المصدر: هارفارد غازيت
قريبا سينتهي العام الحادي عشر لمدير جامعة هارفارد السيدة «درو فاوست» في إدارة أحد أفضل كبريات الجامعات في العالم. ترى ما هي المعايير التي ستختار لجنة البحث في «هارفارد كوربوريشن» على أساسها المدير الجديد.
بعد أربعة أشهر من إعلان مدير جامعة هارفارد السيدة «درو فاوست» عن عزمها التنحي بنهابة العام الأكاديمي الحالي، بدأ البحث عن مدير هارفارد القادم في كل حدب وصوب، والتقت صحيفة «هارفارد غازيت» مع رئيس لجنة البحث في «هارفارد كوربوريشن» والتي تتكون من خمسة عشر فردا، السيد «بيل لي».
وعن عملية البحث صرح «بيل لي» بأنها تهدف لشيئين: تحديد المرشحين ليصبح أحدهم المدير 29 لهارفارد، ولتجميع معلومات عن التحديات التي تواجه هارفارد وبقية منظومة التعليم العالي. هذه المعلومات ستساعد من يتولى المنصب على وضع أجندة لمستقبل هارفارد.
وعن أوجه المقارنة بين الماضي حينما اختارت اللجنة «درو فاوست» والحاضر عندما تختار خليفها أو خليفتها في المنصب، قال «بيل لي» إنها المرة الخامسة التي تختار فليها هارفارد مديرا لها، وأكد أنه لا يوجد نموذج للعملية ولا توجد نتيجة حتمية لها. ومع هذا فإن وجه الشبه بين هذه وتلك أن الاختيار يشمل كل أطياف المجتمع، حيث لدينا مدخلات مساعدة للغاية؛ أما وجه الاختلاف فيتمثل في أن مشهد التعليم العالي اختلف جذريا عن الـ 11 عاما الماضية، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي أو الدولي أو التقني.
وبسؤاله عن السبب الذي يجعل البحث عن قائد لجامعة مثل هارفارد مختلفا عن أي مؤسسة أو منظمة أخرى، أجاب «بيل لي»، «أن العملية مختلفة ومتشابهة، فأوجه التشابه أن العملية تجعلك تقيم مكان المؤسسة، وإلى أين تأمل في أن تذهب في المستقبل. إننا نبحث عن الشخص الذي لديه سمات وقدرات القائد الذي يستطيع أن يقود دفة الجامعة وسيساعده على أن تكون أقوى وأفضل. أما وجه الاختلاف فإن هارفارد مؤسسة مختلفة ولديها دوائر داخلية متنوعة وآراء وتوقعات وآمال كبرى أكبر من أي مؤسسة قد تتخيلها«.
اللجان الاستشارية
وعن الدور الذي تلعبه اللجان الاستشارية الثلاث من الأساتذة والطلاب وطاقم العمل رد «بيل لي» بأن دورها يتمثل في إبلاغ إدارة هارفارد، وأسهب في تفصيل دورها قائلا: «بعد بداية عملية البحث قامت اللجنة بإرسال حوالي 375 ألف بريد إلكتروني للأساتذة والطلاب والطاقم الإداري والخريجين وقادة التعليم العالي في البلاد، لاستقراء رؤاهم حيال المكان الذي تقف فيه هارفارد الآن، وما هي التحديات التي تواجه هارفرد في الغد، وما السمات التي يجب أن يتحلى بها المدير القادم. وتلقينا 1500 رد ثم اجتمع مدير هارفارد الحالي مع 12 من أعضاء اللجنة لاجتماعات طويلة طيلة الأربعة والخمسة أشهر الماضية، وتحادثنا مع 200 شخص معني على حدة، واجتمعنا مع مئات الأفراد ممن شاركوا في اجتماعات، ومعظمهم ممن لهم علاقة بهارفارد، وتحدثنا أيضاً مع الكثير ممن لا علاقة لهم بهارفارد، بل بمؤسسات تعليمية أخرى، وسألناهم نفس الأسئلة السابقة وسألناهم هل ترشح أحدا بعينه».
وحدث كل هذا بعد أن التقت الهيئات الثلاث الاستشارية وباشروا عملهم. وتلك الهيئات تضم الأركان الثلاثة المهمة في مجتمع هارفارد: الأساتذة والطلاب وطاقم العمل.
