خالد العمري
وصف الدكتور علاوة أحمد عنصر، الأستاذ بقسم الجغرافيا في جامعة الملك خالد، الجغرافيا بمفتاح كثير من القضايا، مؤكدا أن استغلال المعلومات الجغرافية، يمكن أصحاب القرار من حسن التصرف مع كل ما يحدث من ظواهر جغرافية، إضافة إلى ذلك فإن علم الجغرافيا ركيزة أساسية في حل الكثير من القضايا العمرانية، والسياسية، والاقتصادية، والخدماتية.
ما الذي دفعك إلى اختيار تخصص علم المناخ بالجغرافيا؟
في الحقيقة، لم يكن هذا الاختصاص من اختياري، بل ساقني إليه القدر في ظل مجموعة من الظروف الاجتماعية؛ غير إنني وبعد الانتساب لهذا التخصص، اقتنعت بأهميته النظرية والعملية، ومما زادني تمسكا به، مقرراته الميدانية الممتعة، والمفيدة في آن واحد، سيما علم المناخ، الذي أسرني بإيحاءاته الإعجازية، المبينة لقدرة الله سبحانه وتعالى من جهة، وجوانبه العملية من جهة أخرى.
بماذا يعرف مفهوم البيئة في الفكر الجغرافي؟
يجب أن نفرق بين البيئة كمصطلح، والبيئة كمفهوم؛ فالمصطلح يعد من بين أحدث المصطلحات التي ألحقت بالجغرافيا، أما المفهوم، فقد كان مصاحبا للفكر الجغرافي منذ القدم، ثم تطور استعمال، هذا المصطلح، تبعا لتطور الفكر الجغرافي وإدراكه لأهمية هذا المفهوم.
فالبيئة هي الوسط الذي يحيط بالإنسان، وهي تتفاعل معه تأثرا وتأثيرا؛ ثنائية واكبت التطور التكنولوجي، مفصحة عن أثرها أحيانا، ومحجمة عنه أحيانا أخرى، فتولدت عن هذه الحركة محاولات التأقلم والاستئناس مكانا، وزمانا.
ما هي الجغرافيا المتكاملة أو تكامل الجغرافيا؟
يعيش الإنسان كغيره من الكائنات الحية، في وسط معقد ومركب، فهو يسعى بشكل دائم، إلى التأقلم مع مكونات هذا الوسط، محاولا الاستفادة القصوى منه؛ فالإنسان وليد بيئته، وهو يستمد ممارساته المجالية من واقع هذا الوسط، وتفسير التدخلات البشرية، كما وكيفا، ناهيك عن تلك المتعلقة بمختلف الظواهر الطبيعية، حيث يستوجب الإلمام الأمثل بالصورة التكاملية لعناصر الوسط الذي يعيش فيه. فالواقع المعاش ما هو إلا وليد لذلك التراكب والترابط، والتكامل بين تلك العناصر.
كيف تلعب الجغرافيا دورا في حل بعض المشكلات البيئية المعاصرة؟
الجغرافيا مفتاح لكثير من القضايا الراهنة؛ فاستغلال المعلومات الجغرافية، بمختلف صيغها من بيانات رقمية، وخرائط، وصور جوية، ومرئيات فضائية، يمكن أصحاب القرار من حسن التصرف مع كل ما يحدث من ظواهر جغرافية.
كما أن الجغرافيا كعلم له امتدادات عملية وتطبيقية، تشكل ركيزة أساسية في حل الكثير من القضايا العمرانية، والسياسية، والاقتصادية، والخدماتية، بل إن دورها يتعدى الحاضر ليستشرف المستقبل، بهدف الحماية من بعض التحديات كالتغيرات المناخية، والتلوث البيئي، والصراعات الجيوستراتيجية، والتزايد السكاني، والأزمات الغذائية.
ما الصعوبات التي تواجه طلاب تخصص الجغرافيا؟
يمكن حصر الصعوبات في عدة نقاط تتمحور في مجملها حول النقلة النوعية بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي؛ فالطالب الجامعي يكتشف جغرافيا "جديدة" تختلف عما ألفه من قبل؛ والجغرافيا في المرحلة الجامعية، لها سمات خاصة تجعل مكتشفها في كثير من الأحيان يطرح مجموعة من التساؤلات؛ فبعد أن كان متلقيا للمعلومة الجغرافية يصبح مشاركا في تكوينها؛ فهو يرسم الخريطة، ويبحث عن البيانات الرقمية، ويحلل الوثائق من خرائط، وصور جوية ومرئيات فضائية، وهذا الوضع الجديد يستلزم من الطالب بذل مزيد الجهد للتكيف والتأقلم؛ مما قد يستغرق عند بعضهم وقتا طويلا، وتشريح حالة الطالب في تخصص الجغرافيا، يجعلنا ندرك مدى أهمية وجود حلقة الربط بين مرحلتي التعليم العام والتعليم الجامعي، لكن القضاء على هذا الصدع يكمن في مراجعة المقررات الخاصة بكلتا المرحلتين، ومحاولة الربط بينهما بما يخدم التوجه الحديث لهذا التخصص.
كيف ترى أهمية البحث العلمي في الجامعة؟
حيوية ودور أي جامعة لا يكمن في عملية التكوين، وتنوع الاختصاصات فحسب، بل تتعداه إلى كل ما يمكن أن يثمن دورها، ويرفعها إلى مصاف الجامعات الراقية، ولن يتأتى ذلك إلا بتفعيل البحث العلمي، وتشجيعه، ويقع على عاتق الجامعة تشجيع البحث العلمي في كل الميادين، مهما كلفها ذلك من مال وجهد، وأن تنزه هذا النشاط من كل ما قد يعيقه أو يشوبه، وهنا أود التنبيه إلى ثغرة مهمة، وهي العمل الانعزالي؛ فمن المفيد جدا أن نشجع العمل الجماعي، الذي ستزداد أهميته لو تعددت الاختصاصات، وأشركت الجامعات والقطاعات الأخرى؛ إذ أن إشراك المسيرين لمختلف القطاعات، على مختلف المستويات، يوجه البحث العلمي الجامعي نحو التحقيق الميداني المساير لطموحات المجتمع.
كلمة لطلاب ومنسوبي الجامعة؟
بداية، أتقدم بالشكر لجريدة آفاق، التي شرفتني بهذا اللقاء، وأتاحت لي فرصة نصح أبنائي وبناتي الطلاب من رواد هذه الجامعة المحترمة، أما نصيحتي فألخصها في ثلاث نقاط، الأولى استقيها من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وجهة كل قلب سليم؛ قوله تعالى «وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» (التوبة 105). أما الثانية، فمن السنة النبوية المطهرة، في قوله عليه الصلاة والسلام «الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها». والنقطة الثالثة والأخيرة، فأوجزها في قول إحدى الصحابيات لابنها «يا بني، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معا فعليك بالعلم».