إعادة تعريف ضغط الدم

تاريخ التعديل
6 سنوات 7 أشهر

 

في (١٣ نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٧م) أقدمت رابطة أطباء القلب الأمريكية، بالتضامن مع كلية أمراض القلب الأمريكية، ومعهما تسع جهات طبية أخرى، على إصدار إرشادات جديدة متعلقة بإعادة تعريف ضغط الدم في الإنسان، مما سيترتب عليه تغييرات كثيرة في تشخيص مرض ارتفاع ضغط الدم، وطرق علاجه، ونمط حياة الأشخاص والمرضى، ويعتبر هذا أول إعادة لتعريف ارتفاع ضغط الدم منذ أربعة عشر عاما.

درَج الأطباء والعامة على تعريف ضغط الدم للبالغين بأنه ١٢٠ على ٨٠، فماذا يعني هذان الرقمان؟ الرقم ١٢٠ يعني ضغط الدم في الشرايين عندما ينقبض قلب الإنسان ليضخ الدم في أرجاء الجسم، ووحدة قياسه هي الملليمتر من عنصر الزئبق، والرقم ٨٠ هو مقياس الضغط حينما يكون القلب منبسطا، ويتكرر ذلك كل مرة أثناء انقباض وانبساط عضلة القلب، ويقال عن قياس ضغط الدم هذا بأنه الضغط الطبيعي للإنسان الصحيح الذي لا يشكو من العلل والأمراض وتم التوصل إليه بقياس ضغط الدم للمئات أو لآلاف الأشخاص الأصحاء وأخذ متوسط قراءة ضغط الدم لديهم.

وحتى الـ12 من نوفمبر الحالي، كان المتفق عليه بين أفراد المهنة الطبية في أرجاء العالم أن ارتفاع ضغط الدم لدى البالغ يكون من بداية ١٤٠ على ٩٠ ملليمتر من الزئبق فما فوق حتى أعلن الأطباء الأمريكان بالأمس أن بداية ارتفاع ضغط الدم تكون من ١٣٠ على ٨٠ فما فوق، فماذا يعني هذا التغيير الجديد في تعريف ارتفاع ضغط الدم؟

لا شك أن ملايين البشر في الشريحة التي ضغطها بين ١٣٠ على ٨٠ وبين ١٤٠ على ٩٠ سيتم وصمها بأنها فئة مريضة، وعلى سبيل المثال فهذا التغيير الجديد سيرفع نسبة من يعاني من ارتفاع ضغط الدم من الأمريكيين إلى ٤٦٪ من عدد سكان الولايات المتحدة ليصل إلى ١٠٣ ملايين أمريكي، (بعد ما كان ٣٢٪ بمقدار ٧٢ مليون أمريكي) ينضمون إلى الفئة التي تعاني من ارتفاع ضغط الدم ومن ثَم تدخل في قوائم المرضى والمراجعين للكشف الطبي وعمل الفحوصات المخبرية والإشعاعية، ومراقبة المضاعفات المرتبطة بارتفاع ضغط الدم، وأبرزها القلبية والدماغية والكلى، وكذلك تلقي العلاج وامكانيته في التحكم في ضغط الدم ومضاعفاته، بالإضافة إلى تغيير نمط حياة الإنسان، والحصول على الوظائف وفرص العمل، والتأثير النفسي على الأفراد والعائلات، وكل ذلك سيلقي بتبعاته على مهنة الطب وهي تعاني في مجملها حول العالم من نقص في الموارد البشرية وشح في الإمكانات.

وبالرغم من أن التعريف الجديد يمثل تحديا كبيرا للأطباء والمرضى على السواء إلا أن المتوقع إذا بلغ ضغط الدم ١٣٠ على ٨٠ فما فوق ولم تحدث مضاعفات سابقة للشخص أن ينصح الأطباء بالعمل على إنقاص وزن الجسم وممارسة الرياضة والإقلال من الملح في الطعام والاهتمام بأكل الخضروات والفواكه والخبز غير المنزوع النخالة.

والمنتظر أن يثير هذا التعريف الجديد القادم من وراء الأطلسي جدلا علميا واسعا داخل المهنة الطبية قد يستمر بعض الوقت، تتخلله دراسات ومناقشات متعددة وشواهد من الطب المبني على البرهان قبل أن تتوصل إلى صيغة يرضى عنها الجميع وتتلقاها الدوائر الطبية بالقبول.