المبتعث عبدالقادر محمود: الماجستير مرحلة تصقل الشخص في تخصصه وتؤهل الباحث إلى الإلمام بمصادر التعلم
"فهم الآخر من حيث منطلقة الفكري وإطاره المجتمعي والثقافي يزيد من عملية بناء جسور التواصل وإزالة نقاط الاختلاف الأمر الذي يسمح بإيصال رسائل أكثر إقناعاً وتقبلاً".
هذا ما ذكره لأفاق طالب قسم الإعلام والاتصال بالجامعة عبد القادر بن محمود والمبتعث بجامعة بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، ولاية ماساتشوستس.
كيف كانت رحلة الابتعاث؟
الابتعاث كان فكرة في البداية ثم تحول إلى خطة عمل تطلبت مني دراسة كافة الخيارات المتاحة، وبعدها قمت باستشارة أصحاب الخبرة من أساتذة أفاضل وزملاء متميزين، خاضوا هذه التجربة.
وتجربة الابتعاث تجربة فريدة من نوعها وطريقة التعامل مع هذه المرحلة المهمة في المشوار التعليمي تعود على ما يملكه المبتعث من مخزون ثقافي وخبرات سابقة.
هل كانت اللغة الإنجليزية تمثل عائق لديك؟
مستوى اللغة الإنجليزية كان لدي في بداية الابتعاث مبتدئ، وللقارئ أن يتخيل مقدار الصعوبة التي كنت أجدها عند رغبتي في إيصال فكرة لشخص أخر، لذلك كان سلاحي السريع آن ذاك استخدام تطبيقات الترجمة.
ومع مرور الأيام والالتزام في دراسة اللغة الإنجليزية ولمدة ثلاثة أشهر متواصلة، اكتسبت اساسيات اللغة الانجليزية، الأمر الذي انعكس بشكل ايجابي في زيادة ثقتي بنفسي ومن ثم التواصل مع الآخرين وفهمهم، وإجراء المحادثات العامة .
وماذا عن فهم ثقافة المجتمع الأمريكي؟
فهم المجتمع والتعرف على ثقافته، يتطلب المزيد من الجهد، وأعتقد أن بداية فهم ثقافة أي مجتمع، تبدأ بعد الـ6 الأشهر الأولى للمبتعث، وتزيد تدريجيا كلما اندمج الشخص في المناسبات العامة، والعمل التطوعي والمشاركة في الأنشطة غير الصفية في الجامعة، ومن تجربتي أن التكيف والاندماج يبدأ عندما نتقبل الآخر.
ماذا تعلمت في بلد الابتعاث؟
أهم ما تعلمته هو الحفاظ على المبادئ والقيم الإنسانية السامية، التي تتفق عليها جميع البشرية، ثم الافتخار بالهوية السعودية والعربية بفخر واعتزاز، وأن أمثل وطني خير تمثيل.
من منطلق دراستك الحالية، كيف ترى مرحلة الماجستير؟
تعتبر مرحلة دراسة الماجستير من أهم المراحل العلمية التي يمر بها طالب الدراسات العليا، فهي مرحلة يكتسب فيها الفرد أدوات المعرفة والبحث العلمي وكما أنها مرحلة تصقل الشخص في تخصصه وتؤهل الباحث إلى الإلمام بمصادر التعلم، ولا شك أن هذه المرحلة تتطلب عمقاً فكرياً تكتمل بالقراءة الفاحصة التي تتسم بالتحليل والمقارنة.
كما أن مهارة تنظيم الوقت أمر مهم في طريق الانجاز، وبالتالي التأجيل في إكمال المهام وقراءة الكتب والأوراق العلمية سواء كانت متعلقة بالمقرر الدراسي أو بالتخصص يزيد من توتر الطالب الأمر الذي ينتج عنه تعقيداً في فهم واستيعاب المعنى فضلاً عن تحليله ونقده.
ما طموحك وأين ترى نفسك بعد اكمالك لمرحلة الدكتوراه؟
الطموح كبير والمهمة على عاتق المبتعثين عظيمة، والمجال الأكاديمي البحثي، والممارسة الاحترافية لذات التخصص؛ هي مزيج أحاول بقدر المستطاع الموازنة بينهما.
وأتمنى أن أجد نفسي قد أتممت عدة أبحاث علمية، تخدم وطني وتحقق رؤيته، إضافة لسعيي لاكتساب خبرات متنوعة في مجال الاتصال في كبرى الوكالات العالمية.
