الجامعة شجعت على نشره.. العمل التطوعي ينمي المجتمع ويزيد من أواصر المحبة والترابط
محمد إبراهيم
عندما نسمع عن العمل التطوعي، ونلمس الاهتمام الذي تولية الدولة لهذا النشاط المهم، بعد أن تم تضمينه ضمن أهداف «رؤية المملكة 2030»، حيث تطمح السعودية إلى تطوير مجال العمل التطوعي ورفع نسبة عدد المتطوعين من 11 ألف إلى مليون متطوع قبل نهاية العام 2030.
كما يجعلنا هذا الأمر أن نصر ونسعى إلى جعل العمل التطوعي سلوكا محببا لكافة أفراد المجتمع، يتسابقون من خلاله للظفر بنتائج إيجابية تتجاوز الفردية لتصل إلى شرائح المجتمع المختلفة.
وتأتي نظرة «رؤية المملكة 2030» لهذا العمل الإنساني النبيل تأصيلا للإنسان السعودي الذي نشأ على حب الخير، والمسارعة على تقديم ما يحتاجه الآخرون من جهد راجين الجزاء والمثوبة من عند الله عز وجل.
في «آفاق» طرحنا هذا العمل الإنساني النبيل على عدد من المهتمين بهذا الشأن، بغرض معرفة أهداف التطوع والوقوف على أهم مكتسباته.
حيث بينت مديرة البرامج والفعاليات بوكالة عمادة شؤون الطلاب لشؤون الطالبات الناشطة في العمل التطوعي الأستاذة هنادي الشهراني، أن الوكالة لديها عدة أندية منها النادي التطوعي، الذي يتطلع القائمون عليه إلى تعميق روح العمل التطوعي باعتباره قيمة إيجابيه لبناء المواطن الصالح، ودعامة بارزه لتنمية المجتمع، وتوسيع آفاق الطالبات في ماهية العمل التطوعي والعمل على تحسين فكرته من خلال الطالبات وتحقيق دور الجامعة في تنمية ودعم المجتمع ومواكبة رؤية ٢٠٣٠.
وعن أهمية التطوع في حياة الفرد قالت «العمل الجماعي هو أصل الحياة لأن الإنسان اجتماعي بطبعه، كما أنه يسهم في تحمل المسؤولية والاعتماد على الموارد الذاتية وتوثيق العلاقات، والتفاعل مع الأفراد ويدعم تحقيق الأهداف الوطنية التي تسعى الدولة لتحقيقها، والتطوع الآن يكتسب أهمية كبيرة كونه أحد مرتكزات تنمية المجتمع وهدفا من أهدافه».
وأضافت «التطوع له مردود إيجابي على المستوى الشخصي والاجتماعي، حيث يسهم في الشعور بالانتماء وتكوين مكانة مرموقة في المجتمع، بالإضافة إلى المساهمة في التنمية والتطوير وتنمية القدرات والمهارات الشخصية، وحل عدد من المشكلات المجتمعية».
وأوضحت «نستطيع من خلال التطوع تحقيق عدد من الأهداف الخاصة والعامة منها على سبيل المثال لا الحصر ترسيخ العقيدة الصحيحة والتصدي للأفكار المنحرفة، والاستثمار الايجابي لوقت الفراغ، وتغطية العجز في الموارد البشرية والمالية والإدارية، وتنمية الشعور بالمسؤولية الاجتماعية».
سلوك حضاري ونشاط إنساني
من جانبه بين الناشط البيئي العضو في عدد من الجمعيات والروابط البيئية الأستاذ محمد أحمد عسيري، أن العمل التطوعي هو عمل من أعمال الخير المهمة، وهو أيضا سلوك حضاري، ونشاط إنساني مميز، يعمق الأخلاق الحميدة للأفراد بعيدا عن التفاخر والمصالح الشخصية، ويسهم في ايضاح صورة ايجابية عن المجتمع، وذلك ببذل مالي أو عيني أو بدني أو فكري يقدمه الشخص عن قناعة، كما أنه نوع من انواع الصدقة التي بينها رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من خلال إماطة الأذى، وكذلك فضل الغرس.
وأضاف أنه ايضا ينمي الإحساس لدى الشخص بأهمية الإنجاز وذلك بتقديم عمل يكسب منه الأجر من الله، كما أن الإخلاص في النية سبب في استمرار العمل التطوعي.
وقال «يجب أن يكون عند كل شخص وقت مخصص للعمل التطوعي ومن الممكن دمجه مع الكثير من الممارسات، مثل أوقات التنزه أو الرياضة أو غيرها».
