النيجيري موسى عمران :عدم القدرة على شراء كتب المقررات المدرسية مكنني من إجادة الخط العربي
"أنا طالب مهتم بعلم القراءات فقط، ولست متخصصاً فيه، وإنما أعرف بعض أصول القراءات المتفرقة، وقد جمعت بين ثلاث قراءات فقط دراية ورواية، وحصلت على إجازة في واحدة منها وهي رواية حفص عن عاصم".
هذا ما قاله لآفاق الطالب والباحث بمرحلة الدكتوراه بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية الشريعة موسى عمران من دولة نيجريا، كما بين بعض الأسرار لاكتساب المواهب ، وكذلك كيفية التطوير الذاتي للموهوبين .
من هو موسى عمران وكيف كانت رحلته العلمية ؟
موسى عمران أبولوري من مواليد مدينة لاغوس عام 1984م؛ ولاية لاغوس جنوب نيجيريا، ترعرعت في كنف والداي، تتلمذت على يد والدي ؛ فدرست مبادئ النحو والصرف والكتابة ، ولما ناهزت العاشرة من عمري، بدأت رحلتي العلمية ، وسافرت إلى مدينة إيوو – ونزلت عند الشيخ السني مسلم مقدم حسين، وأخذت عنده مبادئ علوم متفرقة ؛ من فقه وتفسير فرائض وآداب إسلامية ونصوص أدبية وغير ذلك. كنت أداوم في المدرسة العربية لجمعية إصلاح الدين الإسلامي، بمدينة إوو، حيث تخرجت فيها بالشهادة الثانوية بتقدير ممتاز سنة 2001م.
ثم رحلت إلى مدينة إلورن ؛ فبدأت رحلتي العلمية الجامعية ؛ بجامعة الحكمة، ثم التحقت بجامعة أفريقيا العالمية في الخرطوم –السودان- فتخرجت من كلية التربية ، وحظيت بتقدير ممتاز في الدراسات الإسلامية سنة 2006م.
وحصلت على شهادة الدبلوم العالي في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بجامعة الملك سعود بالرياض سنة 2011م.
ثم نلت منحة دراسية لكي أواصل دراستي العليا بجامعة الملك خالد بأبها سنة 2014م ؛ وفيها حصلت على شهادة الماجستير في العقيدة والمذاهب المعاصرة ؛ بتقدير ممتاز بدرجة الشرف الأولى سنة 2019م، فارتقيت بمنحة أخرى ، لمواصلة رحلتي العلمية لدرجة الدكتوراه في التخصص نفسه بالجامعة.
ما هي تحديات رحلتك التعليمية ؟
أصعب لحظات رحلتي التعليمية هي ما عشته في السودان؛ وذلك من خلال ما واجهني أنا وزملائي في الرحلة من تعب تمثل في قلة معونة السفر، من نيجيريا، وصعوبة الإعاشة في البلاد؛ لأننا لم نحصل على المنحة الدراسية لتلك المرحلة –الجامعية- .
الا أننا حصلنا بعد ذلك على موافقة جامعة أفريقيا العالمية لنكمل فيها دراستنا ، وذلك بمساعدة مادية من ندوة العالم الإسلامي.
ماهي فلسفتك الاجتماعية ؟
أنا إنسان طبيعي، وأمارس التكيف البيئي؛ أحب الرياضة إلى أقصى درجة، مؤمن بأن التربية والتعليم هما باب رقي المجتمع والسلوك السوي، وعلى ذلك أسير في حياتي معالجاً لكثير من مشكلات بعض الطلاب.
تلقب ب( موسوعة المواهب ) ؛ هل مواهبك طبيعية أم مكتسبة ؟ وما فعلت بتطويرها ؟
أولا: أود أن أوضح نقطة مهمة قبل الإجابة على هذا السؤال، وهو : أنني طالب مهتم بعلم القراءات فقط، ولست متخصصاً فيه، وإنما أعرف بعض أصول القراءات المتفرقة، وقد جمعت بين ثلاث قراءات فقط دراية ورواية، وحصلت على إجازة في واحدة منها وهي رواية حفص عن عاصم. وعودة إلى السؤال المحوري.. أقول: اعتماداً على نظرية علمية تربوية، فليس هناك مواهب تأتي صدفة، وإنما هي عملية إجرائية لإظهار تلك المواهب المودعة في الإنسان، ولكل من هذه المواهب قصة طويلة، ولكن أختصر في التعبير عنها ؛ أنني جمعت بين طبيعية بعضها مع اعترافي بالأسباب، واكتساب البعض الآخر، مثل الشعر العربي وعلم القراءات...
ماهي الروايتين الأخريين اللتين تمكنت منهما ؟
الروايتين الباقيتين هما، رواية شعبة عن عاصم ورواية ورش عن نافع.
كيف اكتشفت مواهبك ؟
يمكن القول بخصوص موهبة القراءة ؛ بأنني اكتشفته من أول وهلة ؛ حينما عاد أحد أعمامي من رحلة خارجية ، وأتى ببعض أشرطة تحتوي على القرآن الكريم بصوت القارئ عبد الباسط عبدالصمد ؛ وبدأ يرددها بالتنغيم، وقتها لم أكن أتقن قراءة العربية بعد، وكنت أنا وأحد أقاربي نتابعه ونقلده واكتشفت حينها أنني أستطيع تقليد الصوت الجميل.
