تاريخ التعديل
5 سنوات 9 أشهر
الجغرافيا كما يجب أن تكون.. د. علاوة أحمد: تطوير المنهج يسـتوجب الانتقال من التأسيس النظري إلى التطبيق العملي

سـعود محمد

أكد الدكتور علاوة أحمد، من قسم الجغرافيا بكلية العلوم الإنسانية، أن هدفه الذي يسعى له من خلال تدريس الجغرافيا هو تعريف الطالب بالمفاهيم الجغرافية الحديثة، وإيصال المعلومة بمنهجية سهلة الفهم والاستيعاب.
وبيّن أنه يسعى جاهدا لمساعدة الطلاب على معرفة أهمية تخصص الجغرافيا، التي تتعلق بكافة  أمور الحياة. «آفاق» التقت الدكتور علاوة في هذا الحوار. 

حدثنا عن بداية حياتك العلمية؟ 
حصلت على الشهادة الثانوية عام ١٩٧٦، ثم توجهت إلى ما يسمى عندنا في الجزائر «معهد علوم الأرض» في قسم الجغرافيا.
عندما دخلت قسم الجغرافيا لم تكن لدي فكرة عن الجغرافيا الحالية، كانت لدي فكرة عن الجغرافيا فقط، من حيث الدول والمناخ وعدد السكان.. إلخ وهي دراسة تقليدية.
وقد درست 4 سنوات على يد أساتذة معظمهم فرنسيين؛ فكانت نقله نوعية عن نظرتي للجغرافيا في مرحلتي الثانوية التي أسميها «الجغرافيا التقليدية»، تحصلت  خلال الـسنوات الأربع على شهادة تعادل شهادة البكالوريوس في المملكة العربية السعودية، وكنت الأول على دفعتي.
وفي ذلك الوقت كان هناك قانون جزائري يجبر الحاصل على المرتبة الأولى أن يوظف معيدا، وبفضل من الله فتحت الدراسات العليا تلك السنة، وبدأت في الدراسات العليا، وكان عددنا 6 طلاب فقط.
وحصلت على شهاده الماجستير سنه ١٩٨٧، وبالنسبة لي في ذلك الوقت لم يكن هنالك نظام يجبرك على أن تنتهي في سنة أو سنتين أو ثلاث، لأننا كنا نعطي محاضرات، وكانت تلك الفترة تسمى «جزارة الإطار التدريسي الجزائري» ويعني أن الأساتذة الفرنسيين انتهوا وحل مكانهم الجزائريون. 
وهذه مسؤولية صعبة جدا، وبفضل الله تشرفت بهذه المسؤولية، وبعد ذلك أكملت دراستي في الدكتوراه، وحصلت عليها سنة ١٩٩٩.
لاحظ أنني تأخرت في الدراسات العليا؛ بسبب الأعباء الكثيرة، إضافة إلى ذلك فإن الجغرافيا ليست عملا مكتبيا؛ بل عمل ميداني، والميدان صعب جدا، حيث تدرس طوال الأسبوع وتتفرغ للعمل الميداني الذي يتطلب منك يومان أو ثلاثة أيام فهذا صعب، وكنا ندرس في الأوقات العادية ونعمل ميدانيا في الإجازات، وهذا يأخذ منا وقتا.
وبالإضافة إلى ذلك فإن التحاليل المخبرية والإحصاءات والبيانات متعبه وشاقة، لكن حاليا توجد المعلومات في الإنترنت وغيرها. وفي رسالتي للماجستير قضيت ١٥ يوما أنقل المعلومات من السجلات يدويا، فالعمل التقليدي يأخذ وقتا كثيرا، متعب لكنه ممتع.

حدثنا عن تخصص الجغرافيا؟ 
كان في ذهني أن الجغرافيا هي جغرافيا تقليدية، لم أتوقع أنها واسعه لهذه الدرجة.
 في الجامعة هنالك جغرافيا متغايرة تماما عن ما يدرس في الثانوي، ولأوضح أكثر أعطي هذا المثال: نحن الآن في جامعة الملك خالد لدينا مشكلة في مواقف السيارات، من الممكن أن يدرسها الجغرافي ويجد لها حلا.
ومما شدني لدراسة الجغرافيا الإيحاءات العقدية كما قال تعالى «أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» 17« وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ» 18«وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ»19«وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ»، فإن الجغرافيا مليئة بالإيحاءات الإيمانية.
فإذا أردت تفسير ظاهرة جغرافية، تفسيرا علميا تأصيليا، تجد أثرا لها في القرآن الكريم والسنه النبوية. ومن الحلول العملية اليومية التي تقدمها الجغرافيا للإنسان إذا مورست بالشكل الصحيح، ستجد أنها تزيد في إيمان الشخص.

