أكد عميد كلية العلوم الإنسانية بالجامعة الدكتور خالد سعيد أبو حكمة ؛ أن فتح تخصصات جديدة يخضع لاحتياج سوق العمل، ولا يمكن المجازفة ؛ وفتح قسم لا يتواءم مع متطلبات سوق العمل، موضحاً حرص الكلية في الفترة الحالية على إضافة برامج علمية ونوعية، وسيكون التركيز على الدبلومات التطبيقية المهارية التي يستطيع الملتحق بها الحصول على وظيفة مستقبلًا ،جاء ذلك خلال الحوار أجرته معه صحيفة ( آفاق ).
ما هي رسالة كلية العلوم الإنسانية وأهدافها؟
رسالة الكلية هي: توفير بيئة أكاديمية عالية الجودة؛ لإعداد كفاءات متميزة في العلوم الإنسانية، والنهوض بالبحث العلمي، والإسهام في تحقيق الرؤى الوطنية وخدمة المجتمع، بالتوظيف الأمثل للتقنية والموارد الذاتية.
وهي تنبثق من رسالة الجامعة، وتتواءم معها، وللكلية أهدافها التي تنطلق من أهداف الجامعة الاستراتيجية، وتركّز على جوانب التعليم والتعلُّم، والبحث العلمي، وخدمة المجتمع، مع مراعاة التحول الرقمي، والاستدامة المالية، ومن أهم تلك الأهداف:
*تقديم برامج تعليمية عالية الكفاءة في مجالات العلوم الإنسانية.
*توفير البيئة البحثية المتطورة في العلوم الإنسانية.
*إعداد الخبرات العلمية والبحثية والاستشارية، بما يحقق المشاركة الفاعلة في تنمية وخدمة المجتمع.
* تلبية احتياجات سوق العمل من الكفاءات المؤهلة في مجالات العلوم الإنسانية.
* توسيع دائرة الاتصال المعرفي، والنشاط العلمي مع الكليات المناظرة محليًا، وإقليميًا، وعالميًا.
* التطوير المستمر للبرامج التعليمية والبحثية بالكلية وفق معايير الجودة.
وهذه الأهداف تخضع لمراجعة مستمرة؛ لمواكبة كل ما يجد في مجال العلوم الإنسانية، وتحقيق المواءمة مع رؤية المملكة 2030، واستراتيجية منطقة عسير، وخطة الجامعة الاستراتيجية.
عملت سابقًا وكيلًا لكلية العلوم الإنسانية للتطوير والجودة، كيف انعكس ذلك على عملك عميدًا لكلية العلوم الإنسانية؟
يعد عملي السابق وكيلًا للكلية للتطوير والجودة عاملًا إيجابيًا، تنعكس نتائجه المثمرة على عملي الحالي عميدًا للكلية، إذ كنت قريبًا من كل تفاصيل الكلية، وأعمال الجودة تحتم علينا معرفة التفاصيل التعليمية والأكاديمية في الأقسام العلمية، ومعرفة كل ما يتعلق بالطلاب والطالبات، ومعرفة الجوانب التي تحتاج إلى تطوير وتحسين مستمر، وهذا يختصر كثيرًا من الجهد والوقت في معرفة الإمكانات البشرية والمادية في الكلية، ومعرفة الجوانب القوية والإيجابية، وبالتالي تعزيزها والمحافظة عليها، ومعرفة الجوانب التي تحتاج إلى تطوير وتغيير وتحسين في كل المجالات، والانطلاق نحو تحسينها وتطويرها.