وعن تقبل المجتمع للعمل التطوعي، أوضح العسيري، أن هناك فرقا في تقبل المجتمع للعمل التطوعي، حيث أصبح هناك قبول خاصة في الأعوام الأخيرة لدى الاشخاص للقيام بالعمل التطوعي، والذي كان يؤدى سابقاً بشكل فردي، إلا أنه الآن أصبح من خلال مجموعات، وشبه منظم، ومجدول زمنياً، ومشارك في عدد من الفعاليات العامة.
وأضاف «بالرغم أنه لا يزال هناك الكثير من القصور في الدعم من قبل الإدارات والمؤسسات ورجال الأعمال، إلا أن الأمل في الله أولاً ثم بجهود دولتنا في تشجيع وتوعية وتطوير ثقافة العمل التطوعي».
وأردف «أغلب تركيزي من خلال منصبي الحالي منصب على البيئة وما تحتاجه، حتى أصبحت ألمس وأرى مردود ما أقدمه على أرض الواقع وأفتخر بالتأثير على أشخاص آخرين؛ لتتسع الدائرة أكثر وترتفع بذلك نسبة النجاح والانتشار للعمل التطوعي؛ مما يعود على الجميع بالفائدة ونرفع سقف الميراث للأجيال المقبلة».
ووجه العسيري رسالة للمجتمع بضرورة الاهتمام بالعمل التطوعي؛ لأن نتائجه المرجوة ستعود بإذن الله على الجميع وعلى الأجيال المقبلة بالفائدة، فبادر وكن في المقدمة، ولا تنتظر وابدأ بنفسك وسيبدأ غيرك وسوف يلتقي الجميع إن شاء الله في أعمال إيجابية تقطف ثمارها في الدنيا والآخرة.
قوة للشخصية ورفع لقدرات الأفراد والمجتمعات
بدوره أوضح رئيس وحدة أندية الكليات بالجامعة الأستاذ ياسر السالمي، أن أهمية العمل التطوعي موجودة في حياتنا منذ خلق الله آدم ثم بعث بها الأنبياء والرسل وتناقلها الأجداد والآباء، وها نحن الأبناء في يومنا هذا نطور الخدمة الإنسانية والوطنية التي تهدف إلى حماية الوطن وأهله من أي خطر، والعمل على تنمية المجتمع وزيادة أواصر المحبة والترابط بين الناس بما حباه الله لنا من التقنيات الحديثة والمنصات الاجتماعية القوية.
وبين السالمي أن «للتطوع مردودا شخصيا ومجتمعيا في قضاء الحوائج والمساعدة وتقديم كل ما يستطيع الفرد تقديمة لمساعدة الآخرين، فعلى المستوى الشخصي يجني الثواب والأجر، وقوة للشخصية ورفع للقدرات، ورفع مستوى العلم والعمل به، تعزيزا لثقة بالنفس، وتعزيز قيمة حب الخير والنفع».
و «أما على الجانب الاجتماعي، يحقق العمل التطوعي التعاون بين أفراد المجتمع، حيث يدرك كل شخص أنه شريك في تحقيق أهداف المجتمع، وتحسين الجهود المبذولة، وتخفيف العبء عن الجهود الحكومية، بالإضافة إلى عكس صورة إيجابية عن المجتمع وتوضيح مدى ازدهاره وانتشار الأخلاق الحميدة بين أفراده، والحد من السلوك المنحرف».
وأوضح السلمي أن هناك أيضا عددا من الأهداف المرجوة كالحصول على الأجر، وإشباع رغبة الشباب في النجاح، واستثمار أوقات فراغهم، مع تطوير العلاقات وبناء صداقات مختلفة ونافعة، وبث الروح الايجابية والتحفيز وحب الخير للغير، وتنمية المجتمع والعمل على رفع مستوى الإنجاز، والتقدم في التعليم والرقي بالمجتمع، مع اتاحة الفرصة للشباب المبدعين في تنفيذ أفكارهم وتطبيقها على أرض الواقع، وتنمية الشخصية والتخلص من صعوبات التواصل مع الآخرين.
اختلاف المجتمعات
من جهته بيّن رئيس نادي العمل التطوعي في الجامعة الطالب عبد الله آل حموض، أهمية العمل التطوعي في حياتنا؛ وقال «يزيد من أواصر المحبة والترابط بين الناس، كما يعلي من نمائهم الاجتماعي وتماسكهم ويمنح الفرد رضا الله عز وجل، كما ينال به الثواب والأجر، ولا ننسى أنه يقوي الشخصية ويرفع من قيمة قدرات الفرد العلمية والعملية، ويعرف الفرد بقيمة جهوده وبجدواها لأنه يعطي الفرد فرصة لتعزيز ثقته بنفسه والعمل على بناء ذاته وقدراته وتطويرها على تنمية المجتمعات».
