المستجدات ومحاولة التكيف.. تجارب من الخوف والتحدي

تاريخ التعديل
سنتان شهران
المستجدات ومحاولة التكيف.. تجارب من الخوف والتحدي

تعتبر المرحلة الجامعية من أهم المراحل الدراسية في حياة كل طالب، وهي المرحلة التي يحلم بها جميع الطلبة ويسعون من أجلها منذ الطفولة، إلا أن هناك العديد منهم يفقد هذه الحماسة والرغبة في الإكمال مع بداية الأسابيع الأولى؛ فأنظمة الجامعة المختلفة تمامًا عن المدرسة الثانوية، الطلاب والطالبات، أساليب التدريس، اختلاف القاعات والجداول ، اختلاف الأنظمة وتباعد الأصدقاء، كل هذه من الأشياء التي قد تفقد الطالب عزيمته في بداية مشواره الجامعي. فبعض الطلبة يعانون من مشاكل نفسية وجسيمة إثر عدم التكيف، وبعضهم يعانون من مشكلات الفراغ، وبعضهم يعانون من مشكلات انفعالية، وبعضهم أسرية وبعضهم دراسية.

هنا نستعرض نماذجًا لمثل هذه المشكلات التي عانين منها الطالبات في بداية حياتهن الجامعية، إثر عدم التكيف

غاية في الصعوبة

تحكي الطالبة شهد علي من قسم الإعلام والاتصال، عن أيامها الأولى في الجامعة ومحاولة التكيف مع الطالبات والأوضاع والأنظمة الجديدة، قائلة: «لقد كانت الأسابيع الأولى غاية في الصعوبة، كنت أشعر برغبة بالغة في عدم الإكمال، لم أمتلك القدرة على التركيز في محاضراتي أو واجباتي، وكانت تعتريني رغبة بالغة في البكاء دون سبب، الأمر الذي أفقدني شغفي في الجامعة وفي هذا التخصص تحديدًا .. كان لابتعادي عن صديقاتي وعن المجتمع الذي اعتدت على أن أكون فيه، الدور الأكبر في عدم قدرتي على التكيف مع الجامعة، وبسبب عدم التكيف واجهت مشاكل صحية مثل فقدان الشهية وعسر في الهضم، وتشتت في التركيز".

 

 

 

التعليم مسؤوليتي أنا

من جانبها قالت الطالبة بقسم الإعلام والاتصال  سارة دليم « انتقالي من شخص معتمد كليًا على الأهل أولًا في أمور الحياة ثم على المعلمين والمعلمات، إلى شخص مستقل، عليه واجب السعي لأخذ المعلومة والمحافظة على الدرجات والحرص على الحضور، سبب لي قلقًا بالغًا في البداية! في المدرسة كنا معتادين على فكرة أن التعليم مسؤولية المعلم، أما  في الجامعة بدأت الاحظ أن التعليم مسؤوليتي أنا كطالبة، وأن حضوري وتغيبي لن يفيد أو يضر أحد غيري.

منذ الطفولة كنت أرغب في دراسة تخصص صحي، والإعلام لم يكن من اهتماماتي أبدًا، مما ساهم في تعقيد أمور الدراسة، وجعلني أشعر بعدم الرغبة في إكمال الدراسة، وعدم رغبة في الحضور أو التفاعل كبقية الطالبات اللاتي تبدو عليهن ملامح إعلاميات واعدات، فكرت كثيرًا بتغيير التخصص، فكرت بالاعتذار عن الترم، كل هذه التخبطات زادت من عدم  تكيفي مع الجامعة، لكنني قررت أن أمنح نفسي فرصة، وحاولت أن أُلمّ بجوانب التخصص وأتعرف أكثر عليه، من خلال البحث والقراءة وسؤال طالبات الإعلام من مستويات عليا، الأمر الذي ساعدني قليلًا في تقبل التخصص، والتكيف مع الجامعة.

المحاورة وطرح الأسئلة

كما قالت الطالبة الهنوف عبدالله من قسم الإعلام والاتصال"  من أكثر الأمور المفيدة جدًا في تجربتي الجامعية والتي كانت مقلقة كثيرًا في البداية؛ هي قدرتي على المحاورة وطرح الأسئلة بجرأة أمام الجميع، والخوض في نقاشات مع الطالبات ومحاولة التكيف والتأقلم معهم، وهو أمر لم نعتد على القيام به في المرحلة الثانوية، فكان التعليم تلقيني بحت، لا مجال فيه للنقاش، بخلاف الجامعة التي أتاحت لي هذه الفرصة وزادت من ثقتي بنفسي وقدرتي على الحوار، بعد أن كنت خجولة وقلما تعتريني جرأة النقاش أوالسؤال".

