فريدة القحطـاني: الزواج والغربة والأمومة.. تجارب عززت إصراري على تحقيق الهدف
أثير الحارثي
«الابتعاث» تلك الغربة التي صقلت الشخصيات وغيرت فينا الكثير، زادت في خبراتنا وعلمتنا معنى الصبر، هي تجربة ثرية بالمعرفة والتعلم، ورحلة علمية ممتعة باكتساب المهارات والتواصل الحضاري مع الشعوب والثقافات الأخرى.
مرحلة انتقالية
كثير منا يعتقد بأن الابتعاث مرحلة فقط، للحصول على الشهادات والخبرات، أو أنها رحلة لتحقيق السمعة فقط، ولكنها في الحقيقة تعد نقطة بداية لانطلاقة أقوى في رحاب العلم والمعرفة وللتدرب على القوة والإصرار، وزيادة الثقة بالنفس ولمعرفة الذات قبل أي شيء، هي مرحلة انتقالية في حياة كل مبتعث ومبتعثه، إما أن تنتهي بتحقيق النجاح أو تبوء بالفشل لظروف خارجة عن إرادتهم.
الفشل طريق للنجاح
الفشل دائما هو طريق مؤدي للنجاح، أو هو أول الخطوات للتقدم والاجتياز، إذ لابد من أخذ الفشل بعين الاعتبار على أنه فرصة يمكن من خلالها العبور إلى بوابة الأمل والتقدم، فمواجهة الفشل في مرحلة الابتعاث هي خطوة لابد من اجتيازها وتحملها؛ لأنها ستكون نقطة للاعتياد والتآلف مع المكان والظروف والحياة في الخارج.
زواج وغربة
فريدة القحطاني إحدى المبتعثات اللاتي عشن تجربة الزواج، والأمومة في الغربة، حيث تحدثت إلى «آفاق» عن تجربتها وبينت أنها تخرجت من الجامعة وبعد فتره وجيزة تزوجت وانتقلت لأمريكا للبعثة. وقالت «كانت الأوضاع مختلفة تماما عما كانت عليه الآن، كان الأمر أشبه بصدمة في بداية الأمر، حيث شعرت بالغربة الشديدة لاختلاف المكان والأشخاص وحتى اللغة». وأوضحت القحطاني أنها تحملت مسؤولية كبيرة جدا من جميع النواحي؛ وأضافت «لغتي لم تكن بتلك الطلاقة أبدا، حيث كانت خطة ابتعاثي من سنة إلى سنة ونصف لغة ثم الثلاث سنوات المتبقية لدراسة الماجستير؛ شعرت بالخوف بالشديد وبالغربة في نفس الوقت، حيث أني كنت اتكالية قبل الزواج والبعثة».
تجربة الأمومة
وأكدت فريدة أن الزواج والسفر والغربة غيرت من شخصيتها كثيرا، حيث أصبحت تعتمد على نفسها في كل شيء، ولا تنتظر المساعدة من أحد، وتعلمت أن تكون قوية، وأن تكون امرأة ورجلا بنفس الوقت.
تقول «لم استسلم رغم تلك الظروف أبدا، حيث بدأت بالدراسة وتحسنت لغتي كثيرا، وأصبحت علاقتي بزوجي أيضا قوية وعميقة، حيث كان كل واحد منا الملجأ الوحيد للآخر.
وكانت الغربة ولله الحمد أفضل لحياتنا الزوجية، ثم بعد ذلك عشت تجربة الأمومة، وهي تجربة أضافت تحديا جديدا للتحمل والإصرار في طريق بعثتي في الغربة، واستطيع أن أصفها بكل معاني الجمال والمغامرة بنفس الوقت».
رعاية الأطفال
وبينت أن كل مرحلة يمر بها الإنسان يجد فيها الحلو والمر السهل والصعب، وقالت «أصعب ما مر في مرحلة الابتعاث كان في التوفيق بين الدراسة وبين رعاية الأطفال.
إن إنجاب أطفال في بلد الغربة بعيدا عن الأهل يعد تحديا كبيرا؛ ولكن الاعتماد على النفس أفضل ما خرجت به من هذا التحدي، فلا خادمات ولا أهل قريبين للمساعدة في العناية بالأطفال، لا أنكر أيضا بأن شريكي كان له فضل كبير في مساعدتي في هذا الجانب».
فرحة الإنجاز
وأكدت أن الابتعاث حقق لها فرصة التعرف على ثقافات مختلفة من بلدان كثيرة، مشيرة إلى أن الشعب في الدولة التي كانت تدرس بها في قمة التعاون والطيبة على الرغم من العنصرية لدى بعضهم، وقالت «فرحة الإنجاز والنجاح والعودة إلى الوطن بأعلى الشهادات تنسينا كل المتاعب».
مهارات البحث العلمي
وكشفت أن من بين الصعوبات التي واجتها في الغربة، مهارات البحث العلمي والتي كانت شبه معدومة لديها، ما يزيد الحمل عليها والسعي لتطوير مهاراتها في هذا الجانب.
وقالت «الهاجس لدى كثير من المبتعثين هو تعليم أطفالهم القرآن واللغة العربي؛ مما زاد الحياة صعوبة في ظل عدم وجود أوقات فراغ لتعليمهم، خصوصا كما في حالتي، فأنا وزوجي جميعا مبتعثين للحصول على درجة الدكتوراه، إلى جانب صعوبات الدراسة التي تواجه الجميع في سعيهم للوصول إلى مبتغاهم».
ولم تخف أن الابتعاث يعد فرصة ذهبية للالتحاق بجامعات عالمية عريقة، وهو حلم لنا لنثبت فيه قدراتنا ومهاراتنا وإبداعنا أيضا، وقالت «هو فرصة يجب اغتنامها بشكل قوي وصارم؛ لتكون الثمار الناتجة حتى وإن طالت: النجاح، والارتقاء، والعطاء والبذل».