«المتشرد والحسناء»
حدثت حادثة غريبة في بعض البلدان الغربية، ترويها امرأة جميلة، تقول بأنها كانت تسير في طريق مظلم أو شبه مظلم، وفجأة توقفت سيارتها لانتهاء الوقود منها، وحيث أنها تركت حقيبة يدها في المنزل، ولا تملك بطاقة صراف، ولا نقودا في يدها، ولا هاتف معها، فقد اعتراها الخوف الشديد من المكان وممن حوله، ولا تدري ماذا تفعل؟ وبينما هي في حيرة من أمرها، تترقب ما سيحدث، ويطوف بذهنها كل الأمور السيئة.
فجأة تقول: رأيت بجوار شباك السيارة رجلا متشردا داكن اللون، رث الهيئة، كأنه خارج من أتون يدق بطرف أصبعه على الزجاج.
تقول: فارتعدت فرائصي، وأيقنت بالهلاك، وبعد تردد فتحت قليلا من الشباك، فسألني عما جرى فأخبرته، وقلت بأن زوجي في الطريق، عرف أنها كذبة، فالمكان لا يوجد به إشارة للهاتف.
فقال الرجل: لا تقلقي يا سيدتي، سأحضر لك وقودا بما لدي من نقود، تقول: فغاب عني وقلبي يخفق رعبا، وبعد حوالى الساعة، أقبل مسرعا وهو يلهث ويحمل جالونا من البنزين وأفرغه في خزان السيارة، ثم اعتذر مني بأنه لا يملك سوى القليل من النقود، ولو كان يملك أكثر لاشترى بها جميعا وقودا.
تقول المرأة، ما أن أدرت السيارة حتى دارت، فطلبت منه أن يركب كي أعوضه عن المبلغ الذي دفعه، فرفض وودعني بابتسامة لا تنم على هيئته، وولى عائدا لمكانه ولم ينتظر مني حتى كلمة شكر.
وبعد عدة أيام، تقول المرأة: حضرت أنا وزوجي لذات الموقع فرأيناه على جانب الطريق قد افترش الأرض والتحف السماء، وكنا قد جمعنا له أكثر من مئة ألف دولار، وملابس وطعام وشراب، واشترينا له شقة سجلناها باسمه. كل هذه الإكراميات بما لا يتجاوز العشرين دولارا.
إصنع المعروف فيمن عرفت ومن لم تعرف، فصنائع المعروف تقي مصارع السوء، لا تحكم على الآخرين بمظهرهم، فالمظهر لا ينم على المخبر، فكم من منظر براق صاحبه رخيص المعدن، إياك وإقصاء الآخرين حتى ولو خالفوك في الرأي أو المنهج، فلكل عقل يعيش به، تذكر أن الشهامة ليست حكرا على أصحاب الهيئة الحسنة، فقد تجد في النهر ما لا تجده في البحر.