أما بالنسبة للخط العربي باختصار، فإني أرى أن أوّل اكتسابي للخط العربي هو ما رأيت من والدي، أنه موهوب بالخط الجميل بالعربية والإنجليزية، وكنت أشاهد كيف يكتب ، وكنت أمارسه منذ الصغر، ولكني لم أتمكن من كتابة الخط العربي ذلك الحين ؛ حتى التحقت بالمدرسة العربية لجمعية إصلاح الدين الإسلامي - والخط العربي يحتاج إلى ممارسة وتدريب مستمر، فكنت أستعير بعض المقررات المدرسية من زملائي ؛ لتحريرها و أكتبها باليد لأتمكن من قراءة الكتب ومراجعتها، ورأيت في ذلك الحين أن أمارس وأتدرب على ما قد تعلمنا من قواعد الخط العربي.
هل لهذه المواهب أثر في حياتك ؟
نعم لها آثار إيجابية ملموسة، مثلاً، فإن الخط العربي يكسب الإنسان الممارس له الهدوء، وحب الجمال الطبيعي، والميل إلى المقاييس والتقديرات. ويشعر الإنسان المثقف الثقافة القرآنية بالقرب من الله تعالى ؛ فما يتلوه ويتدبره ويستنير من نوره، ويطمئن قلبه أنه مع السفرة الكرام البررة ،وكذلك البحث العلمي يساعد الإنسان على الاستقلالية العلمية، وبناء الشخصية السوية خالية من التبعية الممجوجة، إلى غير ذلك من الآثار الإيجابية..
ماهي المنافع المادية التي تحصلت عليها من هذه المواهب ؟
لقد استفدت من هذه المواهب ؛ واكتسبت الكثير من الإيجابيات -ولله الحمد والمنة- ويمكن ذكر بعضها على عجالة:
أنني بها أشعر بالمسؤوليات في حياتي العلمية والاجتماعية والثقافية، والهدوء النفسي مع الطمأنينة كما أشعر بالاعتزاز بهذه المواهب .
إضافة إلى أن هذه المواهب قد حفزتني في التقدم الدراسي والاستمرار عليه. وهذه بالنسبة للإيجابيات الروحية أما بالنسبة للمادية، فقد شاركت في عدة مسابقات قرآنية منها محلية و إقليمية، وحصلت على بعض التكريمات القيمة.
و قمت في الأيام السابقة كذلك ؛ بتدريبات على الخطوط العربية لبعض طلبة العلم.
ماهي التحديات التي واجهتك من كل هذه المواهب ؟
أولا: في علم القراءات، لم يتسن لي الفرصة لتعلم بعض ما تعلمت في حلقة قرآنية، وإنما أتعلق بالمقرئين حيث ألتقي بهم لآخذ منهم شتاته، لأطوره بالقراءة أحيانا والتطبيق أحيانا أخرى، وبالنسبة للخط العربي والشعر البليغ، نظرا للتباين بينهما وبين تخصصي من حيثية لغوية وشرعية، أدى إلى المداومة عليهما تارة والانقطاع تارات أخرى.
ما هو أثر جامعة الملك خالد في اكتساب وتطوير هذه المواهب ؟
أولا أقدم الشكر والعرفان الجزيلين لهذه الجامعة العريقة الحبيبة إدارة منسوبين عموما، وإدارة المنح خصوصاً؛ وذلك لتميزهم في النواحي الأكاديمية والسلوكية والمبادرات والدورات العلمية النافعة العالمية. والتي فاقت بها غيرها من الصروح التعليمية. فقد شاركت في دورة الخط العربي مرتين، وشاركت في حلقات القراءات داخل السكن الطلابي والحرم الجامعي، إضافة إلى مسابقات قرآنية تلاوة وحفظا وأعذب التلاوات، إلى غير ذلك من البرامج التطويرية، علاوة على ذلك، فإن إسهامات إدارة المنح بالجامعة، والتي يشرف عليها المشرف العام الفذ الدكتور سعيد بن محمد الشهراني –حفظه الله ورعاه- إسهام لا يستهان به، دائماً تسعى إلى إقامة برامج ودورات تطويرية لا يحصى في أقل من سنتين، وقد شاركت في بعضها؛ مثلا: التطوير الذاتي، صناعة القرارات، برنامج السفراء، إلى غير ذلك من الدورات التطويرية الجمة. جزاهم الله عنا خير الجزاء.
ماهي نصيحتك لزملائك الطلاب من أصحاب المواهب ؟
أنصح نفسي أولا و إياهم بتقوى الله في الخلوات والجلوات ، ثم علينا جميعا بالعزم والمداومة والمتابعة والمصابرة، والثقة النفسية، كل ذلك مع الابتهال إلى الله تعالى أن يمنحنا الفرصة لاكتساب المزيد من المهارات.
أنت على أبواب إكمال الدكتوراه ؛ ماهي طموحاتك المستقبلية ؟
كل الأمور والشؤون بيد الله تعالى، ومن باب التخطيط للمستقبل بإذن الله، فإني أطمح في أن أكون طوداً شامخاً في التربية والتعليم للأجيال الناشئة ، والدعوة إلى الله عز وجل، والقيام بالإرشادات الطلابية.
عبد الرؤوف توفيق