ما الذي دفعك لدراسة الجغرافيا؟ 
عندما تخرجت من الثانوية العامة لم أكن أعلم عن الجامعات شيئا، ولا حتى التخصصات، ولم يكن لدينا في الجزائر ما يسمى نظام التخصص، ولم تكن هنالك جامعات كثيرة، فكنت من الأوائل؛ فاتجهت إلى إحدى الجامعات، فوجدت تخصص الجغرافيا؛ فدرسته ولم تكن لدي فكرة شاملة عن الجغرافيا.
والشيء الذي جعلني اختار الجغرافيا هو أن الانتساب متوفر في هذا التخصص. أي أنه يمكن أن أدرس يومين في الأسبوع واستغل باقي أيام الأسبوع في العمل، وذلك بسبب الحالة المعيشية؛ لأننا كنا من أسرة متوسطة الحال، وكنا نحتاج للمال.

ماهي الأهداف التي تسعى لها من خلال التدريس؟
أولا، أنا لست في بلدي الثاني، بل في بلدي الأول، وأقولها بالفم المليان: أنا لم أجد من إخواني السعوديين إلا كل معاني الأخوة.
ثانيا هذه أمانة ولا ننس أن هذا البلد يجب على كل مسلم أن يدافع عنه، حيث فيه مقدساتنا. فهذه وسيلتي المتواضعة لأقدم خدمتي لهذا البلد.
وأسعى لأعيد للطالب نوعا من الجدية في الدراسة، طارحا هذه المفاهيم الجغرافية الحديثة، ولا يهمني الجانب المعلوماتي بل يهمني أن أعلم الطالب منهجية كيف يصل إلى المعلومات، وكيف نصل بالطالب الذي يدرس الجغرافيا إلى منهجية معينة بأسلوب علمي لحل المشاكل التي تعترضه. 

ماهي الصعوبات التي تواجهك في التدريس؟
كما قلت، فإن الانتقال من الجغرافيا التقليدية النظرية إلى الجغرافيا العملية، كأننا نبدأ بموضوع جديد مع الطالب.
وهذه إشكاليه في كل البلدان العربية في تدريس الجغرافيا؛ وهي وجود فاصل بين ما يدرس في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وما يدرس في الجامعة، وبالتالي نحن أمام صعوبة وهي أننا نبدأ مع الطالب من جديد.
فالمعلومات التي أخذها الطالب في المتوسط والثانوي هي في مخيلته معلومات تراكميه تنفعه، ولكن يا ليت الطالب يمارس في المتوسطة والثانوية، كما الطالب في أوروبا، كإقامة رحلات ميدانية يغلب عليها الجانب الترفيهي. وهي رحلات ميدانية للتعرف على الظواهر الطبيعية وتفسيرها بهدف أخذ الحيطة. هذا هو هدف الجغرافيا.
ولكن الآن وللأسف فإن كثيرا الطلبة المسجلين في قسم الجغرافيا ليسوا راغبين في القسم؛ بسبب الصورة المتعارف عليها أن الجغرافي لا يعمل إلا في التدريس.
وهذا خطأ، فالجغرافي بإمكانه العمل في عدد من الهيئات والوزارات المختلفة كهيئة الأرصاد، والزراعة، والمياه، والكهرباء، والصحة، لأن هناك معايير عالمية تقول «لابد من وجود كذا طبيب لكذا ساكن أو كذا معلم لكذا متعلم» فإذا درس هذه الظاهرة يمكن أن يوجد منشأة جديدة سواء في الصحة أو في التعليم أو غيرها.
فالنسبة لنا لا يمكن للطالب أن يقوم بذلك، لأن التأسيس تقليدي (نظري) والجانب الذي نسعى إليه هو تأسيس عملي، والصعوبة هي الانتقال بين هذين الشقين، والصعوبة الثانية تكمن في أن الطالب لا يرغب في دراسة الجغرافيا؛ بسبب النظرة التقليدية.

كلمة اخيرة؟
شكرا على منحي هذه الفرصة. وأنا دائما في الخدمة. الله يديم عليكم نعمة الأمن والأمان؛ لأنني كجزائري أعرف معنى كلمة أمن وأمان.