الدكتور أحمد آل مريع: الانتماء الوطني ممارسة حية وعملية دائمة مستمرة

تاريخ التعديل
سنتان 8 أشهر
الدكتور أحمد علي آل مريع

 

أكد عميد الكلية التطبيقية وعضو اللجنة الإشرافية على وحدة التوعية الفكرية بالجامعة الدكتور أحمد علي آل مريع أن الانتماء هو إضافة للوطن إضافة إلى كونه بوصلة وموقف ووجهة يتخذها المواطن لبناء وطنه، لافتا إلى الانتماء يساعد الفرد على أن يكون قادرا على ترتيب أولوياته وعلى تقديم المهم فالأهم والتركيز على أن المصلحة العامة أولى من المصلحة الخاصة.

جاء ذلك خلال اللقاء التوعوي الذي قدمه عبر برنامج (زوم) الذي أقيم يوم الثلاثاء الماضي بعنوان:  "الانتماء الوطني وسبل تعزيزه" تحت رعاية معالي رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور فالح بن رجاء الله السلمي، والذي استهدف المبتعثون والمبتعثات والمحاضرون والمحاضرات والمعيدون والمعيدات.

الانتماء شعور وسلوك

وتطرق آل مريع إلى مفهوم الانتماء موضحا أنه شعور وسلوك يملي على الشخص ميلا إلى البيئة من حوله أو إلى الوطن أو إلى جهة معينة في علاقة ما.

وقال:"الانتماء هو شعور بالارتباط والانتساب إلى الوطن والعضوية فيه، لذلك ومن هذه الجهة هو ارتباط وجودي من حيث وجود الإنسان وخلقته وجسده وكينونته، وهو ارتباط أيضا من حيث الثقافة من حيث أنشطته وتواصله وعلاقاته الاجتماعية بدءا بالنسب وانتهاءً بالمصاهرة وما بينهما من علاقات أسرية أو اجتماعية أو علاقات مع نظام اجتماعي أو نظام إداري أو إلى غير ذلك في حقبة أو في مرحلة معينة."

ممارسة حية وعملية دائمة

 وأضاف:  "الانتماء الوطني يعتبر ممارسة حية وعملية دائمة مستمرة مرتبطة بما يقدمه الإنسان وبالتغذية الراجعة إليه وبما يأخذه، أي أنه حالة من الفعل المستمر بما يسميه علماء الاجتماع ( السلوك) ويشيرون فيه إلى إشكالية بسيطة ألا وهي الواجهة الوجدانية، مثل: الإيثار، التسامي، الحنين .. ولا يكتفى بمثل هذه العبارات بل لابد أن نبحث عن ممثل لها وشواهد تدل عليها، حيث أن الإيمان في الشريعة الإسلامية يقترن بالعمل الصالح دوما في قوله تعالى: ( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ) ، أيضا المحبة في قوله تعالى: ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)  إذا الأمور القلبية نحن نظن أن الكافي والضامن فيها مجرد الشعور لكن الواقع والحقيقة أن هذا الشعور يحتاج معه إلى شواهد تكون عليه في الواقع، لذلك ترتبط التربية بجانب الانتماء وتنميته وغرسه في النفس منذ المراحل الأولى للطفل في هذه الحياة، فيرتبط الانتماء بمؤسسة الوالدين أو مؤسسة الأسرة بشكل كبير ويرتبط بعد ذلك بالمؤسسات الأخرى التي يؤكد خبراء علم الاجتماع والتربية على أن من أهم المؤسسات ارتباطا بالانتماء الوطني وبتعزيزه وغرسه في النفس هي الأسرة ومن ثم المدرسة وبعدها الجامعة باعتبار أن الجامعة كيان كبير منفتح على عدد كبير جدا من التجارب والعلاقات."

تشكل الانتماء وتعمقه

وأردف قائلا "الانتماء يتشكل مع البدايات كحاجة أساسية مثل المأكل والمشرب والعناية وإلى غير ذلك، ويتعمق بعد ذلك في صوره على هيئة الانتماء إلى أقران، الانتماء إلى البيت الذي يؤويه وينمو ويتربى فيه، الانتماء إلى اللغة التي يستخدمها، ثم الانتماء في المدرسة إلى التاريخ الكبير لأن هذا الانتماء يكون بالعاطفة مثلما ذكرنا ويكون بالسلوك أيضا من خلال الانتماء لتاريخ هذا الوطن والاعتزاز بقيمه وأمجاده عن طريق الاطلاع على التضحيات التي قدمت لهذا الوطن والاعتزاز بعقيدته وتبني تحدياته والاستعداد للتضحية من أجله".

 لبنة صالحة متآلفة

وتابع"الانتماء يعني أن يكون الإنسان لبنة صالحة متآلفة مع محيطه الاجتماعي ومع أبناء وطنه، والانتماء بطبيعته أيضا يساعد على حل جميع الإشكالات وتذويب الاختلافات وتذويب التوترات على استيعاب الشريك والآخر أو المختلف مع الفرد لأن هذا الانتماء جذوة حقيقية تجعل الإنسان يعيد ترتيب أولوياته في الخلاف وفي الاختلاف، وأن هذا الوطن هو حق للجميع وأن التآلف بين أفراده واللقاء على كلمه سواء هو الأصل في هذه الأمور، وأن طبيعة الأشياء فيها التعدد ووجهات النظر المختلفة والتنوع المختلف بما يكفله النظام وتكفله الشريعة الإسلامية لأبنائها".