ما الصعوبات أو التحديات التي تواجهك في بلد الابتعاث؟
من الأمور التي تحفزني في تجاوز الصعوبات وفهما، أنه لا يوجد أمر صعب أو سهل بل هنالك شيء بسيط وأخر معقد، فقيادة الدراجة الهوائية لا تقارن بقيادة المركبة الفضائية؛ فالأولى بسيطة أي لديها خطوات قليلة ومهارات أساسية، تقارن بمهارتنا في المشي والجري، على عكس قيادة المركبة الفضائية التي تتطلب مهارات جسمانية فريدة، وعلم ومعرفة، مما يجعل قيادتها معقدة، لذا بشكل عام مهما كان التحدي معقد، فإنني أبذل قصارى جهدي التحليلية وتفکيکه، إلى جزئيات بسيطة بهدف فهمه، ومن ثم التعامل معه بما يناسبه، حسب الظروف والمواقف.
والتحدي الرئيسي الذي واجهني، ويواجه معظم المبتعثين هو حاجز اللغة، التي من خلالها نتواصل مع الآخر، يليه تحدي فهم فكر وثقافة المجتمع الغربي، ثم التكيف والاندماج في المجتمع.
هل هناك رسالة تود قولها لمن يفكر في الابتعاث؟
رسالتي لمن ينوي الدراسة في الخارج، أن يأخذ وقته الكافي في اختيار بلد الابتعاث، بناء على الجامعة التي سيدرس بها، ومن ثم التهيئة النفسية في أخذ عدة دورات تأهيلية في اللغة الإنجليزية، ثم البحث العميق للوصول الى فهم المجتمع.
هل هناك تحديات للغربة؟
تكمن التحديات في الحنين إلى الوطن والأهل والزملاء خاصة في المناسبات الكبيرة كالأعياد وشهر رمضان المبارك.
ما هو دور المبتعث تجاه القضايا التي تمس الوطن؟
شخصياً كوني الطالب السعودي الوحيد في دفعة ٢٠٢١م، في برنامج ماجستير العلاقات العامة بكلية إيمرسون في مدينة بوسطن، أجد أن الإلمام بالقضايا الإعلامية الداخلية والعالمية من حيث تفاصيلها وتسلسلها وربطها بمنظور موضوعي أمر مهم لإزالة الضبابية في الفهم لدى الأخر، كما أن فهم الآخر من حيث منطلقة الفكري وإطاره المجتمعي والثقافي يزيد من عملية بناء جسور التواصل وإزالة نقاط الاختلاف الأمر الذي يسمح بإيصال رسائل أكثر إقناعاً وتقبلاً.
وعلى المستوى الشخصي و للإسهام في نقل صورة حقيقية للوطن، بدأت بمشروع تبادل علمي ثقافي باستضافة عدد من الأكاديميين وخبراء سعوديين كمتحدثين ليبينوا وجهة نظر السعودية بأسلوب علمي.
وانطلقت فكرة المشروع من خلال مشاركتي بالتعريف بالمملكة العربية السعودية وبيان ثقافتها واستعراض رؤية الوطن الطموحة ٢٠٣٠، كما قمت بإهداء رئيس قسم الدراسات الاتصالية البروفيسور جريجوري بيين كتاب الملف الأفغاني لمؤلفه صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل لتتم مناقشته وإيضاح موقف المملكة العربية السعودية.
واستكمالا لمبادرة التبادل الثقافي والمعرفي، تشرفت باستضافة الدكتور بندر الجعيد رئيس قسم العلاقات العامة في جامعة الملك عبدالعزيز ليقدم محاضرة عن نشأة وتطور الإعلام السعودي والاتصال ومن ثم تطور ممارسة العلاقات العامة السعودية، ليصبح بذلك أول أكاديمي سعودي يتناول هذا الموضوع في كلية إيمرسون ببوسطن والتي تحتضن أول قسم لدراسة علم الاتصال في تاريخ أمريكا وحضر الأمسية العديد من الأساتذة وطلاب مرحلتي الدراسات العليا والبكالوريوس إضافة إلى عدد من الإعلاميين الأمريكيين.
كلمة أخيرة؟
أوجه شكري وتقديري لوطني الحبيب الذي يحفزنا للمضي قدما نحو العلا، ثم لجامعة الملك خالد المتميزة التي تتابع شؤون مبتعثيها.
عبدالألة بازرعة