"المجال الاتصالي اليوم هو ساحة معارك حرب وسلام وأرباح وخسائر ؛ وإجادته والقدرة على طرح الرواية الخاصة بك من خلاله هي قوة عظيمة ، تضاف للقوى العسكرية والأمنية بلا شك" ، هذا ما قاله المبتعث لمرحلة الدكتوراه يزيد الجاسر المستشار الاتصالي والمتخصص في اتصال الأزمات والمخاطر في الحوار الذي أجرته معه صحيفة (آفاق).
من هو يزيد الجاسر؟
بدايةً شكراً على الاستضافة؛ وسعيد بتواجدي مع آفاق ورؤيتها تكبر يوماً بعد يوماً ؛ وصولاً لما هي عليه اليوم، لاشك أن المساحة أقل من الإجابة على هذا السؤال لكن دعنا نضعها في الإطار المهني والعلمي؛ فيزيد شاب طموح ؛ خرج من الرياض في وقت مبكر ؛ لتحقيق طموحه العلمي والمهني منذ سن الـ18 ؛ ولا زال يستمتع بالرحلة حتى اليوم.
حدثنا عن حياتك العلمية والعملية ؟
بدأت دراستي في المجال العلمي التجريبي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بمدينة الظهران ، لكن لعدة ظروف قررت العودة للرياض ؛ لإكمال مرحلة البكالوريوس في كلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود في قسم اللغة الإنجليزية، وكانت هي انطلاقتي مع العلوم الإنسانية، وبدأت رحلة الابتعاث بعد التخرج إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
كيف تصف رحلتك مع الابتعاث ؟
كانت مذهلة!
رحلة الابتعاث كان مخطط لها ، أم أنها جاءت بمحض الصدفة ؟
ربما كانت مزيج من الاثنين ، فلطالما كنت أرغب بإكمال الدراسة في أمريكا تحديداً ؛ خصوصاً وأن دراستي للغة الإنجليزية في مرحلة البكالوريوس ؛ هيئتني كثيراً للمجتمع الأمريكي لغوياً وثقافياً واجتماعياً إلى حدٍ ما، بعد التخرج كانت الفرصة موجودة من خلال برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي ؛ وبالتالي كان قراراً سهلاً بإكمال المسيرة التعليمية في بلاد العم سام.
ما هي أبرز الصعوبات والتحديات التي واجهتك خلال مرحلة الابتعاث ؟ وكيف تعاملت معها وتجاوزتها ؟
لاشك أن التحديات تحمل في طياتها دوماً الفرص ، وشخصياً مررت بعدة تحديات على عده مستويات شخصية وصحية ؛ لكن أحدها كان سوء تفاهم كبير مع مالك العقار المستأجر لديه ، وبعضها الآخر كان تحدياً شخصياً للوصول لأقصى ما يمكن تحقيقه منذ البداية ؛ وبفضل الله ؛ قمت بالتطوع لتدريس اللغة الإنجليزية لغير الناطقين بها في مدينة بوسطن ؛ بعد وصولي لأمريكا بأقل من ٦ شهور ، وكذلك المشاركة في مؤتمر جامعة هارفرد العربي في غضون( ٩ ) أشهر من بداية الابتعاث ؛ وذلك قبل البدء بدراسة الماجستير، وكله بفضل الله وتوفيقه.
كيف تصف شعور الغربة والتعايش معه ؟
شعور الغربة ؛ وصعوبة التأقلم في مجتمع جديد؛ ولغة وثقافة جديدة موجود بلا شك ؛ إلا أنني أعتقد أن الوسائل التي توفرها الملحقية الثقافية السعودية ؛ بالتعريف والخدمات المباشرة للمبتعثين، وتواجد المبتعثين السعوديين ؛ إضافة إلي أن المجتمع الأمريكي يعد من المجتمعات الودودة ؛ كلها عوامل ساعدت على التأقلم والاندماج سريعاً.
هل تخصصك هو امتداد لإكمال رحلة الابتعاث في نفس المسار أم هناك فرق ؟
هو فعلاً امتداد طبيعي وتدريجي من علم الترجمة والاتصال اللغوي ؛ إلى ماجستير فلسفة الاتصال وانتهاء بدرجة الدكتوراه في دراسات الاتصال والإعلام، فالتحصيل العلمي والبناء التدريجي للمعرفة في هذا الحقل تم بفضل الله ؛ بالطريقة المثلى للفهم العميق للتخصص العلمي ؛ انتهاء بالأطروحة والتي تعتبر الإضافة العلمية في المجال؛ وخصصتها للبحث في الأزمات الاتصالية.
