صناعة الإبداع

أستاذ مشارك بقسم الإعلام والاتصال
تاريخ التعديل
سنة واحدة 4 أشهر

 


لقد أصبح الإبداع في العقود الأخيرة صناعة استرعت اهتمام الدول والمجتمعات الحديثة بشكل كبير مما جعلها تستحدث برامج تنافسية لاستقطاب المبدعين من شتى بقاع العالم في مختلف ميادين العلم والمعرفة وهيئت لهم الظروف التي تسمح لهم بالانطلاق في فضاء التميز والابتكار.
وفي هذا الإطار صار لعملية التنمية في التفكير الابداعي دور أساسي وبارز في تقدم المجتمعات في مختلف المجالات الحياتية للإنسان على وجه المعمورة وخاصة في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والانترنت والاقتصاد والطاقة, وظهرت في خضم التحولات التقنية الكبيرة والمتسارعة التي تشهدها البشرية في العصر الحديث دراسات تتناول مجالات الإبداع وأساليب تطويره بحيث حظي هذا الموضوع بأهمية بالغة في العديد من الدول وخاصة في اليابان والصين والولايات المتحدة الأمريكية خاصة بعد خطاب العالم النفساني الامريكي المعروف "جيلفورد " أمام جمعية علم النفس الأمريكية الذي دعا فيه الى ضرورة دراسة التفكير الإبداعي وتحفيز الابداع لدى الشباب لتنمية قدراتهم العقلية والفكرية والمهارية وقدم فيه لأول مرة نموذجا للبناء العقلي للإنسان الذي أصبح في الوقت الراهن هو القاعدة الأساسية التي يُعتمد عليها  في إجراء البحوث والدراسات في مجال التفكير الإبداعي ومنطلقا أساسيا في العديد من المناهج التعليمية والتدريبية الحديثة نظرا لفعاليته, فالأفراد ذوي القدرات الإبداعية  صار لهم دوراً هاماً في التطور والنماء لدى معظم الدول في العالم  وأن عملية التقدم والتطور صارت ترتكز بصفة أساسية على تنمية المهارات الإبداعية المختلفة لكل أبناء المجتمع.
كما نجد أيضا أن العديد من الدراسات العلمية الإبستيمولوجية  تؤكد أن الإبداع ما هو إلا نمط معين في التفكير يمكن اكتسابه وصناعته من خلال عمليات التجدد المستمرة  في التسلسل الفكري والتحليلي للواقع والظواهر والأشياء في البيئة التي تحيط بالإنسان.
وبالتالي فإن الإبداع في جوهره مجال مرتبط سواء بإنتاج  فكرة جديدة أو بتطويرها بشكل مختلف ومتميز وبحسب علماء الطب والفيزيولوجيا البشرية فإن مَلَكَةُ الإبداع موجودة تكوينيا في جزء من دماغ الإنسان وتتفاوت درجة استخدام كل شخص لهذا الجزء في بناء شخصيته وتطوير ذاته . 
ولذا فإنه يمكن تنمية الإبداع لدينا من خلال تنمية هذ الجزء الإبداعي في أدمغتنا عبر اتباع خطوات وضعها هؤلاء العلماء من بينها تحفيز قدراتنا الفكرية لتحسين واقعنا وتعاملنا معه بطريقة عقلانية من أجل فهمه وتحليله بشكل سليم , وأيضا عدم الاعتماد أو الاكتفاء فقط على نمط التفكير العادي السائد الذي يطبعه الجمود والمحدودية بل يجب الانفتاح أكثر فأكثر على الخيال المتشعب والتفكير المتجدد الحركي اللامحدود الذي يطور الرؤى ويقضي على الأنماط المقلوبة ويفتح آفاقا مختلفة للمجتمع ترتقي فيها الأفكار المتجددة والمنتجة للإبداع والتغيير الإيجابي الفعال.