3 نظريات تلخص الحاجات البشرية لرفع الأداء الوظيفي
عبد الله زارب
وجه الدور الكبير الذي يقوم به الفرد في العملية الإنتاجية، انتباه الدارسين والباحثين إلى ظهور ثلاث نظريات تشبع حاجة الإنسان لرفع أدائه الوظيفي، وهي:
نظرية ماسلو
تدرج الحاجات أو تدرج ماسلو للحاجات أو «هرم ماسلو» Maslow's hierarchy of needs وهي نظرية نفسية قدمها العالم أبراهام ماسلو في ورقته البحثية «نظريّة الدافع البشري» عام 1943 في مجلة Psychological Review العلمية.
تتدرج الحاجات في هذه النظرية حسب أهميتها في شكل هرمي، ويتكون هذا الهرم من خمسة احتياجات:
الاحتياجات الفسيولوجية
وفق هرم ماسلو، فإنه بعد إشباع الحاجات الفسيولوجية، تظهر الحاجة إلى الأمان، وهي تشمل:
• السلامة الجسدية من العنف والاعتداء.
• الأمن الوظيفي.
• أمن الإيرادات والموارد.
• الأمن المعنوي والنفسي.
• الأمن الأسري.
• الأمن الصحي.
• أمن الممتلكات الشخصية ضد الجريمة.
الاحتياجات الاجتماعية
بعد إشباع الحاجات الفسيولوجية والأمان، تظهر الطبقة الثالثة، وهي الاحتياجات الاجتماعية، وتشمل: العاطفية الأسرية واكتساب الأصدقاء
الحاجة للتقدير
هنا يتم التركيز على حاجات الفرد في تحقيق المكانة الاجتماعية المرموقة والشعور باحترام الآخرين له والإحساس بالثقة والقوة.
الحاجة لتحقيق الذات
نظرية إي آر جي
هذه النظرية تشابه نظرية ماسلو ولكنها حاولت إعادة تصنيف الاحتياجات إلى ثلاثة أنواع وهي:
• احتياجات البقاء: وهي مرادفة للاحتياجات الفسيولوجية واحتياجات الأمان في النظرية السابقة.
• احتياجات الارتباط، وهي مرادفة للاحتياجات الاجتماعية في النظرية السابقة.
• احتياجات النمو: هي مرادفة لاحتياجات التقدير وتحقيق الذات في النظرية السابقة. أي أن الإنسان يحتاج إلى أن يشعر بنموه الشخصي بتحقيق إنجازات والحصول على التقدير.
هذه النظرية تختلف عن نظرية ماسلو في أنها تقول بأن الاحتياجات لا تتبع هرما مثل ما قال ماسلو، بل قد يحاول الإنسان تلبية أكثر من نوع من الاحتياجات في آن واحد، ولا يوجد تسلسل محدد لها. وهذه نقطة مهمة ودقيقة؛ فالشخص قد يحفز بجوانب تحقيق الذات بالرغم من ضعف تحقيق الحاجات الأساسية (الفسيولوجية).
وقد تجد شخصا قليل الدخل يذهب لحضور مباريات الكرة في الملعب، لماذا؟ لأن احتياجاته الأساسية لم تكتمل وهو يقلل من دخله بدفع ثمن التذكرة ولكنه يجد متعة في ذلك مثل المنافسة والانتماء لفريق.
وفي الوقت نفسه فإن كثيرا من الأحيان يرضى الإنسان بعمل تكون فيه نواحي التقدير أقل بسبب أن العمل الذي يكون فيه التقدير وتحقيق الذات أعلى لا يلبي الحاجات الأساسية، فتداخل الاحتياجات هو أمر معقد؛ فهي قد تتعارض وقد تتفق وقد تسبق هذه تلك.
نظرية العاملَين لهيرزبرج
تقول هذه النظرية إن هناك مجموعتين من العوامل:
الأولى: وهي التي يسميها هيرزبرج العوامل الصحية (أي الأساسية) التي تحقق الحد الأدنى من الرضى، أي إن نقصها يعد عامل تثبيط ومصدر إحباط وبالعكس، وتشمل:
• الاستقرار الوظيفي بمعنى الشعور باستمرارية العمل وعدم التهديد بالفصل.
