ذباب.. ذباب

تاريخ التعديل
5 سنوات شهران

كان يوم السبت في المدارس يوما له استعداد خاص، إذ يقوم الأساتذة أثناء الاصطفاف الصباحي باستعراض الطلبة وكل واحد منهم قد أحضر منديلا مثنيا قد فرشه تحت أصابعه الممدودة ممسكا طرفيه بإبهاميه؛ فيتفقد أظفار الطالب وشعره فمن كان طويل الشعر والأظفار أخرجه من الصف وعوقب، فإن عاد الأسبوع التالي وهو على هيئته قام المدير أو المدرس بحلاقة رأسه أمام الجميع، لعل هذا مع متابعة أهالينا كان دافعا لي مع أبناء جيلي إلى المبادرة دوما بعدم ترك شعورنا أو إطالة أظفارنا.
في أروقة الجامعة وفي بعض قاعات الدرس يسوؤك رؤية بعض الشباب وقد نشر شعره بصورة مرعبة فخرج عن حد الملفت للانتباه إلى حد الصورة المنكرة.
بعضهم يعزو فعله إلى عادات قبلية قدم بها من أرضه التي نشأ بها وبعضهم يعزوه إلى التأثر ببعض الصرعات المنتشرة وبعضهم يعزوه إلى الحرية الشخصية وبعضهم يعزوه إلى مرحلة الشباب وطبيعتها التي تريد التميز ولفت الانتباه. 
وقد مر بي من هذه الأصناف إبان عملي الإداري مجموعة؛ فكان بعضهم يستجيب بالنصح وبعضهم قد استعمل معه عدم قضاء حاجته إلا بعد تخفيف شعره وبعضهم كان يكابر ويحاجج بأنه سنة !
أو يلجأ للخديعة فيجمع شعره وراء رأسه ويضم أطراف شماغه على كتفيه كي لا يرى، وأشد هؤلاء على من استعمل معي سلاح الهجوم في حادثة لا أنساها.
 بداية اللائحة الطلابية تمنع هذا وتجعله ضمن ما تشمله العقوبات وقد عمدت بعض الكليات إلى تضييق المجال أمام هؤلاء في أيام الاختبارات، لكن هذا لم ينه هذه المظاهر بدليل وجودها.
وهؤلاء لا بد أن يعوا معنى المدنية وكيف يكون الإنسان مدنيا بالتزام ما تفرضه المدنية من سلوك وهيئة مهذبين أي احترام الفرد للجماعة التي يحيا فيهم والتزامه بأعرافها وأنظمتها، وهذه مسؤولية يقوم بها البيت والمحاضن التربوية والإرشاد الطلابي في الجامعة.
وأما ذباب.. ذباب فكلمات خاطب بها صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه رجلا ثائر شعر الرأس متناثر شعر اللحية بمعنى شر وشؤم فما كان من الرجل إلا أن استجاب لنداء التهذيب والتأديب فجز شعره.