وفي الماضي لم يكن لدينا هيئة لطاقم العمل، وتواصنا مع الخريجين بشكل واسع وممتد. وعملت كل تلك اللجان بجد وتعب منذ بداية العام الدراسي، وكلهم أعطونا منافع جمة من خلال آرائهم ومساعدتهم لنا في التأكيد على الحصول على آراء الآخرين. «نحن نتعلم كثيرا منهم سواء بأفكار جديدة أو اقتراحات شيقة».
مستقبل هارفارد
وبسؤاله عن السبب وراء ذلك التوسع الكبير في الوصول لكل المعنيين أجاب «بيل لي» بأن هنالك ثلاثة أسباب وراء ذلك: الأول أن مجتمع هارفارد لديه أعضاء كثيرون، ولديهم آراء مختلفة، ومن المهم أن نسمع من الجميع، ونريد أن نفهم طموحات الناس ومخاوفهم. الثاني: أننا نريد أن نعرف من من أطياف المجتمع الذي يرى هارفارد من بعيد، فلربما كان لمجتمع هارفارد آراء غير صحيحة. «من المهم أن نعرف أين نحن وإلى أين نريد أن نذهب». أما الثالث: أننا بنهاية اليوم كل ما تعلمناه سينجم عنه قراران: من هو المدير القادم؟ وكيفية تصور المدير القادم، وبقية أعضاء اللجنة لمستقبل هارفارد.
سمات المدير
وعن كيفية التعامل مع حقيقة أن شخصا واحدا لن يستطيع أن يحصل على أعلى الدرجات في كل نواح ونقاط الاختيار، أجاب «بيل لي» بأنه أخبر المجموعة التي قابلها بأنه بمجرد أن نقابل شخصاً حاصلا على جائزة نوبل في الكيمياء والآداب والاقتصاد ومعلما مبهرا وممتازا ومربيا ومفاوضا بارعا ودبلوماسيا ومخططا عمرانيا وجاذبا وداعيا للتبرعات والأموال، ممن يستطيع أن يدير مشروعا تجاريا بمليارات الدولارات، مع أنشطة في كل أنحاء العالم، ولديه لمسة في كل المجالات ومتواصل بارع ومنصت جيد فإننا سنجد الشخص المناسب«.
فإذا بحث عن شخص فيه كل تلك المزايا فإن هارفارد لن تجد أحدا مناسبا، ولهذا؛ نبحث عن شيئين: أولهما شخص يتحلى بالسمات الإنسانية الجوهرية، وأعني بها الأمانة والموثوقية والقدرة على التواصل والذكاء العاطفي والشغف الفكري والقدرة على النمو، مما يؤهله لتحمل مسؤوليات الوظيفة. والثانية: شخص لا يستطيع أداء كل شيء يطلب منه بمفرده، وفي النهاية سينفذ فريق العمل المطلوب تحت إدارة المدير. وسيضم الفريق نائب المدير والعمداء وآخرين، وسيتمكن الفريق تحت إشراف المدير من جلب الخبرة والتجربة التي يحب أن يراها أي فرد في الشخص المثالي للوظيفة.
عاصفة هارفارد العادلة
وبسؤل الصحيفة عن الكلمات التي سيصف بها «بيل لي» المدير القادم بعد خطاب «بيل لي» للمديرة الحالية للجامعة عقب إعلانها عزمها التنحي بوصف «بيل لي» للجامعة تحت إدارتها بأنها جعلتها «عادلة» من «خلال التغير ومن خلال العواصف»، قال «بيل لي»: لا أعلم لأن هذا وقت التحدي الآن، حيث إننا في وجه العاصفة، فالناس الآن يشككون في أهمية الحوار الفكري والنموذج المالي لأي مؤسسة تعليمية يضعها تحت ضغط، فالتعامل مع كل تلك التحديات يجعلنا تحت ضغط في الحفاظ على مكانتنا كمؤسسة تعليمية بارزة في الولايات المتحدة الأميركية وفي العالم بأسره. وبالتالي عندما تهب العاصفة فأي مدير لأي جامعة مثل جامعتنا سيحتاج ليس فحسب لتغير الجو، بل لقيادة التغير نفسه.
الحيوية الفكرية
وبسؤله عن نقاط قوة الجامعة قال «بيل لي»: إن نقاط القوة العظمى لدينا تتمثل في الأساتذة الاستثنائيين والطلاب الاستثنائيين وطاقم العمل الاستثنائي، هذا هو مكمن القوة لدينا. هذا هو منبع الحيوية الفكرية لدينا وهو ينبوع نجاحنا في التقدم.