الطالب والكلمة الطيبة

تاريخ التعديل
5 سنوات 5 أشهر

عندما اختلف علي الجو الدراسي حين دخولي مرحلة البكالوريوس وحدثتني نفسي بالانتقال إلى كلية أخرى، رأيتها أفضل لي، واشتد علي هذا الهاجس حتى أسود أمامي كل شيء، وأعددت خطابا ذهبت به إلى عميد الكلية ونفسي مسكونة بالهيبة والتردد، فكلمة عميد لها وقع في النفس عظيم، مددت بالورقة إليه وجلا، فقرأها بتمعن ثم التفت إلي ودعاني إلى الجلوس مناديا على الشاي لي وله.
ثم انشغل عني بأوراق بين يديه، حتى إذا ظن أن نفسي قد ذهب روعها،  فالتفت إلي متبسما، وكنت أظن أن عميد الكلية لا يتبسم، سائلا عن أي المعاهد العلمية قدمت؟
وكانت كليتي المسار الطبيعي للدارسين فيها، فقلت إنما أنا خريج الثانوية العامة «أدبي»، فدعا لي وقال «عظيم جدا».
سألني عن دخولي الكلية أكان بقناعة مني؟ فبادرته بالإيجاب، فطوى الورقة قائلا طلبك مرفوض ثم كانت خمس دقائق نوه فيها بحسن اختياري للكلية، مبينا شرف العلم الذي يدرس فيها مظهرا امتعاضه من سرعة تضجري، ولم يظهر لي وجاهة ما يمكن به قبول طلبي مذكرا بأثر الاستجابة لمطلبي في تأخير سيري الدراسي وعن خيبة أمل الوالدين بهذا، وأن هذا الهاجس سيصاحبني أيضا لو تحقق الانتقال وأن لدي من العزيمة ما يجعلني أتغلب على الصعاب بدليل أني لست من خريجي المعاهد المؤهلين للدراسة في الكلية.
وتوالت عبارات التشجيع وإضاءات الأمل المشرق وأنه سيتابعني ثم ختم عباراته «وما يدريك يا بني لعلك تكون في المستقبل أستاذا في هذه الكلية، ولعلك تجلس على الكرسي الذي أجلس عليه».
خرجت من عنده لا تحملني الأرض انشراحا إذ أشرق أمامي كل شيء ليستمر طريقي الذي لم أندم عليه.  
في نظري أن التواصل مع الطلبة ليس بتخصيص وقت لهم وكتابة موعده على لوحة أمام مكتب المسؤول، وحينما يدخل الطالب لا يجد إلا إعراضا عنه وتسفيها لطلباته وبذرا لكلمات التثبيط وغلق أبواب الرجاء.
فكثير من الطلبة ذوي المشاكل الدراسية يتوقف علاج إشكالاتهم، وتقويم خط سيرهم الدراسي على إصغاء الأذن وإظهار الاهتمام بهم ومنحهم الثقة وتفاعل المسؤول معه، فإذاً الدواء الشافي لهم كلمة طيبة وبذرة تفاؤل.
وكم ينشرح صدرك عندما تصادف أحدهم الآن وقد تبوأ مركزا مرموقا أو تضاعف طموحه؛ لينال الشهادات العليا ليذكرك بدعوة صالحة منوها بكلمتك الطيبة وبذرة الأمل التي انتشلته من مهاوي الضياع وظلام المستقبل.