 حاضن لكل المشروعات

وأردف"الانتماء هو الحاضن الأكبر لكل المشروعات في التاريخ؛ فهي تنبع من انتماء ما يؤمن به الإنسان ولا يوجد كيانات تبنى على النوايا ولا حضارات تبنى في الفناء المجرد؛ إنما كل هذه الأمور بحاجة إلى النوايا الطيبة وبحاجة إلى آليات لتطبيقها، والحضارات العظيمة بحاجة إلى جغرافيا وإلى اجتماع وإلى كيان لذلك كان الانتماء هو صانع كل هذه الأشياء التي نراها، والواقي والحامي بإذن الله تعالى من تلك الاختلالات أوالعطب الذي يدخل في النسيج الاجتماعي ويكون سببا لا قدر الله في إحداث الفجوة بين أفراد المجتمع وبعضهم البعض أو بين المجتمع وبين طموح هذا الوطن الذي يوصله لأعلى المستويات.

الوعي نواة الانتماء

وأكد على أهمية الوعي في تكوين النواة الحقيقية للانتماء السليم للوطن، وممارسة الحياة بحرية وبثقة واسعة،كما أجاب على سؤال طرحه الطلبة المبتعثين وهو: (كيف أكون مواطنا صالحا ومنتميا صالحا إلى بلدي) فقال "قم بواجبك الأول، وأن تهتم بما ابتعثتك بلادك إليه، وأن تحقق لها ثقتها فيك حينما ابتعثتك لإنجاز مهمة معينة وتحقيق هدف معين."

تعزيز الانتماء للوطن

كما تحدث عن بعض الأمور الهامة لتعزيز الانتماء للوطن، كالمشاركة الاجتماعية والتفاعل مع المناسبات الوطنية بشرط أن تكون هذه المشاركات تحت مظلة رسمية موثوقة توفرها وتدعمها الدولة، والحرص على الدفاع عن اسم الوطن بالوعي والحكمة، وأن يشعر الفرد بداخله بالفخر والاعتزاز بالقيم الإسلامية التي يحملها بداخله، والحفاظ على مكتسبات الوطن، والعمل مع الزملاء والأصدقاء بروح متآلفة وبفكرة الفريق الواحد مهما كان الاختلاف بينهم، مع محاولة تبني عنصر الشخصية الناجحة بالتسامح والتواضع للجميع، قائلا: "لا تكاد ترى شخصية ناجحة وهي تعمل على قضية تصفية الحسابات أو على الانتصار في المعارك الصغيرة".

أهمية الاعتزاز بالعقيدة

وأضاف"ولا ننسى أهمية الاعتزاز بالعقيدة فهي تعطي شعور بالسكينة الداخلية والاطمئنان، فتعاليم الدين الحنيف تعطي حصانة علمية ودينية ضد الإغراءات المختلفة سواء إغراءات الشهوة أو إغراءات الشبهة أو المال أو غيرها، وتحفظ بإذن الله تعالى من أخطار الانسياق وراء الأشياء أو التيارات الفاسدة.

مهارات التواصل والحوار

وأكد أن الفرد بحاجة إلى رفع مهارات التواصل الاجتماعي لديه ومهارات الحوار والمهارات المعرفية بشكل عام، مشيرا إلى أن التعامل مع المجتمعات الأخرى أو التعامل مع الأفراد في المجتمع يحتاج إلى لباقة، بالإضافة إلى أن هناك تنوع بين الأفراد فضلا عن المجتمعات والبلدان المختلفة أو الأعراق المتباينة.

الابتعاث فرصة

واعتبر أن الابتعاث عبء ومسؤولية وفي نفس الوقت فرصة لمواصلة الصورة الحسنة يوما بعد يوم لنقل الصورة الإيجابية عن هذا المجتمع وعن أهله، مشيرا إلى أن على المبتعث الابتعاد عن التبعية الثقافية لما هو خارج عن المؤسسات الرصينة التي يثق بها في مجتمعه، والابتعاد عن التعميم سواء عن وطنه أو ما يقع داخل الوطن أو التعميم عن الآخرين؛ مؤكدا أن ذلك ليس من العدل أبدا.                                                                                              

سبيل المكتسبات

وفي نهاية اللقاء أكد آل مريع أن الانتماء إلى هذا الوطن هو سبيل أساسي للمكتسبات التي ينعم بها المواطن اليوم بإذن الله عز وجل وبفضله،  كم أثرى الحضور اللقاء بمداخلاتهم وثنائهم وشكرهم للدكتور، مشيدين بأهمية هذا الموضوع خاصة للمبتعثين للخارج وأهمية هذا العنوان الثقافي لكل مواطن وكيفية تعزيز جانب الانتماء لديه.

 

                                                                                                                                                                              روان الزهراني