المصدر: هارفارد غازيت
توصلت جامعة هارفارد إلى مقرر دراسي بيني التخصصات لمعالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه دول جنوب آسيا. فيا ترى ما قصة هذا المقرر؟
إن النظام القائم في العديد من الدول النامية لا يتعامل مع الكتل البشرية، مما يبرز الحاجة إلى ريادة الأعمال في هذا المقام.
هكذا بدأ أستاذ الأعمال في جامعة هارفارد «تارون خانا» حديثه حيال القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه دولا نامية مثل الهند وباكستان وبنغلاديش والعديد من دول جنوب آسيا.
وتطرق تارون، الذي يدير معهد جنوب آسيا في هارفارد، إلى القضايا المعضلة التي تواجه تلك الدول، ملهما الطلاب بإيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية المعضلة بفضل ريادة الأعمال.
في هذا الوقت وخارج الفصل الدراسي كان طلاب «تارون» يضعون خططا لتقليل معدلات وفاة الأمهات نتيجة لمضاعفات الحمل والولادة في ولاية «البنجاب» الباكستانية وولاية «أوتار براديش» الهندية.
وخلال هذه الفترة، تم تقديم سيناريوهين للطلاب لحل هذه المعضلة مع لوحة بيانات ذات علاقة بالسيناريوهاين مع فترة زمنية لا تزيد على 30 دقيقة للتفكير للوصول لحلول باستخدام العصف الذهني.
ولكن من قدم هذين السيناوريهين؟ هل هو «تارون«؟ الإجابة لا. إنهم بضعة من أساتذة من مختلف التخصصات منهم أستاذ الصحة العامة، ومدير حاضنة تعليم الصحة العالمية والتعلم في جامعة هارفارد، «سوي غولدي»، وهو أحد القلاقل الذين انضموا هذا الفصل الدراسي لـ «تارون» لتقديم خلاصة خبراتهم في مجالات بعينها.
وبعد أن انتهى الوقت الذي خاطب فيه «غولدي» الطلاب عن الصحة العامة حان دور زملائه المشتركين في الفصل الدراسي لبحث أغوار تلك المشاكل المعضلة، ومنهم رئيس قسم التخطيط والتصميم العمراني البروفسيور «راهول ميهروترا»، والأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية والطبحيوية «كونور ويلش»، وأستاذ الأديان والفلسفة الهندية «بارمال باتل»، ورئيس قسم الدراسات الآسيوية الجنوبية، حيث التقى الجميع في منهج متعدد التخصصات لمدة أربعة أسابيع للوصول إلى حلول عملية يدعمها فريق من الآداب والعلوم الإنسانية.
وعلق البروفسيور «راهول» على هذا قائلا «يتعرض الطلاب لأفكار وأصوات مختلفة رائعة إذ إن تلك القضايا الشائكة متعلق بعضها ببعض، فلا تستطيع التحدث عن الصحة العامة دون التحدث عن العمران، والغريب أن السؤال الوحيد الذي طرح ولم يجد الجميع له إجابة انعدام قدرة الحكومة والجهات المعنية الأخرى على الرد.
ويدعم معهد جنوب آسيا منح جامعة هارفارد البحثية في المنطقة ويعزز من التعاون بين الأساتذة في المنطقة حسب ما أفاد المدير التنفيذي للمعهد «مينا هيويت»؛ ولهذا أعلن المعهد بنفسه عن الدورة التي لم يمض على انطلاقها أكثر من أربعة أعوام وأضحت جزءا من النمو الكبير للمعهد، وسدت به ثغرة، مشكّلة منهجا للتدريس عن جنوب آسيا في العديد من التخصصات الجامعية في هارفارد، على حد قول «تارون خانا« الذي أضاف أنه بعد فترة من المحاولات غير الناجحة حققت الدورة الغاية من ورائها، «وأضحى سريرا واقعيا لاختبار التجارب«.
