أغنية بحجم الوطن
لا يكتمل أي عيد للوطن دون أن نسمع فيه أول أغنية وطنية سعودية وهي أغنية «وطني الحبيب» لرمزنا الفني الراحل طلال مداح والتي يفدي فيها الوطن بروحه وما ملكت يداه، نسمعها كما لو كانت نشيدا وطنيا يصافح قلوبنا وأرواحنا، ويسكن في عمق ذاكرتنا، نسمعها لنتعلم من طلال كيف نحب الوطن ونفديه بأرواحنا، كيف نحميه ونبجله ونتباهى به.
أغنيات وطنية كثيرة خرجت إلى الفضاء الغنائي في السعودية لكنها لم تنجح في استمالة مسامعنا بشدة نحوها مثلما فعلت «وطني الحبيب» التي تعاقبنا كأبناء للوطن على سماعها منذ عهد ثاني ملوك وطننا الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله وحتى اليوم.
يبلغ عمر تلك الأغنية 58 عاما، حيث قام طلال بتسجيلها في عام 1381، ويعود نص الأغنية لعضو هيئة التدريس في كلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك سعود الدكتور مصطفى محمد بليلة، حيث كتب كلماتها عندما غمر قلبه الحنين إلى الوطن وهو في الغربة حيث كان طالبا مبتعثا في إيطاليا.
إن ما يجعل أغنية «وطني الحبيب» تحيا للأبد ويتعاقب الأجيال على سماعها هو أن كلماتها التي كتبت بصدق وطلال لحنها وغناها بحب وضمير وإحساس عال، ما جعلها خالدة في أعماقنا، نرددها منذ الطفولة، وترقص أرواحنا بهجة وطربا كلما سمعنا مقدمتها الموسيقية العظيمة التي لا نمل سماعها.
تلك الأغنية عصية على النسيان، تأبى أن تشيخ أو تموت، لا يمكن أن تزيحها أي أغنية وطنية أخرى، ستظل خالدة في ذاكرة كل سعودي وسعودية، فهي لم تكن مجرد عمل غنائي وطني من مغني لوطنه، بل كانت تحفة غنائية فريدة، وصوت كل إنسان من هذا الوطن تجاه الوطن، كما أنها تعد باكورة الأغنيات الوطنية في السعودية.
رحم الله طلال الذي زرع في قلوبنا حب الوطن منذ الطفولة عندما سمعناه يغني بكل صدق «وطني الحبيب»، وكبرنا لنغني للوطن معه، واليوم نجدد الوفاء للوطن في الذكرى 88 لتوحيده، ونغني له مع طلال:
روحي وما ملكت يداي فداه
وطني الحبيب وهل أحب سواه.