أ . كريمة علي سلام: إجادتي لأربع لغات ورقة رابحة في مسيرتي المهنية
"أركز كثيرا على ترك بصمة إيجابية في نفسية طالباتي لتكتمل مهمتي في مجال التربية والتعليم" هذا ما قالته لنا المحاضرة بقسم اللغة الإنجليزية بكلية العلوم والآداب بمحايل الأستاذة كريمة علي سلام من خلال الحوار الذي أجريناه معها والذي أكدت من خلاله أن خدمة الطالب مهمتها الأولى والأخيرة.
عملتِ بتدريس اللغة الإنجليزية في الجامعات التونسية قبل الانتقال للعمل بجامعة الملك خالد، ما الذي يميز كل من التجربة التونسية والتجربة السعودية في التدريس؟
تدريس اللغة الإنجليزية في الدول العربية يندرج تحت إطار اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية أو كلغة ثانية، وكلتا التجربتين كانتا متميزتين للأمانة، التعليم في تونس يتميز بمعايير عالمية عالية المستوى ففي تونس يتم ابتعاث طلبة أقسام اللغة الإنجليزية في السنتين الأولى من المرحلة الجامعية ولمدة ثلاثة أشهر إلى بريطانيا في إطار التبادل الثقافي وذلك لاكتساب اللغة الإنجليزية من موطنها. وتجربتي هنا كانت متميزة أكثر، وما أبهرني هو الاعتناء بالطالب في مسيرته الجامعية بكل جوانبها؛ فالدعم الذي يتلقاه الطالب والطالبة من مختلف العمادات الموجودة بالجامعة أمر مشجع يدفع بأدائهم إلى التميز والإبداع، فشعارهم "الطالب أولا" والذي انبهرت به كثيرا.
وأيضا مما يميز التدريس في السعودية هو الطفرة النوعية والممتازة للتعليم الإلكتروني الذي نشهده ونواكبه في السنوات الأخيرة، فهو أمر يفخر به كل من يعمل تحت ولاء ولواء هذا البلد الكريم، وريادة جامعة الملك خالد في مجال التعليم الإلكتروني خير دليل على ذلك، وبفضل هذه التجربة تمكنت من خلال حصولي على شهادة ممارسة للتعليم الإلكتروني في دفعتها الأولى من قبل عمادة التعليم الإلكتروني من أن ألتحق بهذا الركب، وقد أحببت كثيرا هذا المجال.
ماذا تعني لكِ مهنة التدريس؟
مهنة التدريس من أنبل المهن فما بين يدي المدرس هناك نفس بشرية حملنا الله مسؤوليتها وما أثقلها من مسؤولية وأمانة، ومن هذا المنطلق أسعى إلى شيئين رئيسيين في مهنتي هما الصدق في القول والإخلاص في العمل. أحرص جدا على أن تكون علاقتي بطالباتي علاقة أفقية وليست عامودية، فأنا بالأحرى أخت وزميلة لهن أعاملهن باحترام كبير من مبدأ نبالة مهنتي وعظمة دوري كمربية، أرشدهن إلى الأفضل وأحاول قصار جهدي أن أقدم المعلومة في أبهى حلتها بطريقة سلسة وناجعة.
المدرس هو من ينشأ أجيالا واعدة وواعية فأحرص كل الحرص على جعل وقت محاضراتي مليء بالفائدة العلمية وأيضا الإنسانية، وأركز كثيرا على ترك بصمة إيجابية في نفسية طالباتي لتكتمل مهمتي في مجال التربية والتعليم.
تجيدين ثلاث لغات إلى جانب لغتك الأم ماذا أضاف لكِ هذا الثراء اللغوي، و كيف انعكس ذلك على حياتك المهنية والعلمية؟
الفضل لله أولا ثم للمسار التعليمي الذي تلقيته في مختلف مراحل عمري جعلني أجيد ثلاث لغات أجنبية وهي الفرنسية والإنجليزية والإيطالية إلى جانب لغتي الأم العربية.. علميا يعرف أن البوليغلوط( الشخص المتعدد اللغات) هو شخص ذكي ويتمتع بذكاء لغوي عالي المستوى، فتجد من يتحدث لغات كثيرة لا يواجه صعوبة في الانتقال من لغة إلى أخرى ويسمى ذلك بالإنجليزية:
Code switching
في زمن العولمة أصبحت إجادة أكثر من لغة أجنبية ضرورة حتمية لمواكبة العالم وأن يفهم ثقافة الآخر ويتقبل أي اختلاف، اللغة هي جواز سفر للإنسان فكلما زاد الزاد اللغوي للإنسان كلما فتحت له أمصار وأمصار، وهذا ما أضافته لي إجادة أربع لغات، فذلك يعتبر ورقة رابحة في المسيرة المهنية، أيضا لا أجد صعوبة في فهم النصوص أو المحتوى الرقمي لأي نص أدبي كان أو علمي يكتب بهذه اللغات ولله الحمد.