• عدالة نظم المؤسسة
• المنزلة المناسبة، وهي تشمل المركز الوظيفي والسلطات وساعات العمل ومكان العمل المحترم مثل المكتب المناسب.
• الدخل المادي الكافي والمميزات، وتشمل جميع ما يتقاضاه العامل من أجر ومميزات مثل: العلاج والإجازات ووسيلة مواصلات وغير ذلك.
• الإشراف والذاتية، وتعني وجود قدر من التحكم الذاتي في كيفية أداء العمل.
• العلاقات الاجتماعية الجيدة في العمل.
• ظروف العمل، وهي تعني ظروف العمل المناسبة من حيث وسائل الأمان، وتوفر أدوات العمل والخدمات الأساسية للعاملين.
وحسب النظرية، فإن هذه العوامل ليست محفزات بل إن نقصها يعد عامل تثبيط ومصدر إحباط، وبالعكس فإن توفيرها يجعل العامل راضيا وليس محفزا. أي أنها أشياء لابد من تلبيتها ولكنها وحدها غير كافية للتحفيز.
المجموعة الثانية: هي التي يسميها هيزبرج مجموعة الحوافز وتشمل:
• العمل المثير، أي العمل الذي يرضي اهتمامات العامل وقدراته.
• التقدير، أي التقدير من الرؤساء والزملاء.
• فرص النمو، أي الشعور بوجود فرص للترقي والتطور وزيادة الدخل.
• تحمل المسؤوليات، أي وجود فرص لتحمل مسؤوليات واتخاذ قرارات وقيادة الآخرين.
• الإنجازات، وهي وجود مجال لتحقيق إنجازات وتجاوز الأداء المطلوب .
هذه العوامل هي التي تعد محفزة حسب هذه النظرية، بمعنى أن المجموعة الأولى (العوامل الصحية) لا تؤدي إلى تحفز، ولكن نقصها يؤدي إلى عدم الرضا عن العمل. أما التحفيز فيأتي من المجموعة الثانية. وكأن هذه النظرية تتفق بشكل ما مع نظرية إي آر جي في أن الاحتياجات قد يتم تلبيتها في آن واحد وتتفق مع ماسلو في أن الاحتياجات الأساسية لابد من تلبيتها أولا. وكما تلاحظ فإن هناك تشابها بين مفردات النظريات المختلفة وإن اختلف التقسيم.
هذه النظرية توضح أهمية تصميم العمل بحيث يكون مُمتِعا للعاملين فيعطيهم مجالا للإبداع واتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية وتحقيق الإنجازات.
نقد النظريات
تعرضت هذه النظريات لبعض الانتقادات يمكن إيجازها في مجملها:
• تفترض نظرية ماسلو ترتيبا وتدرجا للحاجات، إلاّ أن بعض الناس قد تختلف في ترتيبهم لهذه الحاجات، فمثلاً الشخص المبدع قد يبدأ السلم من الحاجة لتحقيق الذات، وقد يهتم آخرون بالحاجات الاجتماعية.
• قد يصر بعض الناس على مزيد من الإشباع لحاجة معينة بالرغم من إشباعها بالفعل، وهذا خلاف لما تفترضه النظريات بأنه في حال إشباع حاجة معينة يتم الانتقال إلى إشباع حاجة أعلى منها في السلسلة.
• لم تهتم النظريات بتحديد حجم الإشباع اللازم.
• إغفال الجانب الديني (أو الروحي) على أساس أن للدين أو العقيدة أهمية كبيرة لدى الكثير من البشر بغض النظر عن تلك الديانة أو العقيدة .وهذه النظريات قد ركزت بشكل أساسي على الجوانب المادية أو المحسوسة وأغفلت الجوانب الروحية أو العقدية؛ ومن ثمّ يمكن اعتبار أن إغفال مثل هذه الحاجة يقدح في صحة هذه النظريات، الأمر الذي يوجب إعادة النظر من جديد في ترتيب الحاجات الفسيلوجية للإنسان.