"المانجروف" .. حزام عسير البيئي على شاطئ البحر الأحمر
تشكل غابات "المانجروف" على ساحل منطقة عسير في البحر الأحمر , أحد أهم المواقع البيئية التي تتميز بالتنوع الإحيائي وتحظى باهتمام كبير من وزارة البيئة والمياه والزراعة.
وتتركز كثافة "المانجروف" على شواطئ محافظة البرك ومراكز "القحمة" و" سعيدة الصوالحة" و" الحريضة" ، مشكلة حزاماً بيئياً يمزج بين الحياة على اليابسة وفي أعماق البحار.
وتوفر أشجار "المانجروف" الغذاء لبعض الكائنات الحية مثل الطيور والإبل، حيث تمدها بالغذاء الغني بالبروتين العضوي الناتج الموجود في الأوراق والأزهار والثمار إضافة إلى المأوى.
وفي فصل الشتاء، تبدأ قطعان من الإبل رحلة يومية في الصباح الباكر على سواحل عسير للبحث عن أشجار " المانجروف" حيث تتقدم الإبل ذات الخبرة الجموع ثم تنطلق إلى الجزر القريبة من الشاطئ عابرة مياه البحر، فتقضي يومها كاملاً في الاستمتاع بأكل أوراق "الشورى" والاستحمام بمياه البحر، ثم إذا جاء المساء تتجمع في مكان واحد للمبيت في أقرب جزيرة حتى صباح اليوم التالي.
وتشير دراسة أعدها الباحثان الدكتورة عواطف الشريف والدكتور محمود دسوقي تحت عنوان" الإدارة البیئیة المستدامة لغابات المانجروف" إلى أن لشجرة "المانجروف" قدرة على إحداث تغيرات فيزيائية ملموسة بالمناطق الساحلية تنعكس إيجاباً على بيئات هامة مثل بيئة الحشائش البحرية وبيئة الشعاب المرجانية وما يرتبط بهذه البيئات من كائنات.
كذلك تسهم بيئة "المانجروف" في وفرة وتنوع حياة الطيور حيث تتغذى بعض الطيور البرية على الثمار، وبعض الطيور البحرية تتغذى على الأسماك الصغيرة التي تتواجد تحت أشجار "المانجروف"، كما أنها تعتبر مأوى للعديد من الأنواع وبيئة مناسبة لتكاثرها.
كذلك تعدّ غابات "المانجروف" بمثابة حضانة طبيعية للأسماك الصغيرة , حيث إن عدداً كبيراً من الأسماك تضع بيضها في المياه الضحلة قرب بيئة المانجروف.
وبحسب الباحثين "الشريف" و"دسوقي"، يُعتقد أن نباتات "المانجروف" نشأت في مستنقعات وشواطئ البحار في المناطق الاستوائية خلال العصر "الكريتاسي" بالزمن الجيولوجى الثاني والذى يقدر عمره بحوالي 65 مليون سنة، أي أن هذه النباتات ظهرت على ساحل البحر الأحمر في زمن مقارب لزمن تكون البحر 70 مليون نسمة عندما انفصلت قارة أفريقيا عن آسیا، وبالرغم من وجود 70 نوعاً على مستوى العالم من المانجروف إلا أن الموجود بساحل البحر الأحمر نوعان فقط هما "الشورى" و"القندل".
ويشير الباحثان إلى أن ارتفاعات أشجار "الشورى" بالبحر الأحمر تتراوح بين مترين إلى 4 أمتار، وتصل أحيانا إلى 7 أمتار، وتحاط بكثافة عالية من الجذور التنفسية، كما أن لها ثمارًا غضة خضراء اللون ونورات مركبة وأوراق رمحيّة.
وأكدت وزارة البيئة والمياه والزراعة، أن غابات أشجار المانجروف تعد من أكثر النظم البيئية كفاءة في تخزين الكربون، بجانب فوائدها الاقتصادية للمجتمعات المحلية، مشيرة إلى أن المملكة تستهدف زراعة أكثر من 100 مليون شجرة مانجروف خلال الأعوام القليلة المقبلة في إطار تحقيق أهداف الرؤية، حيث تعمل هذه الأشجار على امتصاص الكربون من الجو وتخزينه في أعماق تربتها لعشرات السنين، وبإمكانها تخزين 10 أضعاف كمية الكربون مقارنة بالغابات الأخرى، إضافة إلى دورها الاقتصادي المهم للمجتمعات المحلية، حيث إنها (أشجار عاسلة) تنتج عسلًا ذا قيمة غذائية عالية، وتدخل في صناعة الصبغات والمستحضرات، وأيضًا مناطق جذب بيئي وسياحي وعلمي.
ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، تتميز غابات المانجروف بأنها نظم إيكولوجية نادرة وخصبة، ولكن تتراجع المساحات التي تغطيها بنسبة تفوق بمقدار ثلاث إلى خمس مرات نسبة التراجع العام لمساحات الغابات العالمية، ويقترن هذا التراجع بحدوث أضرار كبرى من النواحي البيئية والاجتماعية والاقتصادية، وتشير التقديرات الحالية إلى أنَّ المساحات التي تغطيها غابات أشجار المانجروف قد انحسرت بنسبة النصف خلال الـ40 عامًا الماضية، حيث يعد الوعي العالمي ضرورياً للحفاظ على النظام الإيكولوجي لأشجار المانجروف.
واس