قدمتِ دورات لتعليم الطالبات اللغة الفرنسية والإيطالية، كيف وجدتِ إقبالهن على تعلمها؟
هنا كانت سعادتي كبرى وكانت فعلا من أسعد وأمتع اللحظات التي عشتها مع طالباتي وأنا أرى ذلك الحماس بداخلهن وهن يكتشفن عالم لغوي جديد. جعلني ذلك أحمد الله على هذه التجربة التي خضتها وأشكر كل من وقف ورائها ودعمها، فقد كلن لدى الطالبات شغف وحب جبار للتعلم، واستطعن في فترة وجيزة اكتساب أساسيات اللغة. وكما تعلمون تعتبر اللغة الفرنسية والإيطالية لغات عذبة ورومانسية، لغة الشعر والأدب الرفيع، فكان الاقبال على هذه الدورات منقطع النظير، وأيقنت من خلال هذه التجربة أن الطموح والحماس يصنع المعجزات.
ما رأيك بتدريس المزيد من اللغات في جامعة الملك خالد؟
حلمي أن أرى لجامعة الملك خالد معاهد عليا للغات تدرس بها لغات سوف يحتاجها سوق المملكة السياحة وخاصة سوق عسير السياحي، وقد ودعوت إلى إدراج لغات أجنبية في الجامعة في أكثر من مقام وأيضا كتبت في صحيفتكم الموفرة مقال بعنوان (لماذا لا تدرس الفرنسية في جامعتنا) والأمر ليس بصعب، يكفي أن نخوض هذه التجربة ولو بأقسام بسيطة مثل قسم اللغة الفرنسية، الإيطالية، الألمانية، إلى جانب اللغة الصينية التي تم تعميم تعليمها مؤخرا في مختلف المراحل الدراسية في مملكتنا الحبيبة.
ومن منطلق انخراط الجامعة في استراتيجية تطوير عسير والرؤية الثاقبة التي ستجعل من المنطقة قطبا سياحيا علميا أرى أنه من الأنسب تزويد السوق السياحي العسيري بكفاءات سيحتاجها من مترجمين ومرشدين سياحيين وإدارة أعمال يتقنون عدة لغات.
ما المواضيع التي تحظى باهتمامك البحثي؟
كل ما يتعلق بتعليم اللغة الإنجليزية وخاصة علاقة الأدب بتعليم اللغة وكيف للأدب دور أكثر فعالية في تعليم لغة عالية المستوى، أيضا أهتم بالأدب المقارن خاصة الشعر الرومنطقي منه وهو من أمتع المواضيع البحثية بالنسبة لي.
ما الذي تسعين لتقديمه من خلال عملك بالتدريس؟
أحلم بمدينة أفلاطون الفاضلة بعالم المثل وبعالم فضيل يسوده الاحترام والاحساس بالمسؤولية من لدن الجميع، أسعى إلى تكريس العديد من المفاهيم النبيلة التي تجمع الطالب بالأستاذ. طالب العلم يجب أن يحظى بمعاملة خاصة، يجب تجريد مفهوم التعليم من مركزية الأستاذ وأن الأستاذ هو محور الفصل الدراسي، وجعل الطالب هو المركز والمحور وهذا في حد ذاته نهج تعليمي يسمى:
Learner – centered approach
أحاول قصار جهدي ترسيخ هذا المبدأ لكي يشعر الطالب أنه في قلب الحدث وليس مجرد وعاء يتم إفراغ المعلومة بطريقة آلية ويعرف هذا أيضا في عالم التعليم ب:
Banking Education
أحرص من خلال عملي تطبيق المبادئ التي نشأت عليها والتي ترعرعت وأينعت منذ قدومي إلى هنا، فخدمة الطالب هي مهمتي الأولى والأخيرة والحرص على تميزه واكتشاف نقاط إبداعه وموهبته هي رسالتي ودائما استحضر كلمة سمو الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة عسير (أن تجتهد في عملك بإخلاص للوطن والمواطن ستجد عندنا لك العز والمعزة في كل المواطن) وهو فعلا ما شعرت به من خلال عملي هنا في جامعة الملك خالد الموقرة.
للشعر نصيبه من اهتماماتك، كيف تصفين لنا علاقتك به؟
الشعر لغة الوجدان وأصدق ما يكتبه الإنسان فهو يولد من جوف الشاعر كما يولد الجنين من رحم الأم، وكلاهما عمليات ولادة تصحبها الكثير من الآلام والآمال وكذلك يولد الشعر بالألم ثم القلم. الشعر بالنسبة لي صديقي الصدوق، هو ملاذي ورجائي وعزائي وكما وصفت شعري في شعري بأبيات باللغة الإنجليزية:
And only my poetry is the healer the herald.
