د.هناء الحديثي: الابتعاث علمني التعامل بالحسنى مع كل مختلف عني دينيا وفكريا

تاريخ التعديل
سنتان 6 أشهر
هناء الحديثي

"تعلمت الصبر والإحساس بالآخرين وتقديم يد العون لهم مهما كانت جنسياتهم ودياناتهم، تعلمت أن أتقبل كل شخص مختلف عني بدينه وأفكاره ومعتقداته وأن أتعامل معه بالحسنى..." هذا ما قالته لنا  الأستاذة المساعدة والمشرفة على قسم اللغة الإنجليزية بكلية اللغات والترجمة بالجامعة والمبتعثة سابقا في جامعة غرب إنجلترا ببريطانيا لنيل الدكتوراه في اللغة والتكنولوجيا وجامعة كاردف ببريطانيا لنيل الماجستير في اللغويات التطبيقية الدكتورة هناء إبراهيم الحديثي عن تجربتها مع الابتعاث من خلال حوارنا معها  والذي باحت من خلاله عن العديد من جوانب رحلتها العلمية.

حدثينا عن حياتك علمياً وعمليًا؟

د. هناء إبراهيم راشد الحديثي.

المؤهلات العلمية:

-حاصلة على بكالوريوس لغة إنجليزية كلية التربية للبنات بأبها.

-ماجستير لغة إنجليزية جامعة الملك خالد.

-ماجستير لغويات تطبيقية جامعة كاردف - بريطانيا.

-دكتوراه في اللغة والتكنولوجيا جامعة غرب إنجلترا - بريطانيا.

الخبرة المهنية:

عملت معيدة في كليات التربية للبنات ثم محاضرة بجامعة الملك خالد، ثم محاضرة منتدبة لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بالرياض، حالياً أعمل أستاذ مساعد ومشرفة على قسم اللغة الإنجليزية بكلية اللغات والترجمة جامعة الملك خالد بأبها.

هل كان ابتعاثك تحدّيًا أم إكمالًا لمراحلك التعليمية؟

كان ابتعاثي ضرورة لإكمال المرحلة التعليمية حيث أنني معيدة بجامعة الملك خالد ولابد أن أكمل دراستي وهو شرط من شروط وظيفة معيد التي عُينت عليها.

وبالطبع لا تخلو أي تجربة جديدة في الحياة من التحدي للنفس أولاً وللظروف المحيطة كوني زوجة وأم لطفلتين يتطلب مني الالتزام بأمور كثيرة تجاه العائلة وقضاء أغلب الوقت معهم.

 حدثينا عن المقومات التي تؤهل المبتعث للنجاح؟

بالطبع لابد أن يكون المبتعث شخص ناضج، صبور، حليم، متمسك بدينه وقريب من خالقه ويمتد قوته من الله حتى يستطيع أن يجتاز الصعوبات التي قد يواجهها طوال فترة الابتعاث والدراسة، كما يجب أن يكون شخص منفتح على الثقافات الأخرى وفي نفس الوقت متمسك بما لديه من قيم وأخلاق وبما تربى عليه فلا يرفض كل جديد بحجة أنه غير معتاد عليه من أسلوب حياة ودراسة وعمل ولا ينغمس ويتبع كل جديد حتى لو كان مخالف لدينه وقيمه وأخلاقه وحتى يستطيع التعايش في البيئة الجديدة وتحقيق أحلامه بسهولة ويسر .

ما هي أبرز الأخطاء التي يقع فيها المبتعث؟

من أبرز الأخطاء التي قد يقع فيها المبتعث هو خروجه من بلده للدراسة دون أدنى معرفة بالبلد الذي ينوي الذهاب إليه وبثقافته والدين السائد هناك فمن الضروري أن يقرأ عن ثقافة البلد الذي ينوي الابتعاث إليه والتواصل مع بعض الأشخاص من بلده الذين سبق وأن عاشوا في هذا البلد وقضوا سنين من الدراسة هناك.

 وأيضاً يحاول الانضمام إلى قروبات المبتعثين والأندية السعودية في نفس البلد والجامعة التي ينوي الذهاب لها وسؤالهم عن طبيعة الدراسة والحياة هناك حتى يكون لديه تصور كامل عن المرحلة القادمة قبل أن يغادر بلده للدراسة في بلد جديد عليه.

كما أن بعض المبتعثين هداهم الله قد يخرجون للابتعاث بهدف السياحة والنزهة أو تغيير المكان فقط أو الهروب من ظروف قاسية ويتناسون أن الدراسة تتطلب الكثير من الالتزام والجد والمثابرة والكثير الكثير من الصبر وأن الطريق ليست دائماً ممهدة ولكن بحول الله وقوته وبعونه وتوفيقه يستطيع أي طالب تحقيق ما يحلم به بإذن الله مع الاستعداد الجيد للمرحلة.

ما هي احتياجات ومتطلبات المبتعث من جميع النواحي؟

 احتياجات نفسية تتطلب قربه من الله ثم الرفقة الطيبة سواءً من العائلة أو الأصدقاء حيث يحتاج من يتحدث معه ويشكي له بعد الله ويحتاج لدعم نفسي ومعنوي ومادي وتشجيع دائم وتذكير بالهدف الأسمى من الابتعاث وأن (مَن سَلَكَ طَريقًا يَلتمس فيه عِلمًا، سَهل اللهُ به له طَريقًا إلى الجنَّةِ، وإنَّ المَلائكةَ تَضَعُ أجنِحَتَها لطالِبِ العِلْمِ رِضًا بما يَصنَعُ، وإنَّه لَتَستَغفِرُ له دَوابُّ البَحرِ، حتى الحيتانُ في البَحرِ، وإنَّ فَضلَ العالِمِ على العابِدِ كفَضلِ القَمَرِ لَيلةَ البَدرِ على الكَواكِبِ، وإنَّ العُلَماءَ وَرَثةُ الأنبياءِ) وأنه ترك أهله ووطنه لهدف سامي وعظيم.

