛ وذلك بعد محاولة  تعديل أسلوب الحياة لمدة 6 أشهر بدون الوصول إلى النتيجة المرجوة لنزول الوزن.
3) التدخل الجراحي:  ويوصى به في حالات السمنة المفرطة (معدل كتلة الجسم أكثر من 40) وذلك بعد فشل الأساليب غير الجراحية  في نزول الوزن. 
الأنظمة الغذائية
هناك عدة أنظمة غذائية، منها: تقليل السعرات، تقليل الدهون، تقليل النشويات والسكريات وهناك النظام قليل السعرات جدا؛ وعند بداية أي نظام غذائي يكون الغرض هو نزول الوزن بما يوازي 10 بالمائة من الوزن الحالي في خلال ستة أشهر.
وفي حالة النظام الغذائي قليل السعرات يتم حساب السعرات الحرارية التي يحتويها الغذاء الذي يتناوله المريض بما يوازي 500 إلى 1000 سعر حراري أقل من احتياج المريض يوميا (وذلك حسب حالته من ناحية النشاط الحركي اليومي) وذلك يؤدي إلى فقد ما يعادل نصف إلى واحد كيلوجرام من الوزن أسبوعياً، ولا يستحب أن يزيد ما يفقده المريض أسبوعياً عن هذا المعدل، حيث إن النزول السريع للوزن يعقبه استعاده للوزن سريعا بعد التوقف عن اتباع النظام الغذائي، كما أنه يؤدي إلى الارهاق وترهل الجلد بعد الفقدان السريع للدهون التي تحت الجلد بالإضافة إلى أمراض نقص التغذية. 
وفي حالة اللجوء للنظام الغذائي قليل السعرات أي اقل من 1000 سعر حراري يوميا؛ فإن ذلك يجب أن يتم تحت إشراف طبي ولمدة محدودة. وقد وجد أنه بمقارنة النظام الغذائي قليل السعرات وقليل السعرات، فإنه لا يوجد هناك فرق في نسبة نزول الوزن على المدى الطويل.
ولذا فإن النظام الغذائي المتوازن الذي يحتوي على الخضروات والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة مع منتجات الألبان قليله الدهون والبروتينات الحيوانية والنباتي باعتدال مع حساب السعرات هو النظام الامثل.
يجب أن يتم تشجيع جميع الأشخاص المصابين بزيادة الوزن أو السمنة بممارسة النشاط الحركي وعلى الأقل المشي لمده 30 دقيقه خمس مرات أسبوعيا على الأقل، حيث يساعد على نزول الوزن ويزيد اللياقة البدنية للقلب والرئتين ويقلل من حدوث الترهلات ويساعد على أن يكون نزول الوزن عن طريق فقدان الدهون وليست العضلات. ومن الممكن أن تصل إلى 45 دقيقه إلى ساعة يوميا، وذلك لكي تتم المحافظة على ما فقد من وزن وعدم زيادة الوزن مره أخري.
وبالنسبة للأشخاص الذين لا يمارسون أي نشاط ينصح ببدء الحركة تدريجيا أي أنه من الممكن المشي لمده 10 دقائق يوميا في الأسبوع الأول ويتم زيادة المدة إلى ربع ساعة وهكذا.
كما يجب أن يقترن النشاط الحركي باتباع نظام غذائي إذا كان هناك رغبة في نزول الوزن وليست المحافظة على الوزن الحالي.
وهناك طرق عدة لممارسة النشاط الحركي منها المشي والجري والسباحة وركوب الدراجات. وفي الجانب الآخر فإنه يجب التقليل من فتره الجلوس بدون حركه مثل ما يحدث أمام التليفزيون أو الكومبيوتر، وقد أثبتت إحدى الدراسات أن تقليل فترة مشاهدة التليفزيون قد أدت الي نزول الوزن في مجموعه من الأطفال بمقارنتهم بمجموعه أخري شاهدت التليفزيون لفتره أطول.
وبالطبع يجب الإشارة بأنه لا ينصح بممارسة الرياضة العنيفة لدى الأشخاص المصابين بالبدانة إلا بعد فحصهم طبيا.
أثبتت الدراسات أن العلاج الناجح للسمنة يجب أن يشتمل على تعديل أسلوب الحياة الذي يتكون من ثلاثة محاور وهو نظام غذائي ونشاط حركي وتعديل السلوك.
يجب دراسة السلوك الحالي للشخص البدين فيما يخص أسلوبه في تناول الطعام ونشاطه الحركي بغرض اكتشاف الأخطاء التي يجب تعديلها لضمان نجاح العلاج على المدى الطويل.
وتشمل خطوات تعديل السلوك اللجوء إلى عمل مفكرة يومية يسجل فيها الشخص الغذاء الذي يتناوله يومياً سواء في الوجبات الرئيسية وبين الوجبات إلى جانب النشاط الحركي اليومي من عدمه وبالتالي من الممكن اكتشاف نقاط الضعف والخطأ وتصحيحه.
ينصح بتنظيم مواعيد الوجبات وعدم تجاهل بعض الوجبات مما يؤدي إلى الشعور بالجوع وزيادة تناول الطعام في الوجبة التالية. وينصح أيضا بتناول الطعام ببطء وفي أواني صغيرة الحجم  ويوضع بها كميات محددة, ويجب عدم الاحتفاظ بالمواد الغذائية ذات السعرات العالية قريباً من الشخص البدين ويجب أن يمتنع عن تناول هذه الأغذية بين الوجبات.
يجب اكتشاف المشكلات التي تحول دون متابعة العلاج وحلها وخصوصاً الضغوط العصبية، حيث إن بعض الأشخاص يتناولون الطعام عندما يشعرون بالقلق والإحباط، ويجب تدريبهم على بعض طرق التخلص من القلق والشد العصبي مثل تمرينات التنفس والتأمل.
ومن أمثلة ذلك التنفس ببطء من الأنف وحبس النفس قليلا ثم إخراجه  ببطء عدة مرات صباحا ومساء. وهناك طريقة أخرى وهي عد النفس بأن يتنفس بصورة طبيعية ويقوم بعد النفس خنس مرات ثم يبدأ مرة أخرى وهكذا.