لو كان "أخو نورة" بيننا
بينما كنت أقرأ في سيرة موحد وطننا ورائد نهضته وباني أمجاده الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود -طيب الله ثراه- توقفت لأتأمل بفخر في المكانة التي أصبحت فيها مملكتنا العربية السعودية وإمبراطورية أحلامه وبطولاته الأسطورية. وكيف أصبح اسمها مقرونا بالمجد والعلياء، وتساءلت وأنا أقارن بين ما كانت عليه قبل توحيدها وقبل رحيله عنها وبين واقعها اليوم في عهد ابنه الخامس والعشرون الملك سلمان -حفظه الله- ماذا لو كان الملك عبد العزيز بيننا؟ وشاهد كيف أصبح وطنه الذي وحده قبل 94 عاما.
لو كان "أخو نورة" بيننا؛ سيبتهج كثيرا ويحمد الله مرارا ويسجد له شاكرا، وهو يشاهد وطنه يرفل في الرخاء ويمد للبشرية أيادي العطاء، و يخاطبنا قائلا: هذا هو المستقبل الذي كنت أرجوه لكم، هذا هو وطنكم الذي أصررت على توحيده مستندا على دين محمد وقيم العرب الأصيلة ومبادئ أسرتي النبيلة، هذه سعوديتنا العظمى الذي ناضلت من أجلها، وساندني أجدادكم لأوحدها، ثم سار من بعدي أبنائي سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله وسلمان، وأكملوا مسيرتي بتفانٍ. وها هي بلادنا في عهد "سلمان الحزم" تزداد شموخا وحٌسنا وتصبح جنة في الأرض، وقبلةً يقصدها كل باحث عن الرزق والأمان، وتصبح مثلما يقول حفيدي الشاعر "مهندس الكلمة" بدر بن عبد المحسن: "مثل العروس وكلنا خطابها".
لو كان الملك عبد العزيز بيننا؛ لقبّل رأس ابنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ورأس حفيده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- واحتفى بأمجادهما و طموحاتهما وهمتهما، وساندهما ليكملا مسيرة البناء والرخاء، وتباهى بهما أمام العالم بأسره وأصبح ينتخي بهما حٌبا وفخرا مثلما كان ينتخي بشقيقته "نورة" ويقول: "أنا أبو سلمان" ، "أنا جد محمد".
لو كان "المْعَزّي" بيننا سنقول له: لقد استجاب العزيز -جـل جلاله- لك عندما تمسكت بأستار الكعبة في الهزيع الأخير من الليل عند صلاة الفجر، ودعوته قائلا: »اللهم إن كان في هذا المُلك خيرٌ لي وللمسلمين، فأبقِه لِي ولأولادي، وإن كان فيه شَرٌّ لِي وللمسلمين، فانزعه مِنِّي ومِن أولادي» فبقي حكمك شامخا وتوارث أبنائك الحكم من بعدك، وها نحن نعيش في الدولة السعودية الثالثة التي رسمت ملامحها ونحتفل اليوم بعظيم الحٌب وفخر الانتماء بالذكرى الرابعة والتسعين لتأسيسها على يدك.
واستجاب دعائك لوطنك وشعبك عندما دعوته قائلا: »أسأل الله أن يوفقني لخدمة شعبنا العزيز وتحقيق آماله، وأن يحفظ لبلادنا وأمتنا الأمن والاستقرار، وأن يحميها من كل سوء ومكروه«. واستجاب دعاء المرأة التي قابلتها منفردا في السوق وبرفقتها ثلاثة أطفال عندما أعطيتها بعضا من النقود فدعت لك قائلة: »اللهم أفتح له خزائن الأرض« وقال جلالتك عندما تم اكتشاف النفط في الدمام: »الحمد لله، قٌبلت دعوة أم الأطفال«. وها نحن ننعم بالأمن والرخاء وما زالت خزائن الأرض مفتوحة لوطننا منذ عهدك.
لقد تحولت الرمال في بلادك إلى جنان، وارتدت الجبال من أثواب التنمية كل الألوان، وصار الزهو يطوق كل بقعة في وطنك، حتى أصبح جنة يقصدها السياح من مختلف بقاع العالم ليبتهجوا، ويلجأ لها المُتعبين من قسوة الحياة ليهنئوا ويأمنوا. وأصبح ما يحظى به المواطن في بلادك من سكينة ونعيم وعزة، وحفظ لحقوقه ودعم لأحلامه، هو واقعا يحلم به ملايين البشر من مختلف الأوطان.
ها نحن يا "أخو نورة" نحتفي بمرور 94 عاما على توحيدك لجنتنا في الأرض "المملكة العربية السعودية" ها نحن "نحلم ونحقق" فالمستحيل مفردة لا توجد في قواميس أبنائك وبناتك السعوديين، منك تعلمنا ألا نيأس، وأن نناضل في سبيل تحقيق أحلامنا، وألا نلتفت للحاسدين والحاقدين، وأن نطوق بلادنا بالحٌب والسلام و نبقيها إلى الأبد شامخة "فوق هام السحب".