مكتبة الجامعة

وقالت الطالبة رهف عبدالرحمن من قسم الإعلام والاتصال " أوقات الفراغ كانت من أصعب الأوقات داخل الجامعة لأنني لم أكن أعلم ما أشغل وقتي به، لم أكن أشعر برغبة في تكوين الصداقات أو الاندماج مع الطالبات، فكونت علاقة جيدة مع مكتبة الجامعة وقضيت معظم وقتي بها وحاولت أن أشغل وقت فراغي بالقراءة، فتعرفت على العديد من الكتّاب وقرأت في مجالات عديدة، الأمر الذي ساعدني كثيرًا في تزجية الوقت، كذلك كنت أستمع للكتب الصوتية وبرامج البودكاست المسلية والمفيدة، لكن بالطبع لم تكن كافية، كان لابد من كسر حاجز الانطواء ومحاولة تكوين صداقات، الأمر الذي كان أسهل بكثير مما تخيلت، فالأصدقاء كان لهم دور كبير في زيادة تكيفي من الجامعة والحياة الجامعية بصفة عام".

صداقات وفعاليات

وتحكي الطالبة شهد خالد من قسم اللغة الانجليزية، عن تأثير مشكلة عدم التكيف على علاقتها بأسرتها، وأنها أصبحت انفعالية جدًا وغير قادرة على التفاهم مع إخوتها أو عائلتها، حيث قالت" في الشهر الأول لاحظت أن علاقتي بأهلي وأخوتي أصبحت معقدة جدًا بل وتزداد سوءًا يومًا بعد الآخر، وعندما حاولت العثور على سبب هذا التعقيد لاحظت أن التفاهم معي أصبح أمرٌ غاية في الصعوبة -على حد تعبيرهم-، هنا أدركت تأثير ما أعاني منه في الجامعة على علاقتي بأهلي، وأن مشكلتي الأم هي عدم قدرتي على التكيف مع حياتي الجديدة، في البداية حاولت أن أفصل بين ما يحدث في الجامعة وما يحدث في المنزل، وأن لا أخلط الأمرين معًا، خاصة المنزل الذي يجب أن يكون مكان للطمأنينة والراحة وليس لجلب المشاكل وتعقيد الأمور، فحاولت حل المشكلة من أساسها، حاولت أن أتأقلم مع الجامعة وذلك بعقد الصداقات والمشاركة في الفعاليات، والتركيز فقط على الدراسة وتجاهل أي شيء آخر من شأنه أن يعكّر صفوي أو يفسد علاقاتي، اليوم وبعد مرور ما يقارب الثلاثة أشهر، أستطيع القول بأنني نجحت في التكيف مع الحياة الجامعية، وحافظت على علاقتي بأهلي، وعقدت صداقات جديدة أفتخر بها، وصنعت ذكريات سعيدة".

تأثير الأصدقاء

بدورها بينت الطالبة شموخ سعيد من قسم اللغة العربية تجربتها قائلة" من الأمور التي عانيت منها كطالبة مستجدة هو  عدم إدراكي المسبق بأهمية الجامعة وجدّيتها، كنت إلى حدٍ ما متهاونة في بعض المواد، ومتهاونة في الحضور والتأخير وفي الاستذكار والمراجعة، وأحد الأسباب الكامنة خلف ذلك هي الرفقة السيئة، لم أدرك أثرهم علي إلا حين ابتعدت عنهم ورافقت طالبات مهتمات بالدراسة والدرجات لتتحسن درجاتي بشكلٍ ملحوظ في المستوى الثاني، فالأصدقاء لهم تأثير كبير على الطالب حتى لو كان يعتقد بأنه شخص لا يتأثر؛ صداقاتي الجديدة جعلتني أدرك أهمية الدراسة وأهمية الحضور وأهمية تسجيل المحاضرات والملاحظات بنفسي وعدم الاعتماد على الآخرين، كذلك تعلمت منها كيفية قضاء أوقات الفراغ في أشياء مفيدة نافعة، كزيارة المكتبة والاشتراك في الأندية والفعاليات.

 الإرشاد الأكاديمي

 وعن الحلول المقترحة لمساعدة الطالبات المستجدات تحدثت لنا الدكتورة مواهب ابراهيم محمد من قسم اللغة العربية  قائلة" اهتمت جامعة الملك خالد بالطالبات وبصفة خاصة الطالبات المستجدات حيث يتم تعريف الطالبة بكل قواعد وقوانين  الجامعة من خلال الإرشاد الأكاديمي وتهيئة الجو الأكاديمي، وإقامة الدورات التدريبية والإرشادية للطالبات حيث أن هنالك لكل طالبة مرشدة أكاديمية  تعينها في مسيرتها التعليمية، وتساعدها في فترة تسجيل المواد وحذفها،  الطالبة المستجدة وغيرها تجد الرعاية التامة من قبل الجامعة، ولا توجد أي فجوة  بين الطالبة والدكتورة (المرشدة الأكاديمية".

 زينب أحمد ، لميس إبراهيم ، شرعاء مطلق