مقرر «مقدمة إلى التربية».. أو كلمة السر إلى كنوز مغارة علي بابا التربوية!

تاريخ التعديل
6 سنوات 9 أشهر
مقرر «مقدمة إلى التربية».. أو كلمة السر إلى كنوز مغارة علي بابا التربوية!

بقلم الدكتور لطفي محمد حجلاوي

أستاذ أصول التربية المساعد بكلية التربية
جامعة الملك خالد وجامعة قرطاج

يَحتاج كل دارس لأي تخصّص علمي في الجامعة إلى البداية بأساسيات وأبجديات ذلك التخصّص. إذ من غير المعقول أن نبدأ في تعليم طلاب المستويات الأولى التّفاصيل الدّقيقة المتخصّصة للعلم قبل تعليمهم الأوّليات، وإلا نكون كمن يضع الحصان خلف العربة كما في المثل الشهير.
فلكل تخصّص مقدّماته، وللتخصّص التربوي مقدّماته أيضا. ولعل أشهر المقررات التي يدرسها طلاب المستويات الأولى في كلية التربية هو مقرر «مقدّمة إلى التربية»، وهو مقرر أفقي، أي يمتد على جميع الطلاب الملتحقين حديثا بكلية التربية. والمعنى في ذلك أنّ مقرر مقدّمة إلى التربية هو مقرر أساسي وتمهيدي لجميع طلاب كلية التربية، يأخذه جميعهم في المستويات الأولى من بكالوريوس «التعليم الابتدائي»، وبكالوريوس «التربية الخاصة». وقد يكون من الأهمية بمكان أن نتساءل لماذا هو من المقررات الأفقية؟
القصد من وراء جعل مقرر «مقدّمة إلى التربية» أفقيا يبدأ به جميع الطلاب مهما كان تخصّصهم، يجد تفسيره في ما تضمّنته مفردات التوصيف لهذا المقرر.
فقد تضمن التوصيف قائمة من المواضيع والمهارات التي تتعلق بأساسيات الثقافة التربوية الأوليّة للطالب التربوي المستجد، وهي عبارة عن مفاتيح تمهّد له الدخول إلى عالم «عملية إعداد المعلم»، وإكمال الطريق للمستويات اللاحقة في بكالوريوس التربية. وقد تضمّن التوصيف المفردات التالية: 
المقصــــود بالتربية (معناها في اللغة والاصطلاح، مفهومها، تعريفها، طبيعتها، موضوعها، أهميتها، أهدافها، مصادر اشتقاق الأهداف، وأهمية تحديد الأهداف في العملية التربوية). 

خصائص التربية ووظائفها 
• العلوم التربوية (أهميتها، فروعها، علاقتها بالعلوم الأُخرى، أهمية دراسة العلوم التربوية والنفسية للمعلم). 
• الأصول التربوية (المقصود بها، أهميتها، أنواعها: الأصول التاريخية، الأصول الفكرية (الفلسفية)، الأصول الاجتماعية، الأصول الثقافية، وغير ذلك).
• الركائز الأساسية للعملية التعليمية (المقصود بها، أهميتها: المتعلم، المعلم، المنهج المدرسي، الإدارة المدرسية، الوسائل التعليمية). 
• المؤسسات التربوية (المقصود بها، أهميتها، أنواعها: الأُسرة، المؤسسات التعليمية، المؤسسات الدينية والخيرية، جماعات الرفاق والأقران، مؤسسات الإعلام والاتّصال، المؤسسات الثقافية، المؤسسات الترويحية، المؤسسات الوظيفية الرسمية وغير الرسمية، المؤسسات الأمنية).
• نماذج من آراء وأفكار واهتمامات بعض أعلام الفكر التربوي عبر العصور التاريخية كالتربية الصينية، التربية اليونانية (الإغريقية)، التربية الرومانية، التربية الإسلامية، التربية الأوروبية الغربية، التربية الحديثة.
وهكذا نلاحظ أن كلّ ما تضمنه التّوصيف هو عبارة عن المفاهيم التربوية الأساسية، وإذا ما مثّلناه قلنا أنه يشبه الدرجات الأولى في السُلّم الصّاعد للعلوم التربوية المتخصّصة. ولا يخلو هذا الأمر من الأهمية البيّنة، فهذا المقرّر هو فاتح شهية، وهو المؤسس لما يأتي بعده، وهو المدخل للتخصّص. ومن مستويات أهميته أيضا أنه سبيل الطالب التربوي المستجد للدّخول إلى «مغارة علي بابا» التربوية بكل كنوزها.
إنّه كلمة السّر لزحزحة تلك الصّخرة العظيمة التي تسد العالم العميق أمام طلاب لا يعلمون شيئا عن التربية ويرغبون في أن يصيروا معلمين.
إن من صمم هذا المقرر ووضعه للمستويات الأولى لا يخلو من نظرة استراتيجية ثاقبة، فهو بهذا المقرر يكون قد وضع الطالب التربوي المستجد على الطريق الصحيح، وفي مساره العلمي المأمون بإذن المولى عز وجل.
يستعين المدرّس لهذا المقرر بالكتاب الجيد للأستاذ الدكتور صالح بن علي أبو عراد وهو «الأبجديات التربوية»، حيث غطى جميع مفردات التّوصيف. فله جميل الشكر والثّناء على ذلك الجهد.
بطاقة

• لطـــفي حجــــلاوي.
• أستاذ مساعد متعاقد مع كلية التربية جامعة الملك خالد.
• أستاذ مساعد بالمعهد العالي لإطارات الطفولة ISCEC بقرطاج ـ  جامعة قرطاج، تونس.
• دكتوراه في فلسفة التربية الأمريكية المعاصرة. 
• مدرب تربوي بالمركز الوطني لتكوين المكونين في التربية، بوزارة التربية التونسية. 
• مؤلف لكتاب «فلسفة التربية»، دار التنوير، بيروت، 2009، وكتاب «التربية الديمقراطية»، دار ابن النديم، 2013، وكتاب «الموهبة والإبداع»، دار طيبة، 2017، وصاحب سلسلة في أدب الطفل بعنوان «طلائع الامتياز»،  المتوسطية للنشر، بيروت، تونس.