وأكد آل حموض أن هناك دوافع عديدة للعمل التطوعي تختلف من مجتمع لآخر.
وأضاف «تختلف المجتمعات في كثير من الأمور كالفئة العظمى المشكلة لها، والخلفية الثقافية والعلمية للأفراد، ففي المجتمعات المتقدّمة ينخرط أبناؤها في الأعمال التطوعية لدوافع اجتماعية في معظم الأحيان؛ لتحقيق إنجازات على صعيد العلاقات المجتمعية والتعامل مع الآخرين ونشر الوعي الاجتماعي بينهم، بينما إذا قورن الأمر بالمجتمعات النامية، فلا شك في أنه سيختلف بشكل كبير؛ حيث يدفع الأفراد في هذه المجتمعات غالباً دوافع قيمية ولربما دينية إن كان الدين ذو منزلة عالية في المجتمع».
وأوضح كذلك أنه من الجميل أن يمنح الإنسان ما يعده ثمينا للآخرين دون انتظار مقابل، إذ لا يوجد ما هو أغلى من الوقت والمال، فإن يهب الإنسان جزءا من وقته أو ماله أو جهده، فهو من ضمن المتطوعين الساعين لخير المجتمع والإنسانية.
وأردف «أنه ركيزة من الركائز الهامة لرفعة الوطن وتنمية المجتمعات، ونشر قيم التعاون والترابط بين الناس، إضافة لكونه سلوكا إنسانيا فريدا يدل على مقدار عال من العطاء والبذل وحب الخير للإنسانية».
المجال الصحي
بدوره بين رئيس النادي التطوعي بكلية الصيدلة الطالب الصيدلي علي طاير الأسمري، أن التطوع كما الروح في الجسد، والمجتمع في هذه العبارة هو الجسد، فلا يمكن أن يتخلى الجسد عن هذه الروح بل أنه ركن أساسي ومن أهم الأركان التي يقوم عليها المجتمع في جوانب عده سواء دينيه أو وطنيه، والمتطوع يكتسب أمورا عده في حياته الاجتماعية أو العلمية، وقبل هذا يكتسب ثوابا من الله وأجرا على ما يقوم به في هذا التطوع؛ وأوضح أيضا أنه لا يخفى بأن مجالات التطوع عديدة وتختلف من مجال لآخر؛ ولكنها تقودنا جميعها إلى هدف نبيل في النهوض بالمجتمع وازدهاره.
وقال «لعلي أتكلم عن المجال الصحي بحكم التخصص فهذا المجال يحتاج للعمل التطوعي، بل أن التطوع يعد ركيزة هامة من خلال تقديم يد العون للمجتمع، وذلك من خلال عدة جوانب كالتوعية والإرشاد في جميع التخصصات الصحية في اَي مكان وزمان».
من جهته أوضح طالب كلية الصيدلة عبد الهادي القرني، أن التطوع ركيزة أساسية دینیة ووطنية، وهو محور من ثمانية محاور لرؤیة الوطن ٢٠٣٠، فبالتطوع تنهض الأمم ويخرج الفرد من الحیاة المادية البحتة لمعني أهم وأسمى.
وقال «من واقع تجربة استخلصت إن التطوع كالبذرة تنمو فتصبح شجرة وكلما اعتنیت بها تلذذت بثمارها اليانعة، واستظللت بظلالها، فالنفع في المقام الأول لذاتك باكتساب الخبرات والمهارات التي ترتقي بك لمصاف الناجحین، ویمتد هذا النفع للمجتمع بسد احتیاجاته وتقویة الترابط والتكاتف بین افرداه».
رفعة الوطن وإنماء المجتمعات
أما الطالب محمد عفتان، فأوضح أن العمل التطوعي هو تقديم المساعدة والعون والجهد من أجل تحقيق الخير للمجتمع عموما ولأفراده خصوصا.
وقال «أطلق على العمل التطوعي هذا الاسم لأن الإنسان يقوم به طواعية دون إجبار من الآخرين، ويعد العمل التطوعي ركيزة من الركائز الهامة لرفعة الوطن وإنماء المجتمعات، ونشر قيم التعاون والترابط بين الناس، إضافة لكونه سلوكا إنسانيا فريدا يدل على مقدارعال من العطاء والبذل وحب الخير للإنسانية».
وأضاف «من فوائد العمل التطوعي تنمية المجتمع والعمل على رفعته ورقيه، بالإضافة إلى مساعدة غير القادرين على الحصول على الخدمات، وإقامة العلاقات الجديدة وبناء الصداقات المختلفة».