ويستهدف أستاذ الأعمال في هارفارد «تارون خانا» أن ينهل الطلاب شيئا يعنيه، وهو أن يفهموا أنه بالرغم من أن جمع البيانات جزء مهم من حل المشكلة فإنه غير كاف في نفسه، فالطلاب يجب أن يفعلوا شيئا إذا ما كانت المعلومات أقل من المطلوب ويجب عليهم أن يفعلوا تعديلات من تلقاء أنفسهم أو مع مشاركيهم. «ففي الحياة العملية لا يمكن لرواد الأعمال أن يتحصلوا على البيانات الكافية إلا أن عليهم أن يفعلوا شيئا؛ عليهم أن يبحثوا عن النقطة الجيدة بشكل كاف للانطلاق منها».
رجوعا للمقرر الدراسي الذي يقدمه العديد من الكليات، فهو يستقطب ما بين 60-65 طالبا هذا الفصل، منهم 25 طالبا لم يتخرجوا بعد مع آخرين يدرسون في كليات القانون والتربية والأعمال والصحة العامة والآداب والعلوم والسياسة العامة بل ومن جامعة «تفتس« أيضا.
وفي إطار تقديمها لعملها قالت «غودي« إنها سعت لأن تعطي الطلاب خلفية عن مشهد الصحة في المنطقة قبل مناقشة تحديات الأمة بعينها. ووجهت انتباه الطلاب تجاه عدم حفظ الإحصائيات بل فهم آليات التحقيق. وأكدت عليهم أن صميم عملهم يتمثل في ريادة الأعمال الناشئة في المجال الصحي؛ أي أن عليهم «مسح الأفق» لاحتمالية وجود فرص، وهذا المفهوم صاغه «تارون» و«روس غراهام» أستاذ إدارة الأعمال في الأماكن التي توفر الشركات الشريكة مع البنية التحتية منصة للنمو. وحثت غولدي الطلاب قائلة لهم «أنتم موجهون للعمل، لأنكم تريدون أن تصنعوا شيئا ما.«
ولقد نجح المقرر الدراسي وأعلنت هارفارد عن تحميله على الشبكة العنكبوتية من خلال منصة HarvardX في 30/10/2017 الماضي وشارك فيه 10 آلاف مشارك حتى الآن.
ومن واجبات المقرر الدراسي أن الطلاب عليهم إكمال المشروع في فصل دراسي كامل مع اقتراحهم لحل مشكلة ما عبر ريادة الأعمال ووضع خطة لتنفيذه.
ويعمل الطلاب في صورة مجموعات تشكل طلابا أحيانا من كليات أخرى، كل يحمل في جعبته أطيافا مختلفة.
وفي هذا السياق أكدت «تشيري راميز»، قائدة في تعليم الصحة العامة في حاضنة التعليم، دعمت نموذج «غودي» في الصحة في المقرر الدراسي، أن البؤرة العملية هي إحدى طريق ازدهار التعلم.« وأردفت «إنه شيء عظيم أن تعرف المعرفة لذاتها، أما أنت فتتعلم لتحاول أن تستكشف كيف تبنى شركة ما في الطابق السفلي».
وتعلق إحدى المشاركات في المقرر الدراسي، «ربيعة محمود» من باكستان، التي تشترك مع طالبتين من كلية «كينيدي« للسياسة والإدارة العامة، أن المقرر الدراسي منحها فرصة استكشاف طرق لتمكين المرأة في باكستان والعمل لأنها تريد أن تستمر في هذا العمل حتى بعد التخرج. وتهدف في مشروعها تطوير أداة تعتمد على الانترنت لربط المستهلكين في الدول النامية بالخياطين في باكستان.
وأكدت أنها استمتعت بطبيعة الدورة بينية التخصص التي أعطتها فكرة رائعة عن التحديات في أماكن مختلفة. واختتمت قائلة «كان شيئا عظيما أن تفهم كل نظام الرعاية الصحية! لتقد تعلمت كثيراً.«
وشاطرتها الرأي الطالبة في الفرقة الثالثة «زينا فراروز» التي وضعت المقرر الدراسي ضمن قائمتها المفضلة بسبب أن التركيز على جوانب حل المشكلة في ريادة الأعمال كان له صدى في عقلها.
وقالت «إنه ليس وسيلة لجني المال فحسب. إنه أمر مهم لي وللآخرين الذين يدرسون المقرر نفسه».