«د».. دعاء
تراكمتْ عليها الاختبارات واستصعبت عليها المسائل وعجزت عن الإلمام بكل الدروس، ناهيك عن مسؤوليات إخوتها ووالديها في المنزل، سهرت ودرست ما تيسر، وقبل الاختبار أغلقت عينيها ودعت من قلبها، وعن يقين (اللهم إني استودعتك ما حفظت فأعطني إياه وقت حاجتي). خرجت مسرورة فلم يأت من الأسئلة إلا ما استعدّت له!
جلسَتْ أمام لجنة تحكيم رسالتها وهي تلملم أنفاسها المتبعثرة وتضغط على يديها بقوة في محاولة للسيطرة على التوتر ورهبة الموقف.
وقبل بدء المناقشة أغلقت عينيها ودعت من قلبها وعن يقين «ربّ اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي».
خرجت فخورة فرسالتها قبلت واعتمدت وأعلنت اللجنة حصولها على الدرجة مع مرتبة الشرف!
ستة أشهر وملف نقلها لازال قيد التعليق وهي في حيرة وقلق وانتظار، وظيفتها بعيدة وأسرتها مشتتة ونفسيتها متعِبة وأوشك صبرها أن ينفد.
توجهت إلى مكتب المسؤولة وقبل أن تضع قدميها للدخول، أغلقت عينيها ودعت من قلبها وعن يقين «اللهم إني وكلتك أمري واستودعتك همي فبشرني بما يفتح مداخل السعادة في قلبي».
خرجت والدموع في عينيها وأدعية الحمد على لسانها وورقة نقلها في يديها!
سادس استشاري تأخذ موعدا عنده. في صالة الانتظار، قلبها في حنجرتها وعيناها لا تفارق الباب وهي تنتظر نتيجة التحليل بعد ست سنوات عقم. سمعت صدى اسمها حين نودي به. وقبل أن تدخل أغلقت عيناها ودعت من قلبها وعن يقين «ربّ لا تذرني فرداً وأنتّ خير الوارثين».
خرجت مهرولة تبحث عن سجادة تخر عليها ساجدة لله سجدة شكر على بشرى الذرية!
أحيانا يكون الفاصل بيننا وبين أحلامنا وأمانينا «دعاء» يريد به الله أن نقطع حبال أمانينا وتعلقنا بكل ما سواه. فيكون دعاؤنا هو سر معجزة تنتظرنا ومخرج أمان لنا من كل مخاوف الدنيا. وقد أحسن من قال:
وإني لأدعو الله والأمرُ ضيّـــقٌ..
عليّ فمــــا ينفكّ أن يتفرّجا.
ورُبَّ فتىً ضاقت عليه وجوهه..
أصاب له في دعوة الله مخرجا.
فماذا؟ ومن ننتظرُ؟ ولدينا كريمٌ يقول «ادعوني أستجب لكم».