ذوو الاحتياجات الخاصة: همتنا مع أصحاب الهمم العالية

تاريخ التعديل
5 سنوات 11 شهراً
ذوو الاحتياجات الخاصة: همتنا مع أصحاب الهمم العالية

رائدة آل محي..والجوهرة الشهراني


ذوي الاحتياجات الخاصة فئة من فئات المجتمع المهمة والفاعلة التي كثيرا ما يغفل الناس عنها عمدا أو سهوا، ويتناسون دمجهم في المجتمع كأعضاء فاعلين ومؤثرين لهم دورهم الطبيعي كغيرهم من الفئات، ولهم حقوقهم وعليهم واجبات سواء كانوا دارسين أو موظفين، على المؤسسات أن تتعامل معهم وفق طبيعة احتياجاتهم وتوفر لهم المعينات التي يحتاجونها في القيام بواجباتهم الأكاديمية أو الوظيفية.
والجامعات كمؤسسات فاعلة وضرورية تلعب أدوارا مهمة في تطور ونهضة المجتمع ويقع على عاتقها مسؤولية بناء القدرات والكفاءات المتخصصة التي تتولى الأداء العام في الدولة، عليها أن ترتقي بمستوى خدماتها، خاصة مع المتغيرات العالمية الراهنة التي حددت شروطا بعينها كمعايير لقياس جودة أداء تلك المؤسسات والحكم عليها، ومن ضمن ما يجب أن تهتم به الجامعات هو الاهتمام والقيام بمسؤوليتها تجاه تلك الفئة من الطلبة لديها باعتبارها مؤسسات تربوية وتعليمية تنمي قدراتهم وتحفزهم على الإيجابية والعطاء لتلعب دورها في إعداد شباب مؤهل تعليميا ونفسيا قادر على أن يكون قياديا وفاعلا في تنمية ونهضة مجتمعه.

السياسات الداعمة
من أبرز وأسمى أهداف خطط التنمية الخمسية في المملكة، التي بدأ تنفيذ أولها عام 1390 تطوير الموارد البشرية، من خلال التركيز على التعليم والتدريب لجميع فئات المجتمع، بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة، ويقضي الأمر السامي رقم 7/ب/12814 في 13/8/1420 بتمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من الدراسة في جامعات، وكليات المملكة، وتقديم الإعانات المادية اللازمة لذلك ولكن نتيجة لضعف الوعي المجتمعي بشكل عام حول أحقية الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم، سبباً في إهمال توفير حقوقهم، ومتطلبات تعليمهم العالي.

كفيفة في أروقة الجامعة
غنيمة سعد العنقري  كفيفة منذ الولادة وهي الآن في الـ 25من عمرها، أكملت دراستها الثانوية، وتخرجت من جامعة الملك سعود بدرجة بكالوريوس تربية خاصة مسار صعوبات التعلم ولم تكتفي بتعليمها الجامعي، فهي الآن  تعمل على إكمال رسالتها للماجستير في مجال الإتصال المؤسسي بإدارة البنوك.
بداية التحقت بمعهد النور للكفيفات بالرياض لدراسة جميع المراحل الدراسية من الإبتدائي إلى الثانوي، ثم التحقت بجامعة الملك سعود، ولكن  صادفتها الكثير من العوائق في مسيرتها الدراسية مثل عملية الدمج، فسابقا كانت تصادف الكفيفات بالمعهد وبعد انتقالها للجامعة صدمت غنيمة، حيث إن الاندماج مع الآخرين صعب بالنسبة لها، فالبعض ينظر بشفقة والآخر ينظر بنقص مع أنها مقتنعة أنها إنسانة عبقرية لا ينقصها إلا النظر الذي لم تراه عائق أبدا.

معاناة المقررات الدراسية
تقول غنيمة: كنا نعاني من المقررات الدراسية  أشد عناء لأننا تعودنا مسبقا بالمعهد أن المقررات جاهزة وموفرة لنا، أما في الجامعة فالكتب التي تطلب لا يتوفر منها بطريقة برايل ومؤلفي الكتب يرفضون إرسال الكتب لنا إلكترونيا لتحويلها بطريقة برايل بحجة أنها من حقوق المؤلف.
وتستطرد حول الصعوبات التي تواجههم في الجامعة حيث تقول: من الصعوبات عدم ترقيم القاعات والمواصلات بطريقة برايل ‏إضافة إلى بعض المواد التي لا تناسبنا وعدم تفهم بعض الأساتذة مثل شرح مسألة رياضية على السبورة وغيرها الكثير.
غنيمة أيضاً نسبت الفضل لجامعة الملك سعود في تفهمها الجيد لهذه الفئة، فقد قبلتها في مرحلة الماجستير وهي بسن 21 رغم أنها لم تسمع من قبل قبول للدراسات العليا بهذا السن.
وتمنت  غنيمة أن تحذو الجامعات الأخرى  حذو جامعتها وتتفهم طلابها المكفوفين  لافتة إلى أن مركز ذوي الإعاقة وفر لهم مرشدة أكاديمية تستطيع اللجوء لها في بعض الأمور الأكاديمية مثل تعديل الجداول وبعض الاستشارات.
وقالت «المركز لا يقتصر على المرشدة الأكاديمية، فهناك مرشدة تقنية وأخصائية اجتماعية ونفسية، ووفرت لنا أجهزة برايل وأهمها جهاز برايل سنس وبرنتو وآلة بيركنز وقارئات الشاشة بأجهزة الحاسب والسطر الإلكتروني بطريقة برايل وأجهزة التكبير لضعاف  البصر».
وأضافت «هناك خدمة جيدة في آخر  سنتين وفرتها الجامعة بالمكتبة المركزية وهي توفير قاعة كبيرة جدا لنا تحتوي على موظفات مخصصات فقط لخدمتنا بالمكتبة من توفير الكتب والمراجع البحثية بدلا من البحث عنها بالمكتبة».


