اللغة الرابعة عالميا

تاريخ التعديل
5 سنوات 3 أشهر
اللغة الرابعة عالميا

أ. د. يحيى الشريف
عميد كلية العلوم الإنسانية 

اللغة العربية تُعد اللغة الرابعة عالميا من حيث الانتشار، وأصبحت معتمدة رسميا في الأمم المتحدة منذ عام 1974 ضمن ست لغات.
والعربية، وإن كانت أصل اللغات وأعرقها، تجري عليها القوانين التي تسري على باقي اللغات الأخرى، من الانتشار إلى الانحسار، ومن القوة إلى الضعف، ومن التداول إلى الإهمال، وكذا القدرة التعبيرية عن الفنون والآداب والعلوم. وقد عانت اللغة العربية من أمرين مهمين، أولهما إصرار بعض علمائها قديما وحديثا على جذبها إلى الماضي بداعي الثبات فتوقّف، أو كاد، معجمها ألفاظا ودلالة عند حدود القرون الأولى، والأمر الثاني هو تعليمها والتعليم بها.
ومعالجة الأمر الأول تتطلب تصحيح مسار المعجم العربي برفده بألفاظ ودلالات جديدة، وإحياء عملية التعريب، بما يتناسب مع قوانين العربية ونظامها اللغوي، وهذه المهمة يجب أن تنهض بها الجامعات ومجامع اللغة العربية والمراكز المتخصصة، لاسيما وأن مصادر اللغة اليوم متعددة وكثيرة، ومنها الأدب بأنواعه، وكذا الإعلام بوسائله المختلفة، والمخترعات الحديثة، وكلها تتطلب سرعة التعامل معها بعد أن أصبحت واقعا معاشا يصعب تجاهله.
أما الأمر الثاني فعلاجه يكون بالسعي الدائم نحو تطوير محتوى مقررات اللغة العربية ووفق أحدث ما وصل إليه تعليم اللغات؛ ضمن سياسة لغوية واضحة يرسم حدودها المتخصصون.
أما التعليم بها فإنه يتجاوز البُعد اللغوي للمشكلة إلى البُعد الحضاري، فاللغة انعكاس لمستوى أهلها، فتهيمن وتسيطر إذا كان الرصيد المعرفي والمخزون الثقافي بها كبيرا وفاعلا، وهذا ما كانت عليه العربية قرونا طويلة.
 لقد شهدت أقسام الدراسات الإسلامية واللغة العربية في الجامعات الغربية إقبالا غير مسبوق، وزادت الرغبة في تعلُّم اللغة العربية في الشرق والغرب؛ لأسباب كثيرة ثقافية وسياسية وإعلامية ودينية واقتصادية واجتماعية.
وهذا يجعلنا أمام مسؤولية تاريخية تحتم بذل جهود كبيرة يشارك فيها متخصصون في اللغويات والتربية والرياضيات والحاسب والبرمجيات وبلورة هذه الجهود بما يخدم العربية كتابة وضبطا وتصحيحا وترجمة؛ علما بأن اللغة العربية تمتاز بكثير من الخصائص التي تجعلها قابلة لتطويعها ومعالجتها آليا كلغة طبيعية.
 أقول ذلك قبل أن تفاجئنا طفرات علمية تغيّر أنماط الحياة كلها بما فيها التعليم، كالتي تحدّث عنها رئيس مختبر الوسائط بـ «معهد  ماساتشوستس للتكنولوجيا» MIT، نيكولاس نيغروبونتي، في محاضرة له بعنوان «التكنولوجيا الحيوية عنوان العصر الرقمي المقبل» من وجود تجارب خلال العشر سنوات القادمة لتطوير اختراع حبوب تجعل من يتناولها قادرا على تعلم لغة جديدة بالكامل.
وتعتمد هذه الفكرة على إمكانية التخاطب مع الدماغ وقراءة أفكاره من الداخل والخارج، وتبدو الفكرة خيالية جدا الآن، ولكن بوسعنا أن نتحدث عما يمكن أن يحدث لو نجحت، فلدينا كثير من الأسئلة حولها، وحتما ستصل بنا إلى نتائج مذهلة وغير متوقّعة ستغيّر كل شيء.