تباين في المستوى الفني لعروض المهرجان المسرحي للجامعات السعودية
حسن آل عامر
تنوعت مستويات واتجاهات العروض المسرحية التي قدمها طلاب جامعات المملكة المشاركون في اليوم ما قبل الأخير للمهرجان المسرحي الأول للجامعات السعودية، والذي استضافته جامعة الملك خالد أواخر الفصل الماضي، حيث قدمت فرق الجامعات ذات الخبرة في المجال المسرحي عروضا لفتت الأنظار، بينما حرصت بعض الجامعات الأخرى على المشاركة للاستفادة من خبرات الآخرين.
وفي الإطار نفسه أثار العمل المسرحي المميز الذي قدمته فرقة المسرح بجامعة جازان، بعنوان «المحطة لا تغادر»، نقاشات عديدة بين الحضور حول الرؤية الإخراجية للنص الذي ألفه فهد ردة الحارثي، وسبق أن قدم برؤى إخراجية أخرى من قبل فرقة العمل المسرحي بالطائف؛ ففي الوقت الذي أشاد فيه معظم المتداخلين بالعمل الفني الذي قدمه مخرج جامعة جازان سالم باحميش، رأى آخرون أن اجتزاء فكرة النص الأصلي أثر في العمل.
وقال وكيل عمادة شؤون الطلاب بجامعة الطائف الدكتور منصور الحارثي «لا شك أن التقنيات الفنية والمسرحية توافرت في هذا العمل، وأبدع فيها المخرج باحميش، ولكن هوية النص الأصلي الذي كتبه فهد ردة تغيرت بشكل واضح هنا»؛ واتفق معه في هذا الطرح الممثل والمخرج المسرحي سامي الزهراني الذي أشاد كذلك بالرؤية الجديدة التي قدمها المخرج باحميش للنص.
من جهته، أبدى المخرج المسرحي علي الغوينم إعجابه بما قدمه مخرج العمل من تقنيات مسرحية، وخصوصا في مجال الإضاءة، والرؤية البصرية بشكل عام. وتحدث عن النص قائلا «نصوص فهد الحارثي تحتاج إلى تعامل حذر من المخرجين، لأنها تحوي مساحات وفضاءات عديدة»، مضيفا «هناك مبالغة في الحركة على المسرح من بعض الممثلين، فمع كثرة الحركة المسرحية، تتشتت الفكرة».
وعلى مسرح فرع جامعة الملك بالمحالة، قدمت جامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل عرضها المسرحي «الحاسمة»، وهو من تأليف بسام مدني، وإخراج عمر الحيدان. تناول هذا العمل كواليس بعض الكليات في الجامعات، وما تقدمه من تخصصات علمية وأدبية. وفور انتهاء العرض، قدمت ندوة تطبيقية عنه، تحدث فيها المخرج زكريا المومني الذي ألمح إلى أهمية خوض التجارب، وتعدد المشاركات لاكتساب الخبرة، مؤكدا أن فريق العمل المسرحي بجامعة الإمام عبدالرحمن الفيصل يحتاج إلى الاطلاع أكثر، والاحتكاك بأصحاب التجارب المسرحية الرائدة، سواء في الجامعات الأخرى أو جمعيات الثقافة والفنون، مستشهدا ببعض المراحل التي مر بها شخصيا في مجال المسرح.
من جهتهم، أجمع المتداخلون على أهمية مشاركة الجامعة، للاستفادة من خبرات الفرق الأخرى.
وقال المخرج راشد الورثان «هذا العمل يؤكد أهمية وجود ورش عمل في المهرجانات المسرحية تعطي الشباب المبتدئ أسس المسرح الصحيح».
أما الدكتور منصور الحارثي، فرأى أن طاقم العمل «طاقة مهدرة»، مضيفا «يجب على الجامعة أن تلتفت لكم وتوفر لكم كوادر مؤهلة ومهنية، من خلال مد الجسور مع الجهات المعنية بالمسرح»، وهو ما أيده به المسرحي الدكتور نايف خلف الذي دعا الجامعة إلى تنظيم دورات للطلاب في تقنيات العمل المسرحي.
وأثنى المخرج سامي الزهراني على حرص الطلاب على المشاركة، على الرغم من أن جامعتهم حديثة، وليس لديها تجارب سابقة في جانب المسرح.
وفي رده على تساؤلات بعض المتداخلين حول مشاركة عرض «الحاسمة»، أكد مدير المهرجان محمد آل مبارك أن توجيهات معالي مدير جامعة الملك خالد كانت واضحة، بإعطاء الفرصة لجميع الجامعات الراغبة في المشاركة، فالهدف من المهرجان هو الاحتكاك، وتبادل الخبرات والتجارب بين الفرق المسرحية في الجامعات السعودية.
وسبق هذا العرض عرض آخر لجامعة الملك عبدالعزيز، بعنوان «المتحف»، ألفه شادي عاشور، وأخرجه أحمد الصمان، وتركز العمل على رؤية فلسفية نفسية، من خلال تخاطب البطل مع تفاصيل لوحة فنية أثرية في متحف حربي.
وقال الممثل المسرحي فيصل الشعيب عن العمل «هذا العمل الجميل تنقل بنا في عوالم مختلفة من صراعات الإنسان مع الحياة، فهنا مآسي الحروب، وهناك سطوة الإعلام، وفي الجانب الآخر خفايا المرض النفسي، لنكتشف في النهاية أننا نعيش في الأحلام، وربما الأوهام، وفي النهاية يأتي المصير المحتوم لكل مخلوق وهو الموت، وقد كان مشهد الموت في العمل من أقوى المَشاهد التي تؤثر في المُشاهِد».