هل كان هناك فرق بين دراسته سابقًا وفي الوقت الحالي على ضوء رؤية 2030؟
من ناحية المجال فهو يتطور طبيعياً ؛ وفقاً للتطور الحاصل في تقنيات الإعلام ، والتي تسارعت بشكل مذهل في وقت قياسي، ولك أن تتصور على سبيل المثال أن خدمة الواتساب والسناب شات وحتى ماسنجر الفيسبوك لم تكن موجودة حينما بدأت مرحلة الابتعاث، بينما تعتبر الآن المشكّل الأكثر تأثيراً في الرأي العام عالمياً، وعليه ونظراً للتطور الكبير الذي تشهده المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ووفقاً لرؤية ٢٠٣٠ التي يقودها سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله؛ فالمملكة تأخذ خطوات سبّاقة في المجال الاتصالي داخلياً وخارجياً ، ووجود مثل هذه المعرفة في هذا التخصص ومستجداته ؛ فهي بلا شك إضافة لقدرات المملكة الكبيرة ؛ للمضي قدماً مسلحة بعزم الرجال ، و بأقوى العلوم المعرفية الحديثة.
إلى أي مدى تقيس مستوى صعوبة تخصصك وفق ما ذكرت ؟
المجال الاتصالي اليوم ؛ هو ساحة معارك حرب وسلام وأرباح وخسائر ؛ وإجادته والقدرة على طرح الرواية الخاصة بك من خلاله هي قوة عظيمة ، تضاف للقوى العسكرية والأمنية بلا شك. فمن خلال هذه المعركة يمكن الوصول لأهداف استراتيجية متقدمة جداً ومبكرة ، وكذلك يمكن الفوز بمعارك قبل أن نضطر لخوضها كمعارك تسميم أفكار الشباب والشابات ضد دينهم و دولتهم و آباءهم و أهاليهم وغيرها من الحروب الفكرية. ولهذا صعوبة التخصص قد لا تكون في فهم ومعرفة أهم النظريات والممارسات في المجال ؛ بل في إجادتها تطبيقاً وتعليماً ، وهي بلا شك أحد أهم الركائز المهمة على كافة الأصعدة اجتماعياً وأمنياً وسياسياً.
ما هي أهم إنجازاتك التي تفتخر بها سواء على المستوى العلمي أو حتى في حياتك ؟
أهم إنجاز أفتخر فيه هو علاقتي المميزة مع والديّ أطال الله أعمارهم ؛ فهم سر التوفيق والنجاح في كل أموري بحمد الله، وعلى المستوى العلمي والمهني والشهادة الأكاديمية التي أسأل الله أن يعينني على إتمامها قريباً ؛ فالنشر العلمي في عدد من المجلات العلمية المرموقة في مجال الإعلام والاتصال ؛ ثم عملي كمُحكم علمي مجلتين عريقتين في أمريكا للسنة الثانية على التوالي؛ و حضوري عضواً مع المؤتمر الدولي لإعلام واتصال الأزمات في أورلاندو كلها أمور أفتخر بها بفضل الله في مرحلة الابتعاث، ولا أنسى العمل في قسم الإعلام بجامعة الملك خالد منذ اليوم الأول لتأسيسه ومشاهدة نجاح الدفعتين الأولى الكبير بفضل الله، وايضاً العمل على صناعة هوية القسم، وتنظيم المؤتمرات الدولية لقسم الإعلام والاتصال بمعيّة الزملاء في القسم ، ورؤيته يقترب من حلم التحول إلى كليّة ؛ كلها إنجازات تثلج الصدر ، و القادم بحول الله أفضل.
ما هي النصيحة التي توجهها لكل شاب وشابة يراودهم حلم الابتعاث ؟
أطمح للأفضل ولا ترضى بالقليل ، حاول دائماً ولا تكن تقليدياً.
هل من كلمة تختم بها الحوار ؟
شكراً على الاستضافة وأتمنى لكم كل التوفيق.
عبدالله القحطاني