د. عبدالله حامد: طريقة تدريس اللغة العربية عقيمة وتحتاج للتغيير

تاريخ التعديل
6 سنوات 5 أشهر
د. عبدالله حامد: طريقة تدريس اللغة العربية عقيمة وتحتاج للتغيير

مشهور العمري

 

عدّ الناطق الرسمي باسم الجامعة، عضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية، الدكتور عبدالله حامد، التطورات المتسارعة،  عاملا يزيد من تعقيد الثقافة.

جاء ذلك خلال حديثه ضيفا بصالون «آفاق«، الأحد قبل الماضي، وقال في تعريفه لمفهوم الثقافة «إن كنا نعني الجانب الفكري والإبداعي، فأعتقد أن الإجابة ترتبط بالمكان من أساسيات الثقافة، والشعوب التي تقرأ بكثرة، هي الأكثر وعيا ومعرفة، أما في العالم العربي، فالقراءة متدنية«.

وأضاف «لابد من ربط الثقافة بمفهوم القراءة حتى نعي  المستقبل ونتأقلم معه، لأن المستقبل دوما للأقوى معرفيا وعلميا، وإن كنا نقول إن الثقافة بمفهوم عام لا يمكن تحديد مفهومها، وأظن أن الثقافة التقنية هي التي لها الحضور المستقبلي، وأي ثقافة لا تتواءم معها، ستنتهي وتموت«.

وأردف «إذا كنا نربط الثقافة بالجانب الفكري والإبداعي ومحصول القراءة فإن الجانب الأهم في الثقافة أن تتحول إلى سلوك يقبل الآخرين ويتعايش معهم ويحاورهم ويستفيد منهم، وأن يكون المثقف صورة واقعية للسلوك الحضاري بدءا بالتزامه وانضباطه في  طابور المخبز. مشكلتنا الكبيرة مع كثير من مثقفي عالمنا العربي ومشكلتنا الكبيرة مع أنفسنا هي حالة التشتت بين القول والفعل«.

 واستشهد بموقف شخصي مر به فقال «في مكة- شرفها الله- كنت أنتظر بعض المصلين ليحركوا سياراتهم بعد أن أوقفوها بشكل خاطئ ودخلوا للصلاة، حينها مر عالم جليل له برامجه في التلفزيون، فقلت له إننا ننتظر أن توجه كلمات الوعظ نحو هذه الممارسات الخاطئة، ونحن أولى بها من الغرب الذي سبقنا في هذا الميدان!

وكانت إجابة فضيلته تؤكد أن الغرب لم يسبقنا أبدا! عندها علمت أن فوضى وقوف السيارات في الشوارع المحيطة بمسجدنا في الحي وبعض الأحياء المحيطة بنا أثناء صلاة الجمعة لن تتغير إلا بكثير من الحزم الصارم من الدولة، وهو ما ننتظره بكثير من التفاؤل والأمل في هذا العهد الاستثنائي للقيادة، فقد سئمنا مثلا مناظر رمي المخلفات من السيارة والتهور في قيادتها والإساءة الهمجية للمرافق العامة«.

 

عقم تدريس العربية

وواصل«اللغة مرتبطة بمستوى قوة من يتحدث بها، فإن كان من يتحدث بها قويا وحاضرا، فلغته كذلك ستكون حاضرة، ونحن العرب لسنا في مستوى الدول التي تتحدث اللغة الإنجليزية وتنشرها، ليس لخصوصيتها وإنما لوجود المتحدث القوي الذي يفرضها، بينما واقع لغتنا ينطلق من واقع العرب،

ونحتاج لجهود في سبيل تسهيلها، حيث أثبتت الطريقة التي نسير عليها في تدريس اللغة العربية، عقمها، ومن ثمّ نحتاج لتوحيد الجهود بين المدارس والجامعات لتغيير الواقع التعليمي الحالي للغة العربية، وأرجو فهم كلامي في سياقه، لأن البعض يتهم بأنه إذا أطلق مصطلح «تطوير تعليم اللغة«، فهو يريد الهدم، بينما نريد تطويرها بجهود الأكاديميين والعلماء بطريقة جديدة وملائمة، ومن المؤلم  أن تجد طالب جامعة لا يفرق بين الاسم والفعل والحرف، وهذا إشكال كبير يفرض علينا أن نخدم لغتنا بأبحاث وجهود كبيرة«.

