أوقاف خالدة
د. ناصر آل قميشان
رئيس لجنة الحفل
على مدى عقود ماضية تزيد عن الأربعة تعمقت في منطقة عسير مسيرة التعليم العالي، واتخذت منذ عقدين مسارا جديدا بإنشاء جامعة الملك خالد حيث توسعت فيها الكليات والتخصصات وازدادت البنية التحتية قوة ومتانة.
في هذه الرحلة ضخت الدولة مليارات الريالات لتكوين طاقات مادية كبيرة، كما ظفرت المنطقة بآلاف الطاقات البشرية التي تسلحت بالعلم في أرقى الجامعات العالمية، وظفرت الجامعة بمواقع ومساحات شاسعة في قلب المنطقة وأطرافها، وتشكلت مع الوقت هيبة الجامعة وصورتها الذهنية قائدة للتنمية ورائدة في دفع عجلة التقدم ورسم صورة مثالية لمؤسسات الدولة وقطاعات العمل المختلفة؛ كما انضم للجامعة آلاف من الطلاب والموظفين حتى أصبحت الجامعة موجودة في كل بيت.
إن هذه المقومات التي تتمتع بها الجامعة هي قوة ضاربة لبدء عهد جديد من الاستثمار، تقف من خلاله الجامعة على دعائم راسخة تجعلها تسعى لاستثمار المعرفة وتنمية المكان وتكون لها أموالها الخاصة لتساير ركب توجه الدولة ومنهج كبريات الجامعات العالمية التي تقوم على أوقاف استثمارية جعلتها تحلق معتمدة على قوتها لتزداد قوة وتنطلق لأفق أرحب في التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع.
فإذا ما أضفنا لذلك روح الخير المتجذرة في نفوس أبناء هذا الوطن والتي ترى في دعم أوقاف الجامعة فرصة لكسب أجر متعد يتمثل في مساهمة فاعلة في تحقيق الخير العظيم من خلال مصارف أوقاف الجامعة المعلنة من نشر للعلم والصدقة الجارية وتربية للنشء ونشر لمنهج الإسلام الوسطي عن طريق طلاب المنح.
كل هذا يجعل توجه الجامعة إلى قوتها الذاتية والمجتمعية وتحويلها لأوقاف استثمارية، ذا بعد استراتيجي وهدف كبير يضمن لها الانطلاق بسرعة نحو أهدافها السامية وغاياتها العظمى.
لقد بدأت الجامعة خطوتها بنجاح، حين صنعت خطة استراتيجية لأوقافها ومنحتها الوقت والقدر الكافي من الاهتمام ثم اختارت مجلس نظارة من أعلام المال والأعمال ليدخلوا أروقة الجامعة بفكر جديد يفكر خارج الصندوق. وبعد ذلك درست بيئتها وعرفت نقاط قوتها والفرص المتاحة؛ فبادرت بعرض فرص للاستثمار في الدنيا والآخرة. ولا شك في أن هذه الفرص ليست نهائية؛ بل المجال مفتوح لمشاريع وقفية واستثمارية أكثر تنوعا واستغلالا لمقدرات الجامعة.