من هو الداعم الرئيسي لك في البعثة؟

ولله الحمد كان هناك الكثير ممن دعموني في البعثة أولهم زوجي ورفيق دربي ثم عائلتي التي كانت تدعمني من جميع النواحي ثم صديقاتي اللاتي دوماً ما يخففون عني عناء الطريق في طلب العلم.

ماذا اكتشفت في نفسك أثناء فترة الابتعاث؟

من الصعب اختزال سنوات الغربة وما تعلمته منها في سطور بسيطة ولكن سوف أحاول اختصارها. اكتشفت ولله الحمد قوتي وقدرتي على تحمل الصعاب والتأقلم وتعلم الكثير من المهارات الجديدة وأني أستطيع القيام بواجباتي تجاه عائلتي الصغيرة وتجاه نفسي وبناء مستقبلي وممارسة العديد من الهوايات في نفس الوقت.

تعلمت الصبر والإحساس بالآخرين وتقديم يد العون لهم مهما كانت جنسياتهم ودياناتهم، تعلمت أن أتقبل كل شخص مختلف عني بدينه وأفكاره ومعتقداته وأن أتعامل معه بالحسنى طالما لم يؤذيني وأن أتعلم منه ما يناسبني ويتوافق مع قيمي وأخلاقي وثوابت ديني وأن أرفض كل ما يتعارض مع ذلك، تعلمت الكثير والكثير ولله الحمد.

كيف كانت تجربتك مع التغيرات الثقافية والتعايش مع بيئة مختلفة ؟

ولله الحمد كان لدي تقبل للمرحلة وفي ظل العولمة كان لدي الكثير من المعلومات عن الحياة في بلد الإبتعاث والنظام السائد فيه ونظام الدراسة وأسلوب المعيشة وكنت محظوظة فقد كان لدي أقارب وإخوة هناك في مدن مختلفة كما كوّنت عددًا من الصداقات مع مبتعثين في نفس المرحلة الدراسية التي أدرسها وفي نفس الجامعة مما هون علي الكثير من الصعاب ولله الحمد.

بعيدًا عن التجربة العلمية؛ كيف كانت تجربتك الحياتية أثناء الابتعاث من حيث تكوين العلاقات وتعامل الاخرين ومدى سهولة العيش وغيرها؟

تعرفت على العديد من الأشخاص منهم الجار ومنهم المعلم ومنهم المدرب ومنهم صديق العلم وقد كانوا من جنسيات مختلفة عربية وأجنبية وقد تركوا في ذاكرتي العديد من الذكريات منها الجيد ومنها غير ذلك ولكن بلا شك استفدت منهم الكثير ولازلت احتفظ بالصداقة مع البعض منهم وأتواصل معهم حتى الآن.

ما الذي ستفتقدينه بعد العودة من البعثة؟

بعد عودتي من الابتعاث ولله الحمد وفي زمن العولمة لم أفتقد أشياء كثيرة فقد وجدت تطور العديد من الخدمات في بلدي الحبيب وفي بعضها قد تجاوزت المملكة وتفوقت عن بلد الابتعاث في كثير من الخدمات مؤخراً..

قد يكون أبرز ما أفتقده هو المشي ووجود مسارات للمشاة حتى في الأحياء الصغيرة.. كم تمنيت أني أستطيع المشي لقضاء احتياجاتي اليومية البسيطة من السوبرماركت أو حتى إيصال أطفالي للمدرسة على الأقدام دون الحاجة للمركبة..

كما افتقدت أيضًا وسائل النقل العام من باصات وقطارات توصلني لأي مكان دون الحاجة لسائق وسيارة خاصة، كما افتقدت نظام تدوير النفايات فهو نظام مريح وفيه نفع وفائدة كبيرة للبيئة أتمنى أن يطبق قريباً في بلدي الحبيب.

كيف صقلت البعثة ذاتك؟

أي تجربة جديدة مثل الابتعاث تصقل الشخصية وتجعلها واثقة، قوية، حكيمة، صبورة، قادرة على حل ما يواجهها من مشكلات وقادرة على تحمل الصعاب مهما كانت.

هل من كلمة أخيرة تختتمين بها هذا الحوار؟

لا شك أن تجربة الابتعاث تجربة فريدةً من نوعها فيها يتعلم الشخص الكثير من المعارف ويتقن العديد من المهارات الجديدة ويتعرف على الكثير من الثقافات والأشخاص وفوق ذلك كله يتعلم الشخص القرب من الله والاعتماد عليه والشكوى له فهو في بلد غريب قد يكون وحيداً لا قريب فيه ولا صديق بجواره.

تجربة الابتعاث تجعل الشخص يشعر بنعمة الإسلام وما ميزه الله به أن يكون منتمياً لبلد مسلم يطبق تعاليم الدين الحنيف كوطننا الحبيب ويُشعر الشخص بقيمة الوطن والأهل والأصحاب.

 

شجون حسن، فيّ المسعودي