لؤلؤة الحمود.. إشارة مضيئة في عالم الفن التشكيلي
شوق يحيى
الفن إبداع حر يتخذه الفنان طريقة للتعبير عما يراه ويفكر فيه ويشعر به بشكل غير تقليدي، فكما قال الفنان التشكيلي الإسباني بابلو بيكاسو «إن الفن يمسح عن الروح غبار الحياة» فهو لوحة إبداعية تعكس بشكل جمالي واقع الحياة فيرى ويسمع من خلالها الناس إيقاع واقعهم، فهو ليس مجرد نقل أو تصوير فقط، بل يضاف لذلك كونه نشاط ذهني تركيبي يصنع الجمال.
الفنانة السعودية لؤلؤة الحمود إحدى الإشارات المضيئة في عالم الفن التشكيلي ليس على مستوى المملكة فحسب، بل على مستوى العالم، سنحت لنا في «آفاق» فرصة ممتعة لمحاورتها حول تجربتها الفنية فوجدناها إنسانة مملوءة بالابداع والحماس، ترسم الدهشة عما تود التعبير عنه ولها طموح لا ينتهي في العطاء.
لؤلؤة الحمود اسم لمع في عالم الفن التشكيلي، هل لنا أن نتعرف على لؤلؤة الفنانة؟
بدأت من صغري محبة للفن والرسم ولكن لم يحالفني الحظ بدراسة الفن لأني لم أرغب أن أعتمد على الهواية فقط، وبعد تخرجي من علم الإجتماع بدأت انجذب للخط العربي بشكل خاص مما دفعني لدراسة مجال تصميم الجرافيكس ووسائل الإتصالات المرئية، وبعدها ماجستير وسائل الإتصال المرئية، الهواية والدراسة جعلتني أعرف الطريق الذي أود أن انتهجه بالفن.
هل نشأت في بيئة فنية أم كان الفن لديك مجرد هواية؟
كان هواية ولم أشأ أن أعتمد على الهواية فقط تأثرت بأمي المحبة للرسم وأختي الكبرى وكان رسمهم جميل. والدي كان محبا للعلم والمعرفة وكان كثير القراءة وتأثرنا بذلك. في نظري البيت المثقف له تأثير على شخصية الفنان ورغبته بتقديم أعمال ذات قيمة.
ما الملامح والسمات الخاصة التي تميز أعمالك عن غيرك من الفنانين؟
أعمالي ليست تتحدث عني أو عن مشاعري الخاصة، بل عن رؤية الكون بعين باحث ولهذا أحبذ التجريد والإختزال بالعناصر سواء اللون أو غيره، أعمالي نتيجة بحث وتأمل وتعتمد على علوم عدة ونظريات تتعلق بالخط والزخرفة وليست متمركزة على الذات بل على علاقة الإنسان بالكون كله.
ما الإضافات الخاصة بك في الفن التشكيلي لإبراز ملامح المجتمعات العربية و الإسلامية؟
قدمت فن ينبع من أصالة فكرية وبنفس الوقت هذا الفكر التراكمي الإسلامي الذي استفدت منه كان فكرا منفتحا على كافة العلوم لم ينبذ أي منها، بل استفاد منها وبنى عليها، استفدت من هذا الفكر والفن ولكني لم أكرره بل طورته بإسلوبي الخاص تعلمت الكثير منه وأتمنى أن يفيد من بعدي.
هل هناك علاقة مباشرة بين عواطف الفنان وانفعالاته الشخصية وأفكاره، وبين أعماله الفنية؟
ليس بالضرورة أن يعبر الفن عن المشاعر بشكل مباشر، كما أسلفت لا أحاكي المشاعر ولكن بشكل غير مباشر للمشاعر تأثرها باختيار الشكل واللون.
هناك فن للمشاعر وآخر للعقل أو للروح، حتى أشهر الفنانين اتجهوا للتجريد البحت في مراحل متقدمة من حياتهم الفنية لأنهم نضجوا فكريا وأنتجوا أعمالاً قلت فيها العناصر لتصبح خطوطا وأشكال هندسية مثل موندريان مثلا.
لك حضورك المميز على الصعيد العالمي والعربي في الفن التشكيلي، حدثينا عن ذلك ؟
مشاركتي فخر كبير لأنها باسم بلادي الحبيبة التي أعطتني الكثير وممتنة لأن هذه المشاركة بدعم من إثراء في مركز الملك عبدالعزيز لأرامكو، وهو الصرح الثقافي الذي نفخر به جميعا ليضم ثقافات وإبداعات العالم.
لم يكتفون في إثراء بجذب ثقافة العالم للمملكة ولكن بدعم الإبداع في نساق عالمي خارج المملكة، نحن اليوم محظوظون في الوقت الذي نعيش فيه لأن الفن أصبح ضرورة لتشكيل الهوية الوطنية داخل البلاد وخارجها.
هناك قيمة نوعية يتركها الفن في نفس الفنان ما يؤثر على أعماله، ما هي فلسفتك الخاصة حول ذلك؟
لا فائدة من علم أو فن لا تأثير له على النفس، فني حالة تأمل وبحث متواصل وإيماني بالله الواحد الأحد هو ما يحفزني لأعمل ولا أجد أسمى من هذا النوع من الفن لأعبر فيه عن إيماني. وأنا أسعى في فني لإيجاد نوع من التوازن والسلام الداخلي.
هل هناك شخصية معينة كان لها أثر عليك في مسيرتك الفنية؟
تعلمت من أمي معنى التفاني في العطاء، ومن أبي التفاني في العمل، قابلت شخصيات أعجبت بها مثل الخطاطين الذين يسعون لأقصى درجات الجمال في مخطوطاتهم، تأثرت بأكثر من شخصية فنية مثل الفنان سمير الصايغ الذي قابلته عندما كنت طالبة.
ما الرسالة التي ترغبين في إيصالها للمتلقين من خلال أعمالك الفنية؟
العمل الفني يخلق حوار حول محتواه، قد يكون هذا الحوار فعليا أو صامتا، أتمنى أن أكون قد وفقت لنوع من الإبداع المؤثر إيجابيا والمثري فكريا.
هل يمكن استثمار الفن التشكيلي في إيصال رسالة الدين الإسلامي؟
الدين الإسلامي رسالة عالمية ليست لعرق أو مكان معين قد امتد تاريخيا وجغرافيا لهذا السبب لا أعتقد أن الفنان يمكن أن يكون من دعاة الدين ولكل منهم دوره، لا أحبذ خلط الأمور؛ هناك فن يعبر عن الإيمان وقد يكون له تأثير إيجابي ولكن المهم أن يظل الفن خالصا ونقيا ولدرجة من الحرية بالإبداع.