الدكتورة إيناس عبد السميع:   تطبيقات تقنية النانو في مجالات عديدة تحظى باهتمامي كباحثة

تاريخ التعديل
سنتان 7 أشهر
Afaq logo

 
"لاحظ والدي – رحمه الله – ما أتميز به منذ طفولتي من موهبة الابتكار والإبداع في الأطروحات فأطلق عليّ لقب (بؤرة الابتكار) وبدأ يعلمني حرية الرأي وفتح لي المجال للاعتماد على النفس في إدارة حياتي في سنوات دراستي الأولى".
هذا ما قالته لنا أستاذة الكيمياء غير العضوية المساعدة، ومنسقة الشؤون التعليمية والأكاديمية ومستشارة البحث العلمي بوكالة الدراسات العليا بكلية العلوم والآداب بمحايل  الدكتورة إيناس عبد السميع في الحوار الذي أجريناه معها والذي تعرفنا من خلاله على عدة جوانب من حياتها المهنية والعلمية.  


ما الأبعاد الإنسانية لتخصص الكيمياء غير العضوية وما الذي يمكن أن يقدمه هذا التخصص للإنسانية وللأرض من فوائد؟
إن علم الكيمياء من العلوم التي لها أهمية كبيرة في حياتنا اليومية، إنه علم قديم برع فيه الإنسان واستفاد منه في جميع الحضارات مثل الحضارة الإسلامية واليونانية والأوروبية الحديثة.
 وأولت هذه الحضارات اهتماما خاصا لعلم الكيمياء الذي كان ومازال له أهمية قصوى في العديد من المجالات التي ترتبط بالنشاط الإنساني، إن الكيمياء تفسر الكون والحياة والإنسان بجميع مكوناته وما يمر به خلال يومه، وأبسط الأمثلة هي اتحاد الأكسجين مع الكربون لينتج غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يطرحه الإنسان في كل ثانية، مروراً بأعقد التفاعلات الكيميائية التي تفسر فيسيولوجية الإنسان والكون، والفضاء الخارجي، وجميع الأشياء من حولنا، فتخصص الكيمياء ممتع جداً ويمكن تطبيقه في أي مجال لأن جميع الأشياء هي بالنهاية جزء من التفاعلات الكيميائية.


يقول‌‌الدكتور‌‌غازي‌‌القصيبي‌‌في‌‌كتابه‌‌الشهير‌‌(‌حياة‌‌في‌‌الإدارة‌)‌‌‌"لاشك‌‌أن‌‌علاقة‌‌الإنسان‌ ‌المعاصر‌‌بالإدارة‌‌تبدأ‌‌مع‌ ‌ الطفولة‌"‌ ‌ ‌كيف بدأ الأمر معكِ في مجال الإدارة خصوصا وأنك تقلدتِ عدة مناصب إدارية؟
صدق الدكتور القصيبي  هذه المقولة فعلا تعبر عن الحقيقة، فمنذ طفولتي تميزت بموهبة الابتكار والإبداع في الأطروحات والمقترحات المتميزة وقد لاحظ والدي رحمه الله ذلك وكان يطلق على (بؤرة الابتكار) وبدأ يعلمني حرية الرأي وفتح لي المجال للاعتماد على النفس في إدارة حياتي في سنوات دراستي الأولى. وكان ذلك له الأثر في أن أكون رائدة فصول المتفوقات في المرحلة الثانوية، وتطور الأمر الى أن تقلدت مناصب إدارية عديدة بعد عملي بالجامعة، ومن وجهة نظري إن تقلد أي منصب إداري هو بمثابة تحد كبير لأن تفكيرك ينصب على كيفية إحداث التغيير والتطوير وإثبات الأثر الطيب حتى تكون جدير بهذه الثقة.  
إن الشخص المميز في عمله له قيمته الكبيرة في المكان الذي يعمل به، لأنه يتصف بالجدية والإخلاص في عمله، بالإضافة إلى حبّه للعطاء، ممّا يجعل الآخرين يرغبون بالعمل معه، وكان هذا نهجي طوال فترة عملي بالجامعة والحمد لله. 


ماذا أضاف لك العمل بعدة مناصب إدارية؟
العمل بالجامعة أضاف لي الكثير؛ منها تنمية المهارات القيادية،  وامتلاك روح التحدي والثقة بالنفس والمرونة في التفكير، بالإضافة إلى القدرة على حلّ المشكلات بطريقة مبدعة، وطرح أفكاراً جديدة دائماً ومبتكرة، واقتراح المبادرات والأطروحات القيمة والاندفاع بشكل ذاتي أو جماعي إلى تحقيق الأهداف، والتحلي دائما بالطاقة الإيجابية في العمل، والتفاؤل والتفكير بطريقة إيجابية حتى يستطيع أن يحقق أهدافه. 
والحقيقة أنا لا أبالغ إن قلت أني أعشق العمل بشتى جوانبه إن كان أكاديميا أو إداريا والشعور بالنجاح لتحقيق هدف معين لا يقدر بثمن وإحداث التطوير للأفضل في مصلحة العمل فهذا شعور لا يضاهى.


