بداية النهاية للصحافة الورقية

كلية العلوم الإنسانية
تاريخ التعديل
6 سنوات شهران

منذ بداية ثورة الإعلام الحديثة، التي تبلورت خلال العشرين سنة الأخيرة، بدأت وسائل الإعلام الحديثة في استقطاب الجماهير والمتابعين بشكل متسارع؛ لتسحب البساط من تحت وسائل الإعلام القديمة، وتحديدا الصحافة الورقية والإذاعة التي كانت مصدرا رئيسا للمتابعين والقراء على مدى عقود طويلة؛ حتى أصبح جيل الشباب الذي تفتحت أعينهم على القنوات الفضائية والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي غير مهتم بما تقدمه الصحف الورقية.
يحاول بعض الإعلاميين التأكيد على أن الصحافة الورقية لن تتأثر بوسائل الإعلام الحديثة، من خلال القول إن التلفاز لم يؤثر على المذياع، والحقيقة أنه استشهاد في غير محله؛ لأن الإذاعة انحسر تأثيرها ومتابعتها حتى لم يبق لها متابعون إلا أثناء قيادة السيارات، ثم إن متابعة الإذاعة لا يكلف شيئا؛ سواء بالنسبة للإذاعة نفسها كجهاز أو بالنسبة للمتلقي الذي لا يطلب منه أي شيء سوى إدارة مفتاح الراديو. ومع هذا انحسر دور ومتابعة الإذاعة في السيارات. 
أما الصحف الورقية فهي مكلفة للصحف نفسها من حيث الطباعة والتوزيع، ومكلفة للمتابع الذي يجب عليه دفع قيمة الصحيفة سواء بالاشتراك أو الشراء المباشر.
ففي عالم الصحافة الورقية العربية بدأت رياح الإزاحة تطالها.  فالعديد من هذه الصحف تترنح وبعضها بلغ نهاية المطاف.
فهذه هي صحيفة السفير اللبنانية المعروفة تعلن توقف صدورها مع آخر يوم من عام 2016، مع تجاوز عمرها أربعين عاما من الصدور واستكتابها لرموز ثقافية وفكرية مرموقة، ومما لا شك فيه أن توقفها عن الصدور يعود إلى أكثر من عامل؛ ولكن الإعلام الإلكتروني ومزاحمته لها يأتي في مقدمة هذه العوامل التي أسهمت في بلوغ هذه الصحيفة مرحلة النهاية.  
وعندما تتوقف صحيفة  The Independent البريطانية الشهيرة عن الإصدار الورقي نهائيا، مكتفية بنسختها الإلكترونية على الرغم من عراقة هذه الصحيفة ومهنيتها العالية وسمعتها العالمية المميزة، فهذه خطوة تمثل تحولا في مسار الصحافة عموما مع العلم أن هذه الصحيفة المعروفة قد قلصت في فترة سابقة من حجم ورقها حتى أصبحت في حجم صحافة الـ «التابلويد» في محاولة للتأقلم مع الوضع الجديد، ومع هذا لم تستطع الاستمرار في الصدور مع المتغيرات الحديثة في عالم الإعلام.
وفي النهاية كان القرار النهائي بمغادرة مجال الصحافة الورقية والاكتفاء بالنسخة الإلكترونية.
ولا شك أن إيقاف هذه الصحيفة العريقة لنسختها الورقية يمثل نقطة تحول في عالم الصحافة الورقية ومؤشرا إلى بداية النهاية لهذا النوع من الإعلام.