البيئة الملائمة
بتسليط الضوء على جامعة الملك خالد في منطقة عسير، والتواصل مع  وكالة شؤون الطالبات وصلنا إلى  أنها هيّأت مباني الكليات للطالبات من ذوي الاحتياجات الخاصة بدءا من دخولهم للكلية، ووصولهم إلى القاعات الدراسية في الطوابق العليا.
ومن نماذج ذلك ما قامت به كلية المجتمع بخميس مشيط (شطر الطالبات) حيث وفرت بطاقات خاصة لطالبات من ذوي الاحتياجات الخاصة، تحملها طوال الوقت لتسهيل أمورهن. إضافة الى اهتمام الجامعة في الطلاب ومساعدتهم في المشاركة بالبطولات الرياضية وتكريمهم على ما يبذلونه من مجهود ودعم مواهبهم.

دور التقنية
كما إن استخدام التقنيات في حياة التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة لها العديد من الفوائد التي تعود عليهم سواء من الناحية النفسية أو الأكاديمية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، فمن الناحية النفسية أثبتت دراسات علمية عديدة أن لاستخدام بعض التقنيات كالحاسب الآلي مثلا دورا كبيرا في خفض التوتر والانفعالات لدى الطلاب، حيث تتوفر برمجيات software فيها الكثير من البرامج ذو طرق مختلفة وبالتالي تخفف كثيرا من حدة التوتر والقلق النفسي لديهم ولذلك يجب ان تستخدم هذه الوسيلة كمعزز إيجابي أو سلبي في تعديل سلوك ذوي الاحتياجات الخاصة.
وهناك دراسة علمية أخيرة نوقشت كرسالة ماجستير بجامعة الملك سعود «فاعلية برنامج حاسوبي في تعديل سلوك النشاط الزائد وخفض وقت التعديل باستخدام تصميم العينة الفردي لفئة التخلف العقلي البسيط»، وأثبتت نتائج الدراسة فاعلية البرنامج الحاسوبي في تعديل سلوك النشاط الزائد للمتخلفين عقليًا بدرجة بسيطة، كما ظهر أيضًا من نتائج الدراسة تحسن بعض السلوكيات المصاحبة لسلوك النشاط الزائد كتشتت الانتباه والاندفاعية وفرط الحركة (صفر،1426) كما أظهرت العديد من الدراسات فاعلية البرامج الحاسوبية في خفض التوتر والنشاط الزائد لدى ذوي الاحتياجات الخاصة، وأوضح معالي مدير الجامعة الدكتور فالح السلمي خلال احتفال الجامعة باليوم العالمي للإعاقة العام الماضي، استعداد الجامعة بتقديم أفضل الخدمات لذوي القدرات الخاصة من تسهيلات وغيره.

جوانب النقص
وفي مقابل ذلك فلا يوجد في الكليات مكاتب مهيأة ذات اختصاص بشؤون الطلاب والطالبات من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أن الصفحة الخاصة بهم على موقع الجامعة فارغة تماما وهذا يجعل التواصل بينهم وبين الجامعة متعثر للاستفسار حول أمورهم وتحقيق مطالبهم.

 


دعم كبير من الدولة لتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة
حرصت حكومة خادم الحرمين الشريفين على الاستفادة من طاقات ذوي الاحتياجات الخاصة، وتفجير طاقاتهم بما يمكنهم من مساعدة أنفسهم وتوفير حياة كريمة لهم من ناحية، وبما يصب في خدمة الاقتصاد الوطني من خلال تفعيل هذه الشريحة المهمة من المواطنين من ناحية أخرى.
 وفي هذا السياق فقد قررت وزارة العمل السعودية احتساب الموظف السعودي من ذوي الاحتياجات الخاصة بعدد 4 سعوديين في نسب التوطين، واشترطت الوزارة على صاحب المنشأة الذي يوظف ذوي الاحتياجات الخاصة لأجل احتسابه بـ 4 سعوديين في التوطين، أن يوظف سعوديا آخر في التأمينات وفق الدوام الكامل ليتم احتساب النطاقات للمعاق.
كما بينت أن صاحب المنشأة إن كان من ذوي الاحتياجات الخاصة فلا يتم احتسابه بـ 4 أشخاص في «نطاقات» إلا بتوظيفه سعوديا آخر، وتسجيله في التأمينات وفق الدوام الكامل.
دراسة تكشف أكثر ما يفكر فيه السعوديون
وكانت وزارة العمل قد حددت سابقا شروطا لاحتساب العامل السعودي من ذوي الاحتياجات الخاصة القادر على العمل في نسب التوطين بـ 4 سعوديين لصالح الكيان الذي يعمل لديه، حيث اشترطت أن يكون الحد الأدنى للأجر الشهري له 3000 ريال، وألا يكون محسوبا في نسبة التوطين لدى كيان آخر.
 هذا وبينت الوزارة أن عدد العاملين من ذوي الاحتياجات الخاصة القادرين على العمل إن تجاوزت نسبتهم 10% من عدد العاملين السعوديين في ذات الكيان، فيحتسب كل عامل من ذوي الاحتياجات الخاصة القادر على العمل يزيد على 10% كأي سعودي آخر.