من‌‌أجمل‌‌ ما كتبته‌‌ الأديبة‌‌ العربية‌‌ أحلام‌‌ مستغانمي‌‌ "أنت‌‌ لا‌‌تصغر‌‌ وأنت‌‌ تتأمّل‌‌ شّلالات‌‌ نياغرا‌‌ الشاهقة‌‌‌ برغم‌‌ ضَخامتها‌  ‌ ‌لأنّك‌‌ في‌‌ الأصل‌‌ كائن‌‌ مائي‌،‌‌ إنك‌‌ ابن‌‌ ذاك‌‌ الشّلال‌‌‌‌ وأنت‌‌ ابن‌‌ هذا‌‌ الجبل‌‌‌ لأنك‌‌ من‌‌ تراب‌‌".‌‌من وجهة نظرك هل‌‌العالم‌‌ العابد‌  ‌هو‌‌ أقدر‌ ‌ الناس‌‌ على‌‌‌ القيام بمثل‌‌ هذه‌‌ التأملات‌‌ وإدراك‌‌ مدلولاتها‌؟
في الحقيقة كل إنسان يمتلك قدرة على التفكر هو نفسه ليس على دراية بمداها، والتفكر والتدبر لا يستدعيان شروطاً محددة، وما أن يبدأ الإنسان باستكشاف قدرته هذه واستخدامها، حتى يتبدى له الكثير من الحقائق التي لم يستطع أن يسبر أغوارها من قبل، وكلما استغرق الإنسان في تأمل الحقائق، كلما تعززت قدرته على التفكر والتأمل في خلق الله، ونظرا لأن العالم بطبيعة عمله قد يتعمق في دراسة كثير من الظواهر الكونية الدقيقة، وعندما يبحث العالم في كل ما في الكون من أنظمة وكل ما فيه من كائنات حيّة وجماد بعينٍ يقظة، يرى ويفهم أنه ليس في الوجود شيء جاء بمحض الصدفة، بل خلق الله كل شيء بإتقان لذا أتفق معك أن العالم هو أكثر قدرة على إدراك إبداع الله وعلمه في ما خلقه سبحانه وتعالى. 
ما  أهم المواضيع التي تحظى باهتمامك البحثي؟
يمثل البحث العلمي جانب كبير من أولوياتي في حياتي فأنا دائمة الاطلاع والمعرفة والبحث عن كل جديد في تكنولوجيا العلوم الحديثة، والحمد لله أنتجت العديد من الأبحاث العلمية المنشورة في مجلات عالمية ومؤتمرات بالولايات المتحدة الامريكية وغيرها.
كما قمت بتقديم وتنفيذ الكثير من المشاريع البحثية ونشر عدد من المؤلفات، ومن أهم المجالات التي تحظى باهتمامي كباحثة، هي تطبيقات تقنية النانو في مجالات عديدة مثل إنتاج مواد نانوية تستخدم في مجال تنقية المياه، وإنتاج المحفزات ومواد البناء، وتدوير النفايات للأغراض الصناعية، وتوفير الطاقة. ومازال البحر لا ينضب ومازال العمل مستمر. ‌


"الشخص‌‌ الوحيد‌‌ الذي‌‌ أحاول‌‌ أن‌‌ أكون‌‌ أفضل‌‌ منه‌‌ دائما‌‌ هو‌‌ أنا‌‌ في‌‌ الأمس‌‌"‌ ‌في‌‌ ظل‌‌ هذه‌‌ المقولة‌‌ ما طموحاتك؟
 يسعى الإنسان دائما أن يطور من نفسه من خلال تحقيق أهدافه وطموحاته، فالإنسان لا يستطيع ان يعيش بلا هدف أو أمل، وإلا كانت الحياة بلا معنى. 
إن الفرق بين من يملك أو لا يملك طموح، كالفرق بين إنسان حي وآخر ميّت، فمن لا يسعى لطموح يعيش حياة فارغة ولا يحقق أي إنجازات، وطموحي دائما أن أكون عضوا أكاديميا فعالا بحثيا وعلميا وأن أكون على وعي كامل بمستحدثات الأمور، كما أن طموحي ليس له حدود، حين أصل لهدف أسعى لتحقيق هدف أكبر وأعلى، وكما ذكرت لا حياة بلا طموح، وأتمنى أن أترك صمة في مجال عملي تساهم في تقدم المجتمع والأمة الإسلامية.


ما‌‌نصيحتك  ‌لطالبات‌  ‌البكالوريوس‌‌في تخصص الكيمياء؟‌ ‌
الحمد لله طالباتنا يتميزن بالمسؤولية تجاه أنفسهن وتجاه وطنهن، ونصيحتي لطالباتي أن يتحلين بالجدية والإخلاص والاطلاع على ما هو جديد بصفة مستمرة والمثابرة في بذل الجهد والعطاء، وأن يتيقن من أن الدراسة الجامعية ليست معلومات نتخطى بها الاختبارات فحسب، ولكنها ركيزة وأساس لكينونتك ككيميائية وهي بساط لحياتك المهنية المستقبلية التي تؤهلك الى التنافسية في سوق العمل.
 وأنصحهن أيضا أن يطورن مهاراتهن وقدراتهن البحثية في مجالهن واكتساب الخبرات وأن يسعوا في تحقيق أهدافهن على الرغم من أنهن قد يواجهن تحديات كثيرة، لكن يجب النظر دائمًا بعين التفاؤل حتى نتمكن من تحقيق طموحاتنا وأهدافنا بغض النظر عن الظروف المحيطة بنا، وأن نكون قادرين على خدمة الوطن والمجتمع وتحقيق النجاح في كل مجالات الحياة.


كلمة‌‌أخيرة؟ ‌ ‌
لتحقيق أهداف المملكة من خلال رؤية ٢٠٣٠، سنستمر في تنمية القدرات البحثية لدى طلابنا الجامعيين وتطوير مهاراتهم، وذلك من خلال تقديم عدد من الورش والبرامج التدريبية بهدف تنمية المهارات المتعلقة بإجراء البحوث لما لذلك من أهمية في فتح مجالات الإبداع والتميز ونشر الثقافة العلمية وهذا هو الاستثمار الحقيقي لإعداد المستقبل الواعد ولتحقيق الريادة والتميز في بناء مجتمع المعرفة.
 
                                                                                                                                                                                فوزية القرني