The only one that is standing by me
giving me strength to stand up and to continue being me
أحب الشعر لأبعد الحدود ولحظات كتابة الشعر بالنسبة لي أصعب حالاتي وأصدقها تصاحبها عواصف عاطفية ينتج عنها ولادة القصيد. في الحقيقة أتبع في كتابة الشعر منهج الرومنطقيين وتعريف الشاعر الرومنطقي البريطاني وليام وردزوورث هو منهجي في كتابة الشعر "التداعي العفوي للمشاعر الجياشة".
أمتع مادة أدرسها ضمن مقررات قسم اللغة الإنجليزية هو مقرر الشعر، أحاول من خلال تدريسه بشغف وتفاني أن أجعل الطالبة تعشق الشعر وتخصص الادب بصفة عامة، وبتوفيق من الله عادة ما أنجح في هذه المهمة بشهادة من الطالبات أنفسهن. حيث يتسم تدريسى لمادة الشعر باستخدام طرق إبداعية تدفع الطالبة إلى حب الشعر إلقاءً واستيعابا، وللأمانة إذا ذكر الشعر فلا يستطيع قلمي التوقف عن الكتابة، لذلك أعتبر حالاتي الشعرية أقصى مستويات صدق وجداني.
تعشقين الأدب العالمي، هل حولّتِ هذا العشق إلى مشاريع بحثية أو علمية أو ثقافية؟
هذا أكيد ولكن كلها مشاريع مستقبلية، أطمح لمقارنة شعر أبو القاسم الشابي وشعر زليام وردزوورث (شاعر بريطاني) والشاعر الفرنسي شارل بودلير صاحب ديوام زهور الأسى. فلهؤلاء الشعراء الثلاث مواطن توافق كبيرة في علاقة الإنسان بمحيطه الداخلي والخارجي، وهي من المواضيع التي تستهويني كثيرا.
هل من كلمة أخيرة؟
كل الشكر والتقدير والاحترام والعرفان لجامعة الملك خالد على هذه اللفتة الكريمة بدءًا برئيسها الأستاذ الدكتور فالح بن رجاء الله السلمي والشكر أيضا موصول إلى سعادة عميد كلية العلوم والآداب بمحايل عسير الدكتور إبراهيم آل قايد وإلى وكيلة الكلية الدكتورة رحمة آل أحمد وزملائي وزميلاتي بقسم اللغة الإنجليزية وجميع من مر في حياتي وترك بصمة. والشكر موصول لصحيفة آفاق التي كانت بيت من البيوت التي استأنست بالمكوث بها لمدة 6 سنوات من خلال عملي كمندوبة لكليتي بها، وأقول للملكة دمتِ أمل رفاف يستنير بك كل مسلم على وجه الأرض، والشكر لكِ حبيبتي ابتهال القحطاني(ولهذا اللقب شأن كبير بالنسبة لي) كما أتمنى لكِ كل التميز وأن أراكِ من الأسماء اللامعة في مجال الإعلام والصحافة.
كريمة علي سلام
- محاضرة بقسم اللغة الإنجليزية بكلية العلوم والآداب بمحايل
- حاصلة على درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة قرطاج بتونس (المعهد العالي للغات)
- عملت في تدريس اللغة الإنجليزية في الجامعات التونسية وانتقلت بعدها للعمل من جامعة الملك خالد.
- رائدة النشاط بكلية العلوم والآداب بمحايل
- عضو في عدة لجان بكلية العلوم والآداب بمحايل( لجنة النشاط الطلابي، لجنة خدمة المجتمع، لجنة العمل التطوعي، لجنة الجودة).
- عملت كمندوبة للكلية بصحيفة آفاق على مدى سنوات
- كتبت عدة مقالات
- عاشقة للأدب العالمي وبالأخص الفرنسي والإنجليزي
- تتحدث 4 لغات (العربية اللغة الأم، الفرنسية اللغة الأولى، الإنجليزية لغة الدراسة والتدريس، الإيطالية حيث حصلت على شهادة جامعة بها)
- شاعرة (في طور الولادة) ولديها ديوان شعري باللغة الإنجليزية سيرى النور قريبا
- قامت مع طالباتها برحلة استكشافية إلى قرية رجال ألمع التراثية أثمرت عن فيلم وثائقي عن التراث العمراني بالقرية فاز كأفضل فيلم بالأولمبياد الثقافي الثاني.
- عضو سابق باللجنة الاستشارية لبرنامج سفراء اللغة التابع لوحدة تطوير المدارس بإدارة تعليم محايل
- عضو في منظمة سعودي تيسول Saudi TESOL
- عضو في منظمة TESOL iiternational Association
ابتهال القحطاني