وزاد «تطوير اللغة مهمة المتخصصين والمعنيين بالنظر في هذه القضية، وأعني علماء اللغة من الأكاديميين والمهتمين ومن عشاق اللغة في مختلف المجالات«.

 

الشعر

وعن الشعر، قال«هناك الشعر الفصيح والشعبي، والأخير يسجل حضورا أكبر، أما في الفصيح، فهناك جهود وتطوير وشعر تفعيلة وما يسمى بقصيدة النثر، وهي تتواءم ولا تتضاد مع القصيدة الخليلية، وتبقى العملية متنوعة أكثر من أنها مواجهة وصدام، ويبقى الجمهور والمتلقي هو الحكم بناء على ذوقه، ولا يجب فرض أمسيات على أي جمهور، لا تتناسب مع ذوقه، بل يجب تلبية كل الأذواق بما يحقق النوعية«.

وأردف «للشعر طابع موسيقي، والنفس الإنسانية تميل للموسيقى وتهفو لها، والكلمة الجميلة والشعراء المتميزون يلامسون قضايا  تكون في أعماق الإنسان العادي، ولا يستطيع التعبير عنها، وهناك بعض القصائد التي غنيت وسجلت حضورا جماهيريا كبيرا«.

وعن ارتباط القصيدة بالإنشاد، قال «منذ كان الحبيب عليه السلام يطلب من  الحادي ذي الصوت الجميل «أنجشة« رضي الله عنه أن يرفق «بالقوارير«، وإلى اليوم، ما زال ارتباط القصيدة بالإنشاد والغناء سببا في الانتشار والحضور إذا وجدت القصيدة الجميلة والصوت الجميل أيضا. وأقول إذا وجدت فالشعراء السعوديون كثر، ولكن محمد الثبيتي- رحمه الله- تجربة مختلفة، وهي التجربة التي ظلمت سابقا لكن بعض الدراسات الأكاديمية الحديثة أعادت لها بعض حقها«.

 

الروح الحوارية

وتطرق الدكتور عبدالله حامد للحديث عن دور الأستاذ الأكاديمي، وقال «واجب الأستاذ الأكاديمي أن ينمي الروح الحوارية، وألا تكون هناك مصادرة لأية فكرة، فالأفكار لا تصادر وإنما تحاور وتناقش، والأستاذ الذي يفتح الحوار مع طلابه بكل القضايا، هو الذي  يصنع الباحث المستقبلي«.

وتابع« الحدة والأسئلة أمران طبيعيان ونتاج مرحلة معينة، والحوار المبني على الاحترام  ينتج عنه تغير في القناعات، فيما تولد الأسئلة المعرفة؛ لذلك فإن مصادرة أي فكرة، فيها نوع من الإجرام، وأعلم أن في جامعتنا مستوى كبيرا من تقبل الآراء عند الإدارة وأعضاء هيئة التدريس، ولا أنفي وجود بعض المصادرة عند بعض أعضاء هيئة التدريس، وشخصيا عندما أحاور طلابي، فإنهم يغيرون بعض قناعاتي، فالمعرفة مسألة تراكمية قد تأتي من الأستاذ، وقد تأتي أحيانا من الطلاب، ولكنها وليدة الحوار«.

 

التجديد في النظريات 

وواصل «النظريات تولد باستمرار ولا تتوقف، والتجديد فيها مطلوب مع وجود نوع من الحرمة للنظرية العلمية، ولا يمكن أن أتعامل معها تعاملا يخرج بها عن مفهومها، وفي المجال الأدبي لدينا العديد من النظريات كما في المجال اللغوي، وعلى سبيل المثال، نظرية التواصل الموجودة بيننا في الإعلام واللغة، ولكن يجب أن نطورها مع الاحتفاظ بجهود أصحابها الأوائل دون المساس أو التقليل من شأنهم، وبعض النظريات تتولد من بعضها، والإنسان يظل بحاجة للآخرين لمواصلة الإبداع«.

 

كلمة أخيرة

وأثنى الدكتور عبدالله حامد على صحيفة «آفاق«، قائلا «كتبت قبل سنوات مقالا فيها، وقلت إنها كانت مفاجأة عظيمة، واليوم نحن سعداء في الجامعة بهذه الصحيفة الكبيرة التي تضم فريقا مهنيا محترفا، ونتمنى أن نراها دوما في القمة، فهي تشهد حراكا أدبيا وثقافيا وجهدا يشار إليه بالبنان«.

 

د. عبدالله حامد: طريقة تدريس اللغة العربية عقيمة وتحتاج للتغيير