ما التغيرات التي شهدتها الكلية على يدكم أثناء فترة عملكم عميدًا، وما الخطط المستقبلية؟
لم يمضِ على تعييني عميدًا للكلية سوى ثلاثة أشهر، وهي فترة قصيرة لا يمكن من خلالها قياس تغيرات فعلية وجوهرية، كما أن ذلك يلحظه الآخرون، ويستطيعون معرفة ما إذا كان هناك تغيرات حدثت، ولكنني أسعى إلى المحافظة على المكتسبات التي تملكها الكلية في جميع الجوانب، وهي كثيرة، ثم الانطلاق نحو التغيير الفاعل والإيجابي، وليس التغيير من أجل التغيير فقط.
وما يتعلق بالخطط المستقبلية فأشير إلى أن أي عمل لا يسير وفق خطط علمية منهجية مصيره إلى الضياع والفوضى، وهناك خطط موجودة سابقًا لتطوير الكلية ذات قيمة عالية يجب أن نكملها وأن نسير عليها، وهناك خطة موازية لما هو موجود وضعتها، تتواءم مع اتجاهات وخطط الجامعة، مع مراعاة طبيعة الكلية وتخصصاتها، وهذه الخطة لها جوانب متعددة، منها ما يتعلق بالعملية التعليمية والأكاديمية، ومنها ما يتعلق بالطلاب والطالبات، ومنها ما له صلة بالبحث العلمي والدراسات العليا، ومنها ما يحاول تحقيق جودة الحياة الجامعية، ولا نغفل أننا في زمن لا يؤمن إلا بالعمل والإنتاجية، ولذلك يجب التركيز في خططنا على تعزيز الجوانب المهارية في تطوير البرامج، وتطوير المناهج، وتطوير أعضاء هيئة التدريس، والكادر الإداري، وكذلك الطلاب والطالبات.
ما المشاكل التي تمر بها الكلية، وتسعى لمعالجتها؟
هناك تحديات وليست مشكلات، وهذه التحديات تتطلب المواكبة والعزيمة والإرادة القوية من جميع منسوبي ومنسوبات الكلية، وتكمن هذه التحديات في مواكبة التطور الكبير الذي تمر به بلادنا، وهو تطور يشمل جميع جوانب الحياة، والمرحلة الزاهية التي تمر بها بلادنا ــ كما ذكرت سابقًا ــ لا تؤمن إلا بالكفاءة في الأداء، والإنتاجية، وتعزيز قيم العمل المثمر والبنَّاء، وبالتالي يجب مواكبة ذلك، والسعي نحو تطوير كل الجوانب العلمية والإدارية والبحثية، وإلَّا سنجد أنفسنا في مكان متأخَر ومظلم.
وفي كلية العلوم الإنسانية يجب أن نستشعر تلك التحديات، وأن نقدم الأفضل لاسيما أننا نملك مقومات بشرية وعلمية قادرة على النهوض بالكلية علميًا وأكاديميًا وبحثيًا وإداريًا، بل إن طبيعة العلوم الإنسانية تقوم على صناعة الوعي، وإحداث التغيير في المجتمع، وهذا عامل مهم يقوي القدرة على مواكبة الحراك الكبير الذي تشهده بلادنا.
ما أهم التخصصات المتاحة في الكلية، وهل هناك تخصصات أخرى يمكن فتحها في الكلية؟
الكلية تضم 4 أقسام، هي: اللغة العربية وآدابها، والتاريخ، والجغرافيا، والإعلام والاتصال بمساراته الثلاثة ( الصحافة والنشر الإلكتروني ــ الإذاعة والتلفزيون ــ العلاقات العامة ) ، وهذه الأقسام تمنح درجات البكالوريوس وكذلك درجات الماجستير في جميع التخصصات، والدكتوراه في تخصصي اللغة العربية وآدابها، والتاريخ بمساراته الثلاثة ( التاريخ القديم ــ التاريخ الإسلامي ــ التاريخ الحديث والمعاصر ).
وهناك برنامج ماجستير مشترك بين قسمي الإعلام واللغة العربية، ( ماجستير اللغة والإعلام ).
أما فتح تخصصات جديدة فهذا يخضع لاحتياج سوق العمل، إذ لا يمكن المجازفة بفتح قسم لا يتواءم مع متطلبات سوق العمل، ولكن الكلية لديها توجّه في فتح برامج نوعية ( دبلومات عالية ــ برامج ماجستير ودكتوراه ) ، وفتح برامج بينية ذات قيمة علمية عالية، والعمل جارٍ في الأقسام لتقديم برامج نوعية تتواءم مع طبيعة المرحلة، وسيكون التركيز على الدبلومات التطبيقية المهارية التي يستطيع الملتحق بها الحصول على وظيفة مستقبلًا.
وهناك مجالات يمكن التركيز عليها، ومنها ( مجالات الإعلام الرقمي ـــ صناعة المحتوى ــ الذكاء الاصطناعي واللغة ــ حوسبة اللغة ــ نظم المعلومات الجغرافية ـــ الاستشعار عن بعد ــ السياحة والآثار ــ تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها ــ تحليل الخطاب والمحتوى ــ وغيرها من المجالات ذات العلاقة بالكلية ).
هناك أنباء عن تحوّل بعض التخصصات في الكلية إلى كلية مستقلة، ما صحة ذلك؟ وما هي تلك التخصصات؟
كأنّك تلمّح إلى خبر تحول قسم الإعلام والاتصال إلى كلية؟
طُرح ذلك خلال الفترة الماضية، بل عمِل قسم الإعلام على ذلك، وأنهى المقترح الخاص بتحويل القسم إلى كلية مستقلة، ولكن لا أعلم أين وصل هذا المقترح.
أما غيره من الأقسام فليس هناك توجه لتحويلها إلى كليات مستقلة، وأرى أن الأفضل في هذه المرحلة هو العمل على فتح برامج علمية نوعية، يطلبها سوق العمل، وليس التوسع في فتح أقسام علمية أو كليات مستقلة، وهذا يحتاج إلى دراسة متأنية ودقيقة؛ حتى لا نصدّر عاطلين وعاطلات بكميات كبيرة.
ما الدور الذي تبذله الكلية لخدمة المجتمع، وماذا قدمت في هذا الجانب؟
لدى الكلية مجالات كبيرة وواسعة يمكن أن تقدمها لخدمة المجتمع، و سأصدقك القول: من أبرز الجوانب التي تحتاج إلى تفعيل أكثر في الكلية الجانب المتعلق بخدمة المجتمع، وهناك بعض الأعمال الموجهة لخدمة المجتمع يقوم بها عدد من أعضاء وعضوات هيئة التدريس، ورصدت، وتمتاز بتنوعها، ولكنّ المؤمل أن تقوم الكلية بعمل برامج لخدمة المجتمع، وهذا ما نعمل عليه في الكلية ، فهناك خطة خاصة بهذا الأمر يعمل عليها الزملاء في وكالة الكلية للتطوير والجودة، وستخرج قريبًا بإذن الله.
ما الجهود التي تبذلها الكلية في سبيل الارتقاء بالمستوى التعليمي للطلاب؟
يُعد الطالب / الطالبة المحور الأساسي في العملية التعليمية، لذا يجب تكثيف الجهود في الكلية والأقسام العلمية من أجل تقديم الأفضل للطالب والطالبة، والكلية تسعى لأن يكون خريجيها ذوي كفاءة عالية، ويمتلكون مهارات معرفية كبرى في تخصصاتهم، والوصول إلى ذلك يتطلب جهودًا كبيرة، تبدأ من توفير بيئة تعليمية صحية، وتقديم أساليب تدريس متنوعة، وهذا توجه عام للجامعة من أجل الارتقاء بالمستوى التعليمي للطلاب والطالبات، والجامعة تقدم حلولًا في هذا الجانب ، ومن ذلك تدريب أعضاء وعضوات هيئة التدريس على طرق التدريس المناسبة، ومتابعة أعمالهم التي يقومون بها من تدريس وأساليب تقييم، وتطوير في المناهج.
وأدعو الطلاب والطالبات لتقديم ملحوظاتهم ومقترحاتهم حول هذا الجانب، وغيره من الجوانب المهمة التي من شأنها الارتقاء بالطالب والطالبة معرفيًا ومهاريًّا وسلوكيًّا.
ما أهمية العلوم الإنسانية من وجهة نظرك؟
العلوم الإنسانية تحمل في طياتها الكثير من جوانب الفكر والمعرفة التي لايمكن لأي أمة من الأمم الاستغناء عنها، أو تهميشها، أو التقليل من شأنها؛ لأنها العلوم التي تهتم بدراسة كل ما يتعلق بالإنسان من لغات وتاريخ وثقافة وفلسفة وآداب وفنون وعلوم اجتماعية ونفسية وتربوية، وهي التي تجعل من واقع الإنسان ومستقبله هدفًا لها، وتسهم العلوم الإنسانية في تعلُّم كيفية تكوين رؤية تجاه كل ما حولنا، وتسهم في صنع وعي فكري من خلال استعمال العقل في طرح الأسئلة، وتقييم الواقع من حولنا، ولا يمكن فهم الآخر إلا من خلال العلوم الإنسانية؛ للاندماج معه ودمجه معنا؛ وتسهم في تحسين الصورة الذهنية عن أي مجتمع أو معتقد لدى الآخر، ولا يمكن فهم المستقبل واستشرافه إلا من خلال العلوم الإنسانية، وتعد من أهم العلوم التي تصنع الحضارات ، وتبني القيم والأخلاق، ولا مبالغة إن قلنا: العلوم الإنسانية تسهم في اكتشاف الإنسان وتطويره، كما أنها تحمل الهوية والمعتقد، ولها صلة بعوامل التأثير في الآخر، وساد اعتقاد خاطئ في أوساط المجتمع مفاده: ليس هناك فائدة ذات أهمية كبيرة للعلوم الإنسانية، مما جعل الاهتمام يتركز على العلوم الطبيعية تدريسًا في المدارس والجامعات، مع تهميش وإهمال للعلوم الإنسانية، وسبّب ذلك في رسم صورة ذهنية لدى المجتمع تفضي للتقليل من مكانة العلوم الإنسانية، وإهمالها، وتهميشها، ولذلك نجد عجزًا كبيرًا في مهندسي الفكر، وصانعي الثقافة الحقيقية، مما جعل الثقافة الهزيلة السطحية تطغى على كثير من المجتمعات.
ولا نغفل أن لبعض المتخصصين في العلوم الإنسانية دورًا في ترسيخ تلك الصورة السلبية عن العلوم الإنسانية، فلم يواكبوا التقدم السريع في كل جوانب الحياة، وأهملوا دورهم الحقيقي في صناعة الوعي المجتمعي، ولم يطوروا من أساليبهم البحثية؛ لذا فالمسؤولية عظيمة على الكلية لتصنع شيئًا من الوهج المعرفي والعلمي الذي تحمله العلوم الإنسانية.
هل من كلمة أخيرة تود إضافتها؟
أدعو منسوبي ومنسوبات الكلية، وطلابها وطالباتها للوقوف مع عمادة الكلية، وتقديم المقترحات التي من شأنها الإسهام في الارتقاء بالكلية على الأصعدة كافة، وليعلموا أننا نعيش مرحلة مهمة في مسيرة بلادنا التنموية، وعلينا مواكبتها‘ والمشاركة فيها مشاركة فاعلة ناضجة، وعلينا أن نطور ذواتنا، و ممارساتنا العلمية والعملية؛ للارتقاء بالكلية، وتعزيز دورها الحقيقي.
وأتقدم لصحيفة آفاق بالشكر والامتنان على إتاحتها لي هذه